أثارت المسودة الأولى للدستور حالة من السخط والجدل بين القوى السياسية فقد أكد الكثير منهم انها مسودة لدستور لا تحقق مايتمناه شعب مصر بعد ثورة 25 يناير كما أكد أخرون ان الدستور المطروح به مساوىء عديدة منها صلاحيات رئيس الجمهورية المتعددة ومحاولة الانتقاص من اختصاصات القضاء وقضايا حرية الرأى والمرأة. فيما رأى آخرون أن هذه المسودة الأولى ما هى الا خطوة جديدة لفتح حوار مجتمعى حول الدستور لاثارة حالة من النقاش وتبادل الآراء بين افراد الشعب حول الدستور. واكد الدكتور عبد الله المغازي أستاذ القانون الدستوري ان ما نشر من مواد الدستور لا يعدو عن كونه عرض أفكار اللجان المختلفة داخل الجمعية التأسيسية للدستور ولم ترقى حتى الآن لتكون مسودة دستور. ويضيف في تصريحات خاصة لأخبار مصران نشر تلك المواد تباعا والتركيز على مناقشات اللجان والأفكار المختلفة يعد من ضمن إيجابيات تأسيسية الدستور وذلك لانها دائماً تعرض ما توصلت اليه على مختلف مستويات الشعب وتتقبل المقترحات عليها سواءاً عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك أو الإنترنت أو عن طريق الأحزاب والمؤسسات المختلفة ليكون هناك متسعاً لجميع الأفكار والمقترحات التي يقدمها الناس. ويرى عضو المجلس الاستشاري السابق ان أفكار المواد المطروحة في الدستور الجديد بها تفاصيل كثيرة بحيث تحمي الحقوق والحريات كما ان هناك الكثير من المواد لم يتم تناولها من قبل مثل عمل الأجهزة الرقابية واستقلالها وحرية تداول المعلومات والشفافية وهو ما كان من اهم مطالب الشباب الثوريين. كما يؤكد المغازي ان من الإيجابيات المواد المتعلقة بالسلطة القضائية واستقلالها ورحب كذلك بقرار تأسيسية الدستور بإشراك أعضاء السلطات القضائية في صياغة النصوص المتعلقة بالقضاء. ويرى ان لجنة الحوار المجتمعي تحاول ان تستمع للجميع بحيث ان تتم مناقشة كل المقترحات ووضعها محل اهتمام الجميع ليتم عرضه على الشعب المختلفة أولاً بأول كما يتم الإعلان عنه في مختلف وسائل الإعلام. وأضاف الدكتور عبد الله المغازي ان من الإيجابيات التي أنجزتها اللجنة في المسودة الأخيرة للدستور المحافظة على المادة الثانية كما هي لانها كانت لتزيد من الاستقطاب بنعم أو لا في الاستفتاء. ويعزو المغازي الفضل في الحفاظ على المادة الثانية ليعود إلى الأزهر لانه اجمع القوى الوطنية عليها. ويؤكد ان الجمعية التأسيسية للدستور حتى الآن تعمل بإيجابية لانها منفتحة على الجميع والأصوات العالية الغريبة التي تنتقد هي نتاج الديمقراطية. ويرى المغازي ان الأفكار المعروضة عن مسودة الدستور تقلص بعضا من صلاحيات الرئيس ولكنها ما تزال كثيرة بالنسبة إلى نظام الحكم الذي تسعى مصر اليه وأوضح قائلا ان نظام الحكم المقترح لمصر هو النظام المختلط الذي يجمع بين النظامين البرلماني والرئاسي وأتمنى ان يكون أكثر ميلا نحو النظام البرلماني ولكن بتلك الصلاحيات الموجودة فهو الآن اقرب إلى النظام الرئاسي. كما طالب عضو البرلمان المنحل بإعداد باب خاص باستقلال الهيئات الرقابية وأضاف انه طالما استقرت التأسيسية على الإبقاء على مجلس الشورى فيجب إعطاؤه صلاحيات أكثر واختصاصات أوسع. ويرى الدكتور عبد الله المغازي انه يوجد عنادا ملحوظا فيما يتعلق بالسلطة القضائية ويتضح ذلك برفض مواد تتعلق بالمحكمة الإدارية العليا وأضاف ان من سلبيات تلك المقترحات وجود أجهزة لم تتضح ماهيتها سواءاً رقابية كانت أو مستقلة ، وطالب المغازي باستقلال الجهاز المركزي للمحاسبات ولكن يجب ان يكون هناك رقابة عليه. ويعرب عن رأيه بان التيار السلفي يخاطب ود ناخبيه بإضافة جملة "بما لا يخالف شرع الله"في كثير من المواد بلا داع مع ان المادة الثانية من الدستور تقر بذلك وفي هذا اتجاه واضح للدولة الدينية. فرض لآراء فصيل معين ومن جهته يرى اللواء