ترى إلى من يلجأ المواطنون المصريون لتحقيق العدل في الأرض، وإزاحة الظلم عن سمائهم، إذا جاءتهم المصيبة، ووقع عليهم البلاء، والعياذ بالله من الشيطان الرجيم، بأفعال وأقوال وممارسات وسياسات، والإطلالات غير البهية لوزير العدل، مع كامل الاحترام لمقام الوزير وشخصه؟! أتوقف مؤقتا عن الكتابة حول العلاقات اليابانية الإخوانية، المتسارعة، التي شهدت، وتشهد، المزيد من الزخم، بدعوة كادر جديد من أعضاء الجماعة، هو الدكتور فريد إسماعيل، لزيارة طوكيو لمدة أسبوع، بدءا من 7 إبريل المقبل، بدعوة من إحدى المؤسسات الأهلية المرموقة هناك، ليضاف رقما قياسيا في إنجازات فتح أبواب بلاد الشمس المشرقة، على مصاريعها، أمام الأفواج المتتالية من كوادر وقيادات جماعة الإخوان ومشتقاتها من فصائل الإسلام السياسي، لزيارة بلاده، وكأن أرض مصر المحروسة قد نضبت وجدبت من أي فصيل سياسي مدني آخر غير جماعة الإخوان الغراء ومشتقاتها. أول أمس، الخميس، حلت الذكرى الأربعينية الحزينة على صعود روح الشهيد، بإذن الله، محمد الجندي، إلى بارئها، وقد نظمت القوى الثورية والشبابية والحزبية، وفي مقدمتها، التيار الشعبي المصري، العديد من الفعاليات الخطابية والحماسية بهذه المناسبة، داعية إلى القصاص لأرواح شهداء الثورة، وإستكمال مسيرتها المجيدة، حتى يتحقق شعارها الأصيل في العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية. في الوقت نفسه، توالت الأصداء المنددة والمستنكرة للتصريحات، التي أدلى بها وزير العدل، المستشار أحمد مكي، بخصوص قضية تعذيب وسحل وقتل الشهيد الجندي، على أيدي ذئاب بشرية مجرمة، منتسبة إلى جهاز الأمن وميليشيات الجماعة، في واقعة إجرامية بشعة ونكراء، سوف تلاحق مرتكبيها إلى يوم الدين، خاصة بعد ثبوت واقعة التعذيب بواسطة تقرير اللجنة الثلاثية من الطب الشرعي. وزير العدل الموقر ظهر على الشاشة الأسبوع الماضي، ورأيته بعيني، في حالة تلبس بائسة ومتجهمة ومضطربة، مؤكدا أن وزير الداخلية، اتصل به في وقت سابق، ليبلغه أن الجندي توفي نتيجة حادث سيارة، وطلب منه إبلاغ ذلك للنائب العام والطب الشرعي، وأشار وزير العدل الموقر إلى أنه لا يتدخل في مهام الطب الشرعي، لكنه سيعلن ذلك بنفسه حتى لا يؤثر على أحد، وهو ما فعله، أي أنه أقر بتنفيذ طلب لوزير الداخلية في قضية كانت خاضعة للتحقيق! الوزير أحمد مكي كان قد ذهب برجليه الأسبوع الماضي إلى مسقط رأس الشهيد محمد الجندي في محافظة الغربية، لافتتاح المحكمة الابتدائية في مدينة السنطة، متوقعا إستقبال الأبطال الفاتحين، ليفاجأ الرجل بمظاهرة ضخمة تحاصر المحكمة وتهتف بسقوطه، وسقوط الجماعة والمرشد والرئيس، مما إضطره إلى الهرب من الباب الخلفي للمحكمة. ما زلت أذكر إطلالات الوزير مكي عبر شاشات الفضائيات منذ 40 يوما، وهو يناطح ويتحدى مقدمي البرامج الحوارية، مؤكدا، في ثبات وثقة، يحسد عليهما، وفي تلاسن منقطع النظير، لمشاعر أهالي الشهداء والمشاهدين، بإصراره على تمرير رسالة مزيفة وكاذبة ومضللة، ومؤثرة على مجريات التحقيق والمحققين، وهو وزير العدل. في ذلك الوقت، لم أكد أصدق عيني، بل تأكدت لدي، مع جمهور المشاهدين، كل الشكوك في أداء المستشار أحمد مكي، بالتحديد، منذ توليه لمهام منصبه كوزير للعدل، وهو الأداء المتدني للغاية، والمثير للدهشة، فضلا عن خيبة الأمل فيه، باعتباره كان ينظر إليه كقامة قضائية، وكنا ندافع عنه مع زملاء آخرين له، في وقفة ما يسمى باستقلال القضاء ضد نظام مبارك في عام 2005. أنسب تعليق على ممارسات وزير العدل، واستفزازاته وأدائه، ورد على لسان والدة الشهيد محمد الجندي، بقولها: "أنا عاصرت عهود جمال عبدالناصر وأنور السادات وحسني مبارك، لم أر في حياتي وزارة بهذا الشكل، لم أر وزيرا للعدل يطلع يقول إن وزير داخلية أمرني بإعلان وفاة محمد الجندي في حادث سيارة". وجهت السيدة سامية، والدة الجندي، حديثها إلى وزيري العدل والداخلية قائلة: "أنا ست مؤدبة ومحترمة، أنتما تظلماني وتهدران دم إبني، الآن أطالبكما بأن تأتيان إلى بكفنكما لكي أسامحكما في حراسة الشرطة وأمام الإعلام، وسأقوم بذبح عقيقة أمام بيتي لأفدي ابني، لا أريد شيئا أو تعويضا من الدولة، لدي المال ولدي الجاه، وقد فوضت أمري فيكم جميعا إلى الله الذي لا تضيع عنده مظلمة". نقلا عن جريدة الأهرام