محافظ أسوان يتابع جاهزية مقار اللجان الانتخابية لمجلس النواب 2025    ناجي الشهابي: حزب الجيل الديمقراطي يخوض انتخابات مجلس النواب بمشاركة واسعة    رئيس جامعة بنها يستقبل فريق الاعتماد المؤسسي والبرامجي لمراجعة كلية الطب البيطري    ننشر حركة تداول السفن والحاويات والبضائع العآمة في ميناء دمياط    استلام 790 شجرة تمهيداً لزراعتها بمختلف مراكز ومدن الشرقية    وزيرة التضامن تطمئن على مستوى الخدمات المقدمة لمرضى السرطان بالصعيد    عاجل- مئات المتظاهرين العرب يحتجون أمام مكتب نتنياهو بسبب موجة العنف في المجتمع العربي    تصعيد ميداني وتحركات سياسية في السودان وسط تحذيرات من تفكك الدولة    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و151 ألف فرد منذ بداية الحرب    التاريخ ينحاز لرفاق "صلاح" في سجل مباريات ليفربول ومانشستر سيتي    السجن المشدد 6 سنوات لمالك مستشفى خاص ومديرين في قضية اتجار بالمواد المخدرة    سيارة نقل ثقيل تحطم إشارة مرور بطريق المطار بالإسكندرية    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    استخرج تصاريح العمل خلال 60 دقيقة عبر "VIP إكسبريس".. انفوجراف    آخر تطورات الحالة الصحية للمطرب إسماعيل الليثي بعد الحادث    ما حكم الخروج من الصلاة للذهاب إلى الحمام؟ (الإفتاء تفسر)    صرف تكافل وكرامة لشهر نوفمبر 2025.. اعرف هتقبض امتى    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    القاهرة تحتضن منتدى مصر للإعلام بمشاركة نخبة من الخبراء    شُعبة الدواجن تطالب أصحاب المزارع والفلاحين بأهمية التأمين والتحصين    وزير المالية : "نحن نبني على مسار «الشراكة واليقين» مع المستثمرين"    غرفة البحرين تشارك في منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي    تعليم القليوبية تحيل واقعة تعدي عاملة على معلمة بالخصوص لتحقيق    استشهاد لبناني في غارة إسرائيلية جنوب لبنان    وزارة الثقافة تحتفي باليوم العالمي للطفولة    «أكبر خيانة».. ما هي الأبراج التي تكره الكذب بشدة؟    أهم 10 معلومات عن حفل The Grand Ball الملكي بعد إقامته في قصر عابدين    ورش للأطفال وتوعية وفنون في انطلاق قافلة الثقافة عبر المسرح المتنقل بقرية بنجر 28    فيديو.. عمرو أديب يعلق على انتقادات البعض لتغيير آرائه: أنا لا أحمل رسالة دينية    التفاصيل الكاملة لاختطاف 3 مصريين في مالي.. وتحرك عاجل من الخارجية    ذعر في الولايات المتحدة بعد اكتشاف حليب أطفال ملوث يصيب الرضع بالتسمم    وجبات خفيفة صحية، تمنح الشبع بدون زيادة الوزن    انتظام أعمال الدراسة بالمركز الثقافي بأوقاف السويس    تأجيل محاكمة 10 متهمين بخلية التجمع لجلسة 29 ديسمبر    الأوقاف توضح ديانة المصريين القدماء: فيهم أنبياء ومؤمنون وليسوا عبدة أوثان    «سكك حديد مصر» تشارك في نقل القضاة المشرفين على انتخابات النواب    بين السياسة والرياضة.. أحمد الشرع يثير الجدل بلقطة غير متوقعة مع قائد أمريكي (فيديو)    «كفاية كوباية قهوة وشاي واحدة».. مشروبات ممنوعة لمرضى ضغط الدم    نهائي السوبر وقمة الدوري الإنجليزي.. تعرف على أهم مباريات اليوم    مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى والاحتلال يواصل الاعتقالات في الضفة الغربية    قافلة «زاد العزة» ال 68 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    جاهزية 56 لجنة ومركز انتخابي موزعة على دائرتين و 375543 لهم حق التوصيت بمطروح    برلماني يدعو المصريين للنزول بكثافة إلى صناديق الاقتراع    تشييع جنازة مصطفى نصر عصر اليوم من مسجد السلطان بالإسكندرية    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    الأهلي والزمالك.. تعرف على جوائز كأس السوبر المصري    أمين الفتوى: الصلاة بملابس البيت صحيحة بشرط ستر الجسد وعدم الشفافية    على خطى النبي.. رحلة روحانية تمتد من مكة إلى المدينة لإحياء معاني الهجرة    طولان: محمد عبد الله في قائمة منتخب مصر الأولية لكأس العرب    أجهزة الداخلية تتمكن خلال 24 ساعة من ضبط 337 قضية مخدرات و150 قطعة سلاح    «لعبت 3 مباريات».. شوبير يوجه رسالة لناصر ماهر بعد استبعاده من منتخب مصر    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    قبل بدء التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.. تعرف على لجنتك الانتخابية بالخطوات    الذكاء الاصطناعى أخطر على الدين من الإلحاد    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    بعد مسلسل كارثة طبيعية، ما مدى أمان الحمل بسبعة توائم على الأم والأجنة؟    «الكلام اللي قولته يجهلنا.. هي دي ثقافتك؟».. أحمد بلال يفتح النار على خالد الغندور    حبس وغرامة.. نقيب الأطباء يكشف عقوبة التجاوز والتعدي على الطبيب في القانون الجديد (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أحمد عبد الملك: الخليج ومفاهيم التحديث المُلتَبسة!
