تحرير و ترجمة : خالد مجد الدين محمد في الماضي، كانت تركيا دولة غير عادية لأنها كانت واحدة من عدد قليل جدا من الدول الاسلامية الديمقراطية . لكن بعد الربيع العربي في عام 2011 لم يعد هذا صحيحا، ومع ذلك، فإنها مازالت دولة فريدة من نوعها في التحول إلى نظام ديمقراطي علماني. كما أن تركيا حليفا اسلاميا غير عادي ورئيسي للولايات المتحدة لأنها تستضيف قاعدة انجرليك الجوية، وهو أمر حيوي للدعم الجوي اللوجستي الامريكى فى العراق وأفغانستان، مثل البحرين التى تستضيف الأسطول الخامس الامريكى في الجفرة Jaffair. ويؤكد تقرير على الموقع الأمريكي US NEWS، أن تركيا تظل العضو الاسلامى الوحيد فى حلف شمال الاطلسي. تجربة تركيا .. و الغرب ويذكر التقرير أن الغرب ينظر دائما لتركيا على انها ركن أساسي للأمن الاستراتيجي والمصالح الأمريكية والأوروبية، وقد يكون هذا الاهتمام قصير النظر. ففى بداية منتصف القرن التاسع عشر مع صعود تركيا الحديثة الغربية، اعتبرها الغرب منطقة عازلة آمنة ضد الشرق الاوربى . وخبراء السياسة الخارجية الأمريكية في واشنطن، على مقدرة جيدة للغاية ولكن لديهم ميل و عيب قاتل ازاء استعراض البيانات التاريخية في عقود بدلا من قرون. ينسون ان تركيا كانت دولة اسلامية بغض النظر عن الشخصية التى سعت حكوماتها لابرازها منذ القرن التاسع عشر لقد دخلت تركيا في الإسلام منذ النصف الثاني من القرن الحادى عشر وازدهر الاسلام بها حتى عهد الجنرال كمال أتاتورك حينما قرر تغيير هوية تركيا وجميع الأشياء بها الى ماهو غير اسلامى . بدأ اتاتورك (1881-1938)، الأب المؤسس لتركيا الحديثة والعلمانية (فصل الدين عن الدولة) فى تغريب البلاد منذ أواخر عشرينيات القرن الماضى من خلال تعديل الدستور، والذي فصل نظام الحكم عن دين الدولة هو الاسلام. كما قام أيضا بإصلاحات لاحقة حولت تركيا لدولة حديثة وديمقراطية وعلمانية ذات مظهر غربي للغاية . وقد تم كل ذلك وفقا للايديولوجية الكمالية. لقد كانت لحظة فارقة في تاريخ تركيا الحديثة الغربية عندما ألغيت الخلافة، حيث كانت تركيا بمثابة مقر للإسلام السياسي ورمز للقيادة العالمية لجميع المسلمين على مدى اكثر من ستمائة عام . تركيا، التي يبلغ عدد سكانها 73.6 مليون نسمة، 99 في المئة منهم مسلمين ، لكن حتى الان لا يتوقع أحد في الغرب انه في مرحلة ما ستتواجه نخب الاقلية الكمالية مع بقية 99٪ أخرين من الشعب. تجربة تركيا .. و الربيع العربى طارق الطيب محمد بوعزيزي وهو شخص يستحق أن نتذكره .. لقد كان بائع فاكهة تونسي ذو 26عاما و هو كان القشة التى قصمت ظهر البعير، ليس فقط بإضرام النار في نفسه ولكن أيضا فى اضرام النار ببقية العالم العربي في ربيع 2011 وهى مازالت مشتعلة حتى الان .. والان المسلمون هم اقرب لتركيا وسط انشقاق هائل على درجة تورط الإسلام في الحياة اليومية للناس والحياة السياسية. حتى الان لم يسال أحد السؤال المحير .. كيف لبلد مسلم يتحل بالديمقراطية العلمانية مثل تركيا ، ان يزدهر في ظل العولمة والحداثة؟ ، وهل هذا ينطبق ايضا على الديمقراطية الاسلامية غير العلمانية؟ ان وصول الديمقراطية في العالم العربي والاسلامى يعد إنجازا كبيرا، ولكن لا أحد يعرف أين ستحط و عما ستصل اليه. وما زال النضال من أجل الديمقراطية العلمانية مستعر واضعا تركيا مثالا يحتذى به. هناك حديث عن ظهور الإسلام السياسي في العالم العربي .. فهناك " مصر"، التى تعد الاختبار الحقيقي للديمقراطية الاسلامية . فمصر تعمل وكما هو الحال دائما كابارومتر للعالم العربي. فعندما يحدث تحول فى مصر، الرمال العربية تغيرت و هو درس مازال بعض أمراء الخليج الفارسي لا يزال لا يعيه و يتعامل معه بعدم الاكتراث. صعود تركيا .. و تاثيرها المحتمل على العالم الاسلامى نعم .. مصر هي بلد يمكن تُراقب تجربتها ، ولكن إذا كانت تركيا لا تزال تقود الامور بتوازن بين إلاسلام والديمقراطية العلمانية وفي نفس الوقت بفعالية في الجغرافيا السياسية، فهى تعد لاعب اساسى يمكنه تغيير اللعبة. فعلى سبيل المثال، أكدت تركيا نفسها في الصراع القائم فى سوريا، ودفعت إيران إلى الخلف ، ودعت لاقامة دولة فلسطينية. كل هذا دفع الجميع للحديث عن صعود تركيا. فهى قوة مثالية صاعدة يمكن ان تمثل جسور الربط بين الأسواق الشرقيةوالغربية. و اذا كان صعود تركيا الحديثة دائما ما كان قصيرالاجل في نهاية المطاف. فهل هذا الامر على وشك التغيير؟ حزب العدالة والتنمية في تركيا كان من الذكاء بما يكفي ليدرك أنه يمكنه أن يرفع تركيا لتصبح حامل لواء العالم الاسلامى مرة أخرى .. بينما الفوضى التى تشهدها مصر لا تستطيع السيطرة على نفسها؟ ويتبنى حزب العدالة والتنمية اجندة اجتماعية محافظة مع اقتصاد السوق الليبرالي. وإذا استطاع الحزب تحقيق التوازن بين الإسلام والديمقراطية العلمانية فأنه يعطي الأمل في أن تركيا يمكن أن تكون "طائر الفينيق الاسلامى الصاعد " . فهل تركيا لديها القدرة على استعادة مكانتها كقوة عظمى جيوسياسية؟ نعم، ولكنها ستمارس نفوذها الديني والسياسي (وليس الاقتصادي) حيث انها توجه غيرها من البلدان الاسلامية حديثة الديمقراطية للانتقال المتوازن بين الإسلام والديمقراطية، والعلمانية. وهكذا، في الحقيقة، فان تركيا هي الدولة الاسلامية الوحيدة التي لديها قدرة محتملة ان تكون قوة جيوسياسية .. وكما هو الحال مع جميع القوى العظمى المحتملة، تركيا لديها الكثير لتصبح في الاتجاه الصحيح على مدى فترات طويلة جدا من الزمن قبل أن يتحقق هذا على الأرض. و لكن تركيا.. لن تكون قوة عظمى اقتصادية أو قوة عظمى عسكرية، ولكن قد تصبح مثل الاتحاد الأوروبي، فإنه لديه القدرة على أن يكون نوع خاص من القوى العظمى: فتركيا يمكن ان تكون بمثابة الموازن للحضارة الغربية بسبب تأثيرها المحتمل فى اتجاه العالم الاسلامى و تعامله مع العالم.