تشهد نيجيريا اليوم انتخابات رئاسية وتشريعية هامة وغير مسبوقة ، وذلك لاختيار رئيس جديد للبلاد وأعضاء البرلمان القومى ، وتأتى أهمية تلك الانتخابات لنيجيريا لكونها ستشهد انتقالاً للسلطة من حاكم مدنى هو الرئيس " أولو سيجن أوباسانجو" إلى رئيس مدنى آخر يتم انتخابه ، وأن هذه الانتخابات تتم بطريقة ديمقراطية منذ حوال 47 عاماً ، أى منذ حصول نيجيريا على استقلالها عن بريطانيا عام 1960 . وتتجه أنظار العالم اليوم إلى الانتخابات النيجيرية خشية حدوث أعمال عنف بين مؤيدى المتنافسين على الرئاسة قد تحيل البلاد إلى حرب أهلية وأن هذه المخاوف من اندلاع أعمال عنف أمر يراه البعض على أنه معتاد فى القارة السمراء . والمرشحون للرئاسة هم أومارو " عمر " يارادوا .. مرشح حزب الشعب الديمقراطى الحاكم ومحمدو بوهارى " بخارى " عن حزب " كل شعب نيجيريا " المعارض .. والمرشح الثالث الذى كان يستعد لترشيح نفسه هو اتيكو " عتيق " أبو بكر نائب رئيس الجمهورية ، إلا أن خلافاً وقع بينه وبين الرئيس بسبب معارضة أبو بكر لمحاولة أوباسانجو تغيير الدستور لتجديد فترة رئاسته لمدة ثالثة ، وأدى هذا الخلاف إلى أن طلب أوباسانجو التحقيق مع أبو بكر بتهمة الفساد ، وهو ما يعنى عدم تمكنه من ترشيح نفسه حتى يتم إسقاط هذه التهم عنه . ويعد " أومارو موسى يارادوا" مرشح الحزب الديمقراطى الشعبى الحاكم الذى يبلغ من العمر 56 عاماً و"محمدو بوهارى" مرشح حزب كل الشعب النيجيرى هما الأوفر حظاً فى تلك الانتخابات لما يتمتعان به من نفوذ وشعبية ، ويتولى أومارو موسى حكم ولاية كاتسينا منذ انتخابه عام 1999 ، ويحظى بدعم شخصى من الرئيس أبوسانجو الذى رافقه فى إحدى جولاته الانتخابية ، وقد كان شقيقه الراحل " شيحو موسى يارادوا" نائباً لأوباسانجو عندما كان حاكماً عسكرياً للبلاد ما بين عامى 1976 و 1979. وتتهم المعارضة " يارادوا" بأنه مثل ظل الرئيس أوباسانجو الذى سيغادر خليفته فى قصر الرئاسة إلا أن يارادوا عارض هذه الادعاءات كثيراً ، مؤكداً على أنه رجل مستقل ، وأعرب النيجيريون عن مخاوفهم من الحالة الصحية ليارادوا ، حيث أنه دخل أحد المستشفيات فى ألمانيا مؤخراً ، حيث يعانى من مرض فى الكلى ويزور بانتظام مستشفى خاص ، كما يتهمه منتقدوه أيضاً بأنه يساعد أقاربه وأصدقائه فى الحصول على عقود لتنفيذ مشروعات تابعة للحكومة . ويرى المحللون أنه بالرغم من الحياة الدينية التى يعيشها الشعب النيجيرى بالإضافة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية فى عدد من الولايات الشمالية فى البلاد إلا أن السياسة هى العامل الأساسى للاختيار بين المرشحين فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية . تشير صحيفة الاندبندنت البريطانية أن الفساد فى نيجيريا يضرب كل المستويات بدءاً من عسكرى المرور وصولاً إلى كبار الساسة والوزراء الذين يحصلون على عقود إنشاء البنية التحتية بينهم ويحققون ثروات طائلة من هذه العمليات ، ولذلك يرى المراقبون أن الخوف الحقيقى فى نيجيريا سيأتى من انتشار الفساد وأعمال العنف خاصة فى مناطق انتاج البترول ، حيث تعرضت فى الشهور الماضية لعمليات اختطاف لعمالة أجنبية ومهاجمة أنابيب البترول . يلاحظ أن جميع المرشحين للرئاسة النيجيرية هم من المسلمين بما فيهم أبو بكر الممنوع من الترشيح ، كما لو أن ذلك يشبه اتفاقاً ضمنياً وليس دستوريا بأن الدور هذه المرة على رئيس مسلم بعد الرئيس أوباسانجو المسيحى الإنجليكى . نيجيريا البالغ عدد سكانها 120 مليون نسمة تتكون من حوالى 250 جماعة عرقية ، أكبرها المسلمون فى الشمال والمسيحيون طائفتان فى الجنوب ، وعلى مر التاريخ لم تكن جذور الصراعات فى نيجيريا تعود لأصول دينية بل على العكس ، ففى السنوات الأخيرة حدث امتزاج بين القبائل المسلمة فى الشمال التى نزحت إلى الجنوب والمسيحية التى استقرت فى مناطق المسلمين فى الشمال ، أما السبب الحقيقى للصراع فغالباً كما هو الحال فى معظم دول العالم يعود إلى المشكلات والأزمات الاقتصادية . ** الرئيس النيجيرى أوباسانجو : الرئيس النيجيرى الحالى أولوسيجن الذى انضم للجيش عام 1958 عين نائباً لمورتلا محمد قائد الإنقلاب العسكرى عام 