نشر في أخبار مصر يوم 28 - 03 - 2013

عاشت شعوب الخليج في تفاهم وتناغم مع حكوماتها منذ أمد بعيد، حيث تبلورت علاقة تعاقدية بين الطرفين منذ القرن الثامن عشر، في بعض البلدان. وتوافقت الشعوب مع العائلات الحاكمة على أن تكون هذه العائلات مسؤولة عن أمنها ومعاشها وفضِّ أي خلاف ينشأ بين أفراد المجتمع بروح من التسامح وقيم الإسلام الحنيف وفي ظل العادات والتقاليد التي تعارف عليها أهل المنطقة.
وبعد استقلال دول الخليج العربية منذ منتصف الستينيات وأوائل السبعينيات وانتهاء حقبة الحماية البريطانية بعد إعلان بريطانيا الانسحاب من المنطقة عام 1968 ومع حلول نهاية عام 1971، بدأت مرحلة تأسيس الدولة المستقلة في الخليج. وقامت دول الخليج بممارسة دورها الكامل على ترابها الوطني. وقامت بجدولة خطط التنمية حسب ظروف كل بلد.
وكان التعليم على رأس تلك الخطط، إضافة إلى تحسين الخدمات الطبية وشق الطرق وربط المدن والقرى بالعواصم. كما قامت بوضع الأسس للأجهزة الخدمية والأمنية والعسكرية. وشرعت في إقامة علاقات دبلوماسية مع الخارج بعد انضمامها إلى الأمم المتحدة. كما اتخذت الإجراءات القانونية لضمان ملكيتها لثرواتها الطبيعية في البر والبحر وعقدت لذلك معاهدات مع الجيران، دونما وصاية من أي طرف خارجي.
وقد درجت العلاقة الأبوية بين الحاكم والشعب جرياً على العادة العربية والاتصال المباشر، حيث يخصص الحاكم يوماً أو أكثر للالتقاء بالشعب ويستمع إلى شكاويه ويلبي طلباته ويحل مشاكل الناس، وكان الحاكم ملاذاً مهماً لحل أية مشكلات أو منغصات قد يتعرض لها الشعب.
وتنوعت المطالبات التحديثية في دول الخليج حسب مقتضيات وظروف كل دولة. فهنالك بلدان كان يوجد فيها حضور عسكري أجنبي في الخمسينيات، ما أثرَ على سير الأحداث على المستوى المحلي قبل استقلال هذه الدول. بينما بقيت دول أخرى في مأمن من تلك المنغصات وحافظت على العلاقة «التوافقية» بين الحاكم والمحكوم.
ونشطت بلدان الخليج دون استثناء في دعم التعليم وإرسال البعثات إلى الخارج وفي جميع التخصصات إيماناً منها بدور الشباب في خدمة بلدانهم. كما تضاعفت ميزانياتها بعد اكتشاف المزيد من النفط والغاز، ما ساهم في إطلاق مشاريع عملاقة واستكمال البنى التحتية في جميع المجالات، وبما يحفظ الأمن والاستقرار وبناء المزيد من المرافق التي سهّلت حياة المواطنين.
وفي مراحل لاحقة، وبعد تخرّج الآلاف من أبناء المنطقة من جامعات عربية وأجنبية وتعرضهم لأنواع شتى من الثقافات والاتجاهات السياسية، واطلاعهم على مواثيق الأمم المتحدة التي صادقت عليها بلدانهم، برزت اتجاهاتٌ جديدة نحو المطالبة بالتحديث، الذي ركّز على أهمية الوحدة الوطنية، والعدالة الاجتماعية، ومبدأ تكافؤ الفرص، ودور المرأة في المجتمع، والأقليات، وغيرها من المواضيع التي بدت جديدة على العلاقة الأبوية بين الحاكم والمحكوم، ولكنها كانت مناسبة لحالة التطور التي مرّ بها المجتمع الخليجي.
وفي بعض البلدان كانت المطالبات تُواجه بالرفض، وتُوسم بأنها ضمن أفكار خارجية لا تصلح للمجتمع الخليجي، وتم تفسيرها بأنها مُخالفة للدين ويأتي بها «كفارٌ ومَلاحدة»! وفي البعض الآخر كان هنالك تجاوب من قبل الحكومات في تعديل بعض القوانين التي لم تكن ملائمة للدولة العصرية. تماماً كما كانت هنالك المطالبات السلمية في الأربعينيات والستينيات على يد أبناء بعض العائلات الكبيرة في الخليج نحو منح العمال المواطنين ذات الامتيازات والحقوق التي كانت تمنح للأجانب العاملين في النفط. ولم تصل تلك المطالبات إلى حد العنف.
