أجاز البرلمان الأوروبي اليوم تقريراً مثيراً للجدل يتهم بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وعدداً من الدول الأوروبية بالتغاضي عن رحلات وكالة الاستخبارات الأمريكية الجوية لنقل معتقلي القاعدة إلى سجون سرية، في انتهاك فاضح لمعايير حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي. وجاءت إجازة التقرير ب382 صوتاً مقابل 256، وامتناع 74، عقب جدل حاد بين الأعضاء بشأن لغته ومحتوياته. ولم يقدم التقرير، الذي استغرقت تحقيقاته عاماً كاملاً بشأن أنشطة "سي. آي. أيه" في أوروبا، أدلة مباشرة على إدارة الجهاز التجسسي الأمريكي لسجون سرية في أوروبا. وجادل المشرعون الاشتراكيون والليبراليون أن التقرير، الذي أعدته لجنة بالبرلمان الأوروبي، كشف عن سلسلة اختطافات نفذها عملاء أمريكيون وأغفل دور الأجهزة الأمنية الأوروبية. وحذر نواب اليمين الوسط من أن التقرير يتهم الحكومات الأوروبية بالتواطؤ مع برنامج السجون السرية لوكالة الاستخبارات الأمريكية دون تقديم أدلة كافية، وطالبوا بتغيير صياغته. وقال النائب جاس جورونسكي، من تكتل المحافظين الإيطاليين الذي صوت ضد القرار "علينا تحسين هذا التقرير ولا أعتقد أننا نجحنا في ذلك.. ببساطة هذا التقرير لم يحدد أسماء أو يدين الجهات المتورطة.. إنه يصدر إدانات جوفاء للأجهزة الأمنية." وتابع قائلاً "يفترض أن هناك جهة رئيسية مذنبة وهي.. الولاياتالمتحدة." هذا وقد خففت اللهجة الانتقادية لمسودة القرار الأصلية، إلا أن التعديلات لم تكن كافية لتمريره بسهولة. وأزيلت منه مقاطع تنتقد بريطانيا لعدم تعاونها من لجنة التحقيق البرلمانية، بناء على إلحاح نواب حزب العمال، كما خففت حدة نبرته ضد الحكومة الألمانية. وأقرت الحكومة البريطانية، في أواخر يناير الماضى بعلمها بسجون "سي. آي. أيه" السرية قبيل كشف الرئيس الأمريكي جورج بوش علانية عن وجودها في سبتمبر. وجاء الاعتراف البريطاني في رد مكتوب قدمته وزيرة الخارجية مارجريت بيكيت على استجواب للبرلمان. وأشارت بيكيت في ردها قائلة "قبيل كلمة بوش كنا على دراية بوجود برنامج المعتقلات السرية بوجه عام." وقال متحدث باسم الخارجية البريطانية، رفض تسميته، إن بيان بيكيت أول تأكيد على علم الحكومة البريطانية المسبق بالسجون السرية. وكشفت مسودة تحقيق البرلمان الأوروبي التي نشرت في 28 نوفمبر أن 11 حكومة أوروبية من بينها بريطانيا وبولندا وألمانيا - كانت على علم بإدارة جهاز الاستخبارات الأمريكية لسجون سرية في أوروبا.