1975 ، وأصبح رئيساً بالمصادفة بعد مقتل مورتلا عام 1976 ، وفى عام 1979 قام بتسليم السلطة للمدنيين وسلم السلطة إلى " شبهوشاجارى " الذى تم انتخابه بطريقة ديمقراطية وأصبح أوباسانجو أول قائد نيجيرى يسلم السلطة بنفسه للمدنيين ، وفى عام 1983 حدث انقلاب عسكرى آخر فى نيجيريا وانتقد أوباسانجو إساءة حقوق الإنسان بواسطة العسكريين ، فدخل السجن عام 1993 بتهمة التخطيط لإنقلاب وأفرج عنه عام 1998 بعد موت قائد الإنقلاب . دخل أوباسانجو الانتخابات عام 1999 وفاز بحصوله على 62.6% من الأصوات معظمها من المسلمين من قبائل " الهوسا " فى الشمال ، تولى السطلة عن طريق الانتخاب كأول رئيس مدنى للبلاد ، وتم انتخابه فى 29 مايو عام 1999 ، وعمل على تصحيح صورة بلاده فى الخارج وإعادتها لوضعها السابق بعد أن أساء إليها الحكم العسكرى لمدة 16 عاماً وأعيد انتخابه لفترة ثانية عام 2003 ، وكان منافسه فى هذه الانتخابات محمد بوهارى الذى يخوض الانتخابات الحالية كمرشح للمعارضة .. وحصل أوباسانجو على 61.8% من الأصوات ، وفى هذه المرة حصل على أصوات الجنوب أيضاً . أوباسانجو المولود عام 1937 تمكن خلال فترته الرئاسية الثانية من السيطرة على الحزب والبرلمان والعمل على وضع خطط لإصلاج البلاد اقتصادياً وإدارياً بمساعدة طبقة المثقفين والوطنيين الذين اجتذبهم إلى نظامه ، وذلك بعد طرد معظم محافظى الولاياتالمتحدة " 36 ولاية " حتى من أعضاء حزبه الذين أدينوا بالفساد أو قدموا للمحاكمة لهذا السبب ، وقد فقد أوباسانجو زوجته الثانية فى 23 أكتوبر 2005 وكان قد فقد زوجته الأولى عام 1987 إثر إطلاق النار عليها من قبل مجهولين . ** مرشحا الرئاسة النيجيرية : أومارو موسى يارادوا مرشح الحزب الحاكم : · يارادوا الأقرب للفوز برئاسة نيجيريا ولد فى عائلة أرستقراطية فى كاتسينا عام 1951 ، وكان والده وزيراً سابقاً وتلقى تعليمه فى المدارس والكليات الحكومية حتى تخرج عام 1971 فى كلية " باربوا " ثم تخرج فى جامعة أحمدو بللو عام 1975 وحصل على البكالوريوس فى التربية والكيمياء ، كما حصل على الماجستير من نفس الجامعة عام 1980 وهو متزوج وليس لديه أبناء وهو يشغل حالياً منصب حاكم كاتسينا منذ عام 1999 ، وقد بدأ حياته السياسية عضواً فى حزب " إنقاذ الشعب" اليسارى فى الوقت الذى كان والده نائباً لرئيس الحزب الوطنى النيجيرى. · اختير يارادوا فى 17 ديسمبر 2006 كمرشح للرئاسة عن حزب الشعب الديمقراطى الحاكم وحصل على 3024 صوتاً من مندوبى الحزب ، بينما حصل منافسه على 372 صوتاً فقط ، ويرى المراقبون أن نجاح يارادوا يرجع إلى تأييد الرئيس أوباسانجو له ، حيث كان وقت اختياره شخصيته غير معروفة على المستوى القومى ، كما وصف بأنه أداة فى يد أوباسانجو ولم يكن ليفوز بالترشيح تحت ظروف عادية ، وبعد فترة قصيرة من اختياره قام يارادوا باختيار " جودلاك جوناتان " نائباً له . · وكان من بين أسباب أوباسانجو له كمرشح أنه واحد من حكام الأقاليم القلائل الذين يتمتعون بسمعة طيبة وليست ضده أى اتهامات وشبهات بالفساد ، وكذلك انتمائه للحركة الشعبية الديمقراطية ، وهى مجموعة سياسية قوية أسسها شقيقه الراحل الشيخ موسى يارادوا .. ويارادوا يعانى من مرض الكلى منذ فترة وقد دخل أحد المستشفيات فى ألمانيا مؤخراً .
محمدو بوهارى .. مرشح المعارضة : · وهو مرشح المعارضة الرئيسى لحزب "كل الشعب النيجيرى المعارض" وهو الحاكم العسكرى السابق لنيجيريا ، وكان قد خسر انتخابات الرئاسة السابقة أمام الرئيس أوباسانجو عام 2003 ، وهو من ولاية كاتسينا مثل منافسه يارادوا ويتمتع بتأييد عدد من المسلمين فى الشمال وينظر إليه على أنه رجل منضبط وحازم وإن كان كثير من المسيحيين يخشون صلابة آرائه الدينية . · قرر حزب الشعب أن يوحد أصواته لصالح مرشح واحد ، حيث يرون أن سيحصلون بذلك على أكبر فرصة للفوز فى هذه الانتخابات الرئاسية ، وكان رؤساء لجان الحزب وهم الممولون الرئيسيون للحزب قد رفضوا ترشيح بوهارى فى السابق إلا أنه أثناء اقتراع الحزب على مرشحى الرئاسة تنازل ستة من المرشحين فأصبح بوهارى مرشح الحزب الوحيد إلا أن المراقبين يرون أن فرصته ضعيفة فى الفوز فى هذه الانتخابات . 21/4/2007