تحرير و ترجمة : خالد مجد الدين محمد تراكم فوائض الميزانية على مدى السنوات القليلة الماضية والتوقعات بوصول الميزان التجاري إلى حوالي 500 بليون دولار في عام 2012 بين بلدان مجلس التعاون الخليجي (GCC) ، كان وراء تضاعف الإنفاق، وخاصة في أعقاب الثورات التى اندلعت في أماكن أخرى من العالم العربي. فقد تم تخصيص جزء كبير من الإنفاق على مشاريع البنية التحتية التي تشتد الحاجة إليها ومن بينها ، مشروع طموح لبناء خط سكك حديدية يمتد حوالي 2000 كيلومتر من الكويت إلى سلطنة عمان ويربط جميع دول مجلس التعاون الخليجي ، مع إمكانية إدراج اليمن في المستقبل. ولم تكن السكك الحديدية أبدا الشكل المفضل للنقل في الخليج، لا للركاب ولا للسلع، لأسباب جغرافية و في الغالب بسبب ألاسعار المعقولة للوقود كان النقل يتم عبر الطرق البرية ، ولكن في السنوات القليلة القادمة، وسعيا لتعزيز التجارة، من المتوقع أن تنفق دول الخليج أكثر من 100 بليون دولار على استثمارات السكك الحديدية والمترو. هذا ولايزال العمل على المستوى الوطني في مراحله الأولى في معظم هذه البلدان، مع إحراز تقدم كبير في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.. وسوف تكون الخطوط الوطنية القائمة الان أو المخطط لها فى المستقبل إما جزء من شبكة دول مجلس التعاون الخليجي أو مرتبطة بها وسيكون كل بلد مسؤول عن بناء الجزء الخاص به من الشبكة ، وسوف تبدأ مرحلة البناء في عام 2013، ومن المتوقع أن يتم تشغيل الشبكة في عام 2017. وهناك بالطبع مشاكل تعترض المشروع الضخم ، فالكويت على سبيل المثال يجب أن تبدأ تطوير نظامها للسكك الحديدية من الصفر. فهناك شبكة من السكك الحديدية بطول 550 كم تغطي الأجزاء الشمالية والجنوبية من البلاد على طول الطريق حتى الحدود السعودية و لكن هناك مناطق يجب ربطها. ومن الممكن فى المستقبل أيضا توصيل شبكة السكك الحديدية الكويتية إلى الشبكة العراقية التي من شأنها أن تعزز من أهمية المشروع الخليجى وسوف يكون أطول جزء من الشبكة التشغيل في المملكة العربية السعودية، التي تملك واحدة من شبكات السكك الحديدية الأكثر تطورا في المنطقة ، وسوف تمتد خطوط السكك الحديدية بمحاذاة الساحل الشرقي لتربط بين المملكة و الكويت في الشمال والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة. والشبكة السعودية سوف تنقسم إلى فرعين منفصلين: احدهما سوف يعمل على طول الساحل حتى يصل إلى حدود دولة الإمارات العربية المتحدة، والآخر يربط المملكة العربية السعودية يالبحرين عبر الجسر المقترح بناؤه و سيكون موازيا لجسر الملك فهد. وهذا الخط يستمر في قطر المجاورة عبر جسر البحرين قبل العودة للفرع الرئيسي للمملكة العربية و الممتد على طول الساحل. من جانبها أنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة، شركة اتحاد السكك الحديدية في يوليو 2009 لتخطيط وتطوير شبكة تمتد 1200 كم في جميع أنحاء البلاد، وربط الإمارات السبع وربط دولة الإمارات العربية المتحدة إلى المملكة العربية السعودية وإلى سلطنة عمان عبر مدينة العين. اما سلطنة عمان فتقوم ببناء شبكتها في ثلاث مراحل: أولا، خط 230 كم يربط المنطقة الصناعية في صحار إلى مسقط، يليه خط 560 كم يربط العاصمة بمنطقة الدقم التي بدورها، سوف تكون متصلة بالمدينة الجنوبية صلالة في المرحلة الثالثة والأخيرة. وينطوى تطوير شبكة السكك الحديدية الإقليمية الخليجية على تحديات كبيرة، فهى شبكة موحدة تمتد على مدى ستة بلدان وهو ما يتطلب فهم مشترك حول القضايا التقنية (نوع وحجم المسارات والقاطرات)، والمسائل القانونية (المتعلقة بحركة الناس والبضائع عبر الحدود وهو ما يثير ايضا مسألة زيادة تحرير التجارة بين الدول الست ، وإجراءات السلامة (يجب توحيد أنظمة الإشارات والاتصالات في جميع البلدان الستة)، وأخيرا القضايا التجارية. ومناقشات كل هذه القضايا يكون من الأسهل في إطار إقليمي، أو هيكل الإشراف على تنفيذ المشروع. وتعد شبكة السكك الحديدية الخليجية هي جزء من استراتيجية أوسع للاندماج بين دول مجلس التعاون الخليجي الاقتصادي، الذي بدوره، يعبر عن إرادة معينة لتحقيق التكامل السياسي. بل هو فرصة لاختبار قدرة الدول الست واستعدادها للتعاون وتنفيذ مشاريع واسعة النطاق ذات أهمية استراتيجية ، فبجانب تعزيز التجارة، وشبكة السكك الحديدية سوف يسمح لهذه البلدان، وخاصة تلك التي لا إمكانية لها للوصول المباشر خارج منطقة الخليج مثل البحرين والكويت وقطر، لنقل البضائع إلى بقية دول العالم دون المرور عبر مضيق هرمز. هذا وقد فشلت المشاريع الطموحة السابقة مثل الاتحاد السياسي أو الاتحاد النقدي لأسباب واضحة، مثل طيران الخليج – الذى اسس ليكون الناقل الرئيسي – و كان فى البداية مملوكا من قبل البحرين وعمان وقطر وأبو ظبي حتى بدأت كل واحدة فى الانسحاب واحدة تلو الآخرى وتركت البحرين، كمالك وحيد الان ،بما يعد بمثابة تذكير بأن التعاون الإقليمي سهل التخطيط لكنه اصعب من حيث التنفيذ.