الاخبار 13/1/2008 لاشك ان طريق التنمية الذي تسير فيه مصر ليس بالطريق السهل بل هو طريق وعر ويحتاج إلي كثير من التوازنات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والقانونية.. إن أهم ما يشغل الرأي العام في مجال الرعاية الاجتماعية وتم طرحه علي الشارع المصري هو موضوع الدعم وترشيده ووضع ضوابط لوصوله لمستحقه. وإنني أري ان طرح مثل هذه الضوابط تحت عنوان الدعم هو بداية خاطئة لان المشكلة يجب الا تقتصر علي مسألة الدعم بل ان المشكلة أكبر من ذلك بكثير لأن الدعم احد جوانبها وليس كل الجوانب ولذلك فإنني اقترح ان يكون الطرح تحت عنوان 'مكافحة الفقر' وليس ضبط الدعم فمشكلة الفقر هي المشكلة الحقيقية التي يواجهها ويهدف الي مواجهتها العدالة والاجتماعية.. إن مكافحة الفقر هي اساس اي تنمية في أي مجتمع حيث ان وجود الفقر في مجتمع معين يدل بصفة اساسية علي أن هناك خللا كبيرا في تركيبة هذا المجتمع ومن ثم يكون العلاج هنا هو علاج لأسباب الفقر ومشاكله ومواجهة قوية لجذوره وطبيعته.. إن معالجة الفقر لا يكون من خلال اعمال خيرية او دعم للطبقات الفقيرة بل هو ضرورة في علاج المجتمع والاسباب التي أدت الي هذه المظاهر. وإذا رجعنا الي تاريخ مصر فإن سياسة الرئيس عبدالناصر كانت سياسية تدعم الطبقات الفقيرة سواء كان ذلك بالتعيين في الجهات الحكومية لمواجهة غير سليمة للبطالة وكذلك دعم كثير من السلع وأهمها السلع الغذائية لدعم هذه الطبقات وبالرغم من ذلك زاد الفقر ولم يشعر الفقير بما يحدث. ولذلك لابد من وضع خطة جذرية تعالج الفقر من اساسه وليس من مظاهرة اي يجب ان نهتم بالنتائج اكثر من الاهتمام بالوسائل. وبالنسبة للاهتمام بالنتائج فإن هذا هو الاساس لمكافحة الفقر بمعي أننا يجب ان نسعي الي ان يتم تسكين الفقير في المكان المناسب له، علي المدي البعيد، وللعمل في نفس الوقت حيث ان البطالة ليست هي كل من لا يعمل بل هي تشمل ايضا من يعمل في مكان غير مناسب فيحصل علي دخل غير مناسب ولا يرقي لسد احتياجته واسرته.. ومن هنا تظهر اهمية الاهتمام بنتائج العدالة الاجتماعية أكثر من الاهتمام بتوفير وسائل قد تكون غير مناسبة بل وغير محققه للعدالة الاجتماعية وقد تستنزف كثيرا من الجهد والمال من الدولة ويبقي الفقير فقيرا.. وعلي هذا لابد ان لا يقتصر تفكيرنا علي معالجة الدعم وكيفية وصوله الي مستحقيه بل لابد من ان نبحث عن وسائل محاربة الفقر الحقيقي لان الفقر قد يكون مخادعا ولهذا فمن الاهمية ان نعرف ماهو الفقر؟ حتي نستطيع محاربته وعلاجه. ولابد ألا نربط بين البطالة فقط والفقر لان الفقر هو عدم القدرة علي موازنة دخل الشخص ومسئوليته عن اسرته مع انفاقه.. ولذلك فإن هناك وسائل معاونة كثيرة لمحاربة الفقر مثل ضرورة وجود نظام تعليم منتظم فيخف عن كاهل الاسرة نفقات الدروس الخصوصية أو ان يكون هناك علاج بمبالغ مناسبة فيخف تكاليف العلاج عن الاسرة حتي بالنسبة للمواصلات ورفع مستوي وسائل النقل فإنها لن تدفع الشباب او غيرهم ليجد ان هناك من الضروريات اقتناء سيارة وما يترتب عليها من تكلفة عالية أو حتي لركوب سيارات الأجرة للتنقل.. وبمعني اخر ان الفقير ليس فقط من لا يجد قوت يومه من المأكل والمشرب ولكنه جزء من منظومة اجتماعية كاملة ويجب علاجها ليس فقط من خلال مساهمة الدولة بل من خلال تشجيع المؤسسات والطرق المؤدية الي مثل هذه المعالجات وخاصة في المناطق الفقيرة ومن خلال الدراسات اللازمة التي توفق بين التدريب في مجالات تتناسب مع متطلبات سوق العمل وآن يتم ذلك من خلال توعية عامة باحترام جميع الاعمال الشريفة حيث أنه من غير المعقول ان نتحدث عن الفقر والبطالة وهناك مصانع لا تجد العمالة المهرة وفي نفس الوقت وفي كل مكان داخل المدن لا نجد المهن المطلوبة بالقدر الكافي مثل النجارة والسباكة وأعمال التمريض ورعاية المسنين وغيرهم وفي المزارع نفتقد للمزارع الجيد الامين المحترف.. ولذلك ولمحاربة الفقر فإن التركيز يكون علي كيفية تحقيق النتائج وليس وسائل المكافحة ومنها الدعم بالرغم من اهميته.. ومن ناحية أخري لماذا لا نجعل العدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر وتحقيق نتائج علمية في هذا المجال أحد الأهداف القومية الرئيسية التي يجب ان يلتف حولها ويشار في تحقيقها كافة اجهزة الدولة والمجتمع المدني والشعب المصري كله. المزيد من اقلام واراء