جامعة القاهرة تدعم الرياضة المصرية بتعاون وثيق مع الاتحاد المصري لألعاب القوى    الوطنية للإعلام تنعى سيدة المسرح الفنانة القديرة سميحة أيوب    محافظ أسوان: تحقيق الجاهزية الكاملة لاستقبال عيد الاضحى بمختلف القطاعات الخدمية    مسجلًا 4690 للجرام.. الذهب في مصر يعود للتراجع متأثرًا بانخفاضه عالميًا    وزارة السياحة والآثار تستضيف وفدًا صحفيًا من المكسيك في زيارة تعريفية للمقصد السياحي المصري    "انطلاقة جديدة للمطاعم السياحية"..الجمعية العمومية لغرفة المنشآت تكشف حصاد الإنجازات وتطلق خطة التميز السياحي    هل مصر مهددة بزلزال مدمر قريبًا؟.. "البحوث الفلكية" تكشف الحقيقة العلمية    روسيا تعلن سيطرتها على بلدة جديدة في سومي شرقي أوكرانيا    برونو فيرنانديز يحسم قراره من الانتقال إلى الهلال السعودي    وزير الحج السعودي: حظر الخروج من عرفات سيرًا وتنظيم صارم لحماية الحجاج في موسم 2025    «أمن المنافذ»: ضبط 2628 مخالفة مرورية وتنفيذ 162 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    ضبط جراج به 500 كيلو دواجن غير صالحة للاستهلاك في دمياط    "الوطنية للإعلام" تنعي سيدة المسرح الفنانة القديرة سميحة أيوب    تامر حسني يكتسح التريند الأول على مستوى الوطن العربي ب "ملكة جمال الكون" على أنغامي    أول رد من مها الصغير بعد شائعات ارتباطها ب طارق صبري    ضبط سيدتين بالجيزة لقيامهما بسرقة مشغولات ذهبية من طالبة بأسلوب "المغافلة"    المنافسة مشتعلة في مركز الجناح.. غموض حول مستقبل عبد القادر مع الأهلي    أثليتك: مبيومو اختار الانضمام إلى مانشستر يونايتد    ضبط عامل بالقاهرة لقيامه بأعمال الحفر بقصد التنقيب غير المشروع عن الآثار    التعليم: انطلاق فعاليات الحفل الختامي للدورة التاسعة لمسابقة "تحدي القراءة العربى"    البورصة تربح 10 مليارات جنيه في مستهل تعاملات الثلاثاء    موعد مباراة الزمالك وبيراميدز فى نهائى كأس مصر    محمد مصيلحى يرفض التراجع عن الاستقالة رغم تمسك المجلس ببقائه    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ السيسي بحلول عيد الأضحى المبارك    خالد عيش: الموقف المصري يخدم القضية الفلسطينية.. ومستمرون في دعمها حتى إقامة الدولة    بابا يعنى إيه زلزال؟.. نصائح للتحدث مع أطفالك عن الهزات الأرضية وطمأنتهم    لوفتهانزا الألمانية تمدد تعليق رحلاتها الجوية من وإلى تل أبيب حتى 22 يونيو    فلسطين ترحب برفع عضويتها إلى «دولة مراقب» في منظمة العمل الدولