كتب: منصور أبوالعزم في باب تقارير المراسلين :مرحبا برئيس وزراء اليابان شينزو آبي في أول زيارة له الي مصر منذ تولي رئاسة الوزراء في سبتمبر الماضي, وذلك في إطار جولة له في عدد من الدول العربية الأخري, تهدف الي توسيع وتعميق العلاقات العربية اليابانية التي تعد علاقات متميزة للغاية منذ ما يقرب من قرن من الزمان ما بين علاقات ثقافية وإعجاب متبادل في بداية القرن ال20, الي علاقات دبلوماسية ومصالح متبادلة خلال ال60 عاما الماضية, ولكن قبل الخوض في المصالح المشتركة وسبل توسيع التعاون بين العرب واليابان, فإنه من الضروري أن نلقي بعض الضوء علي حياة وأفكار شينزو آبي, الضيف الياباني الكبير. يعد آبي واحدا من أصغر السياسيين الذين تولوا رئاسة وزراء اليابان بعد الحرب العالمية الثانية, وهو أول رئيس وزراء يولد بعد الحرب, فقد ولد في21 سبتمبر1954 في محافظة ياما جوتشي لعائلة سياسية, فجده كان آبي كان سياسيا ووالده شينكارو آبي أحد أبرز زعماء الحزب الليبرالي الديمقراطي وتولي عدة مناصب وزارية وكان مرشحا لرئاسة الوزراء أكثر من مرة, وأمه يوكو كيشي ابنة نوبوسكي كيشي أحد أبرز رؤساء الوزراء في اليابان في بداية عقد الخمسينيات من القرن ال20. ودرس آبي العلوم السياسية في جامعة سيكي وليس طوكيو أوكيو مثل معظم السياسيين اليابانيين, ثم استكمل دراسته للعلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا الجنوبية لمدة عامين عاد بعدها الي اليابان ليلتحق بعمل ليس له علاقة بالعلوم السياسية بالمرة, حيث عمل في مصنع كوبية الشهير للصلب لمدة أربع سنوات لينطلق بعدها الي عالم السياسة بكل طموحاتها الجانحة حتي أصبح مساعدا لوزير الخارجية ثم السكرتير الخاص لرئيس المجلس العام للحزب الليبرالي الحاكم آنذاك ثم سكرتيرا عاما لأمين عام الحزب, وساعد علي صعوده السريع الهزات القوية التي تعرض لها الحزب منذ عام1993 وأطاحت بعدة أجيال من السياسيين اللامعين, وأصبح عضوا بالبرلمان عام1993 عن دائرة ياماجوتش مسقط رأسه خلفا لوالده السياسي العظيم الذي توفي عام1991. وفي سبتمبر الماضي أصبح آبي رئيسا لوزراء اليابان خلفا ل جونتشيرو كويزومي. وقد نجحت الدبلوماسية اليابانية في أن تجعل من جولة رئيس وزراء اليابان للدول القيادية في منطقة الشرق الأوسط تقليدا ثابتا لرئيس الحكومة اليابانية الجديد, بعد أن كانت تكتفي في السابق بزيارات لوزير الخارجية فقط, فقد زار كويزومي المنطقة مرتين, وها هو آبي يقوم بأول جولة له. ولاشك في أن لليابان مصلحة في سلام واستقرار الشرق الأوسط, وهي تسهم وتنفق من أجل تحقيق ذلك الكثير وإن كان لا يحظي بالتغطية الإعلامية الكافية, ومساعداتها للفلسطينيين علي سبيل المثال منذ مؤتمر مدريد تقترب من المليار دولار, كما أن اسهاماتها في مشروعات التنمية في العديد من الدول العربية لا يستطيع أحد أن ينكرها فضلا عن المتدربين الذين تدعوهم مؤسسة الجايكا الي اليابان سنويا, فقد زاد هذا العدد من مصر وحدها علي سبيل المثال علي ألف متدرب. وقد كان ومازال هاجس تأمين الاحتياجات من النفط الدافع الرئيسي لانخراط اليابان في قضايا وصراعات الشرق الأوسط, فهي تحصل علي86% من احتياجاتها النفطية من المنطقة, والآن بعد دخول الصين وكوريا الجنوبية والهند الي أسواق النفط كمشترين كبار بسبب التطور الاقتصادي الذي تحقق في هذه الدول, فإن اليابان تخشي حاليا من أن تتجه الدول العربية النفطية الي تفضيل الصين وكوريا الجنوبية والهند أو غيرها عليها في مجال النفط, وأن تقل تنافسيتها في مشروعات النفط بالمقارنة بهذه الدول التي يطلق عليها في الأسواق العالمية الجائعة الي الطاقة, في ظل سوق عالمية يشتد الصراع فيها يوما بعد يوم. ولكن اعتقادي أن اليابان تمكنت علي مدي السنوات ال60 التي تلت الحرب العالمية الثانية من بناء علاقات مصالح وصداقة قوية مع العرب, وترسخت هذه العلاقات من الجانبين بحيث لايمكن الاستغناء عنها أو تجاوزها بسهولة, فالتجربة اليابانية تستهوي الكتاب والمفكرين والسياسيين العرب منذ أكثر من قرن مضي, ويزداد اعجاب العرب والمسلمين بتجربة اليابان ونجاحها بمقدار قدرتها الفائقة علي تطوير نفسها وتطوير صناعاتها بصورة مذهلة لتواكب الأجيال المختلفة.