ممدوح قطب رئيس حزب الحضاره ان التسريبات التى تمت حول مسودة الدستور اثارت الشك فى مدى حياد وموضوعية الكثير من اعضاء اللجنه فى ضوء كونها لا تمثل كافة أطياف المجتمع ووجود اتجاه واضح لفرض آراء فصيل معين او من الموالين له عليها خاصة فى ضوء غياب العديد من الرموز الوطنيه والخبراء الدستوريين عنها. واكد ان وجود عديد من التصريحات الصادرة عن اعضاء اللجنه والتى تؤدى للكثير من البلبله؛ كما لفت النظر الى اتهام العديد ممن استطلعت اللجنه آرائهم بعدم التفات اللجنه لمقترحاتهم وكان المطلوب هو إظهار ان هناك حوار مجتمعى يدار حول الدستور والحقيقة تخالف ذلك ويرى قطب انه لم يتم اتباع الأسلوب العلمى الممنهج فى اعداد المسودة وانما جاءت نتاجا لآراء وتجميع لمجموعه من النصوص الصادرة عن اللجان المختلفة كما ان المسودة لم يتم عرضها على كل الاعضاء لإقرارها بعد مناقشتها او التوافق عليها قبل طرحها للحوار المجتمعى كما لو كانت التسريبات الخاصة بها تأتى فى اطار جس النبض ودلل على ذلك بوجود مواد تم تغييرها وأخرى حذفت دون ان يتم الموافقة او التوافق عليها مثل ما يختص بالهيئات المستقله والأجهزة الرقابيه والمراه وحرية الصحافه وحقوق الانسان واستنكر رئيس حزب الحضارة الإصرار على بقاء مجلس الشورى بمسمى جديد رغم عدم الحاجة اليه ووجود رفض شعبى واضح لوجوده وهو ماظهر فى تدنى معدل الإقبال على التصويت له فى الانتخابات الاخيرة وفى المقابل تم الغاء نسبة العمال والفلاحين وهو مااثار انتقاداتهم بالاضافة الى اعتراض ممثلو الجلس القومى للمرأة على موارد فيه بخصوصهم. وكذا محاولة بعض ممثلي التيار الإسلامى إدراج نصوص يعترض عليها الازهر والكنيسة صلاحيات كثيرة للرئيس : واستنكر كذلك إعطاء صلاحيات كبيره للرئيس وتحصينه بإعطائه عضوية مجلس الشيوخ مدى الحياه وفى المقابل يتم الغاء منصب نائب الرئيس ونقل صلاحياته لرئيس الوزراء لأحكام سيطرة تيار معين على الحكم ولاحظ كذلك إعلاء شان السلطة التنفيذيه على السلطة القضائيه وهو ماوضح فى النصوص الخاصة بالمحكمه الدستوريه العليا والتى اعتبرتها انتهاك لسلطتها وانتقاص لاستقلاليتها وإعطاء رئيس الجمهوريه سلطة تعيين أعضائها وليس الجمعيه العموميه لها أضافه لإغفال دور ووضع النيابة الاداريه ويؤكد اللواء ممدوح قطب انه يتضح وجود حاجه عاجله وماسه لإعادة النظر فى تشكيل وأسلوب عمل اللجنه التاسيسيه لضمان ان يخرج الدستور المصرى الجديد محايدا ومعبرا عن كل المصريين وليس منحازا لاتجاه معين. مسودة للتغيير: ومن جهته يرى محمد السعيد عضو الجمعية التأسيسية للدستور والمنسق العام لاتحاد شباب الثورة ان لجنة الحوار المجتمعي اهم إيجابيات الجمعية التاسيسية ونتج عنها 200 جلسة استماع لمواطنيين مصريين ومناقشة 35 الف مقترح و200 مشروع مقدم من الجهات والأحزاب والمؤسسات. واكد عضو الجمعية التاسيسية ان باب الحقوق والحريات به 51 مادة اغلبها مواد مستحدثة تمس كرامة الإنسان تبعا لمطالب ثورة يناير ويقول ان ما عرض من مواد يمكن النظر إليها كمسوده أولى طرح ناها على الشعب ليتفاعل معها ويبدي مقترحاته بشأنها ويعرض أفكاره فعلى غلافها عبارة "أشطب احذف عدل.. مصر حقيقي بتتغير". تاسيسية لاتعبر عن الشعب : قال الدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية أن الأحزاب المدنية والقوى الوطنية تشعر الأن بقلق شديد من الدستور الذى يتم اعداده وتستعد لدخول معركة على الدستور الجديد فى مواجهة الإخوان، بعد الشعور بخطورة الموقف والمحاولات المستمرة لقيادات الجماعة لتمرير مسودة الدستور التى أنتجتها جمعية تأسيسية لا تعبر عن كافة فئات الشعب المصرى. وعن صلاحيات الرئيس فى مسودة الدستور قال زهران إن العديد من المواد خاصة المادتين 129 و145 سمحت للرئيس بالتغول على استقلال السلطة التشريعية، حيث أعطت