وكانت الكويت من أسبق دول الخليج العربي إلى وضع دستور للبلاد في عهد الشيخ عبدالله السالم عام 1962، وبدأ العمل به في العام نفسه، وأتى ذلك الدستور المتكامل بعد ثلاثة دساتير وضعت أعوام 1921 و1938 و1961. ودخلت الكويت المرحلة البرلمانية، ما فتح البابَ للشعب الكويتي الدخول إلى مراحل الحراك السياسي الكامل حول مختلف القضايا. وكانت لذلك أسباب تاريخية وسياسية وثقافية كفلت نجاحَ الكويتيين في وضع أول برلمان مُنتخب وحياة نيابية كاملة في المنطقة، على رغم ما ساير الحراك الديمقراطي من مشاكل في الفترات الأخيرة.
وفي بقية دول الخليج العربي وُضعت نُظم حُكم وقوانين نظّمت الحياة السياسية، وأسسَت لنظام إداري للدولة، ولم يحدث ما ينغص الحياة بشكل ملحوظ في هذه الدول، التي كانت ولا تزال من أكثر الدول استقراراً في المنطقة العربية. وللأسف، فقد تم وَسمُ كلمة «تحديث» بالعديد من السمات السلبية التي أخرجت الكلمة عن مقاصدها النبيلة ومفهومها الإيجابي الذي يدعم التناغم في المجتمع بما يحفظ الوحدة الوطنية ويزيد من الإنتاجية.
كما تم إدخال بعض الاتجاهات «المؤدلجة» الغريبة، التي حادت بمقاصد الإصلاح نحو زعزعة الأمن أو تعكير صفو العلاقة بين الحكومة والشعب. ومن هنا ظهرت أيضاً بعض التدخلات الخارجية في بعض دول الخليج حيث أججّت الشارع الوطني المتناغم على أسسٍ طائفية اتخذت منابر إعلامية خارجية للنيل من أبناء الوطن الواحد، وتعطيل الحياة والعبث بمرافق الدول.
وحصل «استنفار» في بعض الدول نظراً للتفسيرات الخاطئة لكلمة «التحديث»! وكأنه لم توجد دعوات للتحديث منذ الأربعينيات! وساهم «غلاةُ» المفسرين في سوء تصوير المطالبات التحديثية التي لم تخرج عن العلاقة الأبوية والاحترام الكامل لولي الأمر والحكومة، وعن صيانة اللحمة الوطنية وتطوير التشريعات وتفعيل القوانين والدساتير التي تعاقد عليها الشعب والحكومة. ونتج عن ذلك سوءُ فهم كبير وأخطاءٌ كبيرة ، وإن تم اكتشاف تجمعات لها صلات مع جهات خارجية خرجت عن المفهوم الإيجابي لكلمة «إصلاح»، وتم التعامل مع تلك التجمعات حسب ظروف كل دولة.
واليوم تعيش المنطقة حالة «تشويش» واضحة حول تفسير كلمة «تحديث» كما يعاني التحديثيون الوطنيون الحقيقيون من سوء ذاك التفسير ونتائجه! على رغم حبهم لأوطانهم وسعيهم لتطوير مجتمعاتهم وحرصهم على أمن بلدانهم واستقرارها حسب الخطط التي وضعتها الحكومات، بل ويعلنون صراحة أنهم لا يريدون بديلاً للعائلات الحاكمة التي حافظت على العلاقة الطيبة مع الشعب وحفظت الأمن والاستقرار ودعمت مشاريع التنمية التي استفاد منها كل من يعيش في المنطقة.
إن منطقة الخليج من أثبت دول العالم العربي استقراراً. وتشكل حالة استثنائية من «الهارموني» الذي يجب أن يحافظ عليه الجميع عبر الحوار الهادئ والمشورة الصالحة التي لا تُقصي أي طرف، والبُعد عن الأيديولوجيات الهدّامة التي لم يتعود عليها أبناء المنطقة. وحتماً فإن الحكومات لا مناص لها من الأخذ بمواكبة العصر بكل حتمياته، وهذا ما نسمعه من الخطب والبيانات الرسمية التي تصدر عن الحكومات في كل محفل.
وقد خَطتْ حكوماتُ المنطقة خطوات ملموسة نحو التحديث والتجديد بما تقتضيه المرحلة الحالية، كما أنه لا يجوز القفز على بعض الحتميات التاريخية والجغرافية والديموغرافية والثقافية التي تربط أبناء المنطقة، وبالحوار العاقل سيحدث التحديث المنشود.
وأخيراً، لا تعني المطالبة بالتحديث أنه يوجد فساد! فهذه رؤية البعض المُتسرّع وغير المدرك لأوراق التاريخ! فالمطالبة بالتحديث تعني مساعدة الحكومات في إنجاز المزيد من الرفاهية للشعوب وحفظ أمن البلدان وتعزيز الإنتاجية لخدمة المجتمع. وهذا لا يختلف عليه اثنان من أبناء المنطقة.
نقلا عن صحيفة الاتحاد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.