المادة الأخيرة الحق للرئيس فى حل مجلس النواب دون استفتاء شعبى وقال أن نص المادة 145 غريب ومربك. وقال الدكتور زهران إن الخلاف حول النصوص المقترحة للدستور بسبب قضايا مثل حرية الرأى والتعبير وما يخص حقوق المرأة هو ما يتحدث عنه ممثلو القوى السياسية،موضحا فى الوقت ذاته أن جماعة الإخوان المسلمين ليس أمامها فرصة للهيمنة فى ظل وجود قوى أخرى عبرت عن نفسها وأعلنت عن امتلاكها قاعدة جماهيرية من الممكن أن تلجأ إليها للضغط الشعبى. وقال حافظ ابو سعدة الناشط الحقوقى أن الدستور القادم سيكون سيء ويعبر عن التيار الإسلامي فقط ولا يعبر عن أهداف الثورة وسيكون بمثابة نقطة سوداء في تاريخ من كتبه''. وأضاف أبو سعده أن هناك مشاكل كثيرة داخل الدستور تتعلق بتداخل بعض المواد مع بعضها و مشاكل في صياغة العبارات كما أن بعض المواد لا أهميه لها. وأكد أبو سعدة أن الاتجاه العام الحالي للجمعية التأسيسية لوضع الدستور تعطي لرئيس الجمهورية صلاحيات تفوق صلاحياته في الدستور القديم ، وأضاف أن الاعتراض على حكم مبارك كان سببه "المساءلة'في المقام الأول حيث أن القانون لم يعطي لأحد مساءلة الرئيس وتساءل عن وضع السياسة العامة في الدستور الجديد التي تعطي الرئيس أحقية أن يكون رئيس السلطة العامة، ورئيس السلطة التنفيذية. وأستنكر باسل عادل عضو مجلس الشعب السابق الاختصاصات الممنوحة لمجلس الشوري في الدستور الجديد وقال إنها 'وسيلة جديدة للرئيس مرسي للسيطرة على المجلس عن طريقه منحه حق تعيين ربع أعضاء المجلس''. وطالب عادل كل أعضاء الجمعية التأسيسية بالانسحاب منها لأن هذا الدستور ''سيخلق فرعونا جديدا وسيكون نقطة سوداء في التاريخ السياسي لكل من شارك فيه''، كما طالب الثوي الثورية بالتوحد حول بناء دستور جديد يضمن أهداف الثورة. وحذر من أن مسودة الدستور الحالية تفتح الباب فى حالة إقرارها لصناعة فرعون مزدوج الجنسية» حيث تسمح صياغة المادة 136 فى الدستور الجديد بترشح مزدوجى الجنسية لخوض انتخابات الرئاسة فى حين أن المواد الخاصة بصلاحيات رئيس الجمهورية تصنع منه فرعونا بسلطات واسعة. وأضاف أن صياغة المادة 136 خطيرة ويجب تصحيحها قبل عرض الدستور الجديد للاستفتاء الشعبى، بحيث تحرم كل من يحمل أو حمل جنسية أخرى غير المصرية من الترشح للرئاسة. ولفت المصدر النظرإلى أن النص الحالى يسمح لأشخاص مولودين لأبوين أجنبيين ثم حصلا على الجنسية المصرية فى مرحلة مبكرة أو متأخرة بالترشح للرئاسة وهو أمر ينافى روح أحكام الإدارية العليا والدستورية العليا بشأن وحدة الولاء الوطنى لمن يتولوا الوظائف القيادية. الدستورية اعترضت على الدستور: وأكده الدكتور جابر جاد نصار عضو الجمعية التأسيسية للدستور، قال: «المحكمة الدستورية العليا محقة فى اعتراضها على النصوص التى وردت فى الدستور الجديد بشأن تنظيمها وطريقة تشكيلها واختصاصاتها ولا يجوز لرئيس الجمهورية أو الحكومة الاستبداد بالقضاء لأن هذا يهدم المؤسسة القضائية» واضاف إن الصياغة الحالية تهدر استقلال المحكمة الدستورية لصالح رئيس الجمهورية. كما يرفض التيار السلفى المتشدد هذا الدستور ودعت الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، التي تضم قيادات إسلامية إلى رفض الدستور حال مخالفة مواده الشريعة الإسلامية، وذلك في الاستفتاء الذي سيتم عقب الانتهاء من صياغته. وطالبت الهيئة في بيان لها أعضاء اللجنة التأسيسية ب«إعلاء مرجعية الشريعة وتفعيلها فى كل مواد دستور البلاد مشددة على أن «يكون نص المادة الثانية (الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع)». كما أعلن نادي القضاة رسميا رفض المسودة الأولي المقترحة من الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ودعا إلي عقد اجتماع طارئ مع رؤساء النوادي الفرعية عقب أجازة عيد الأضحى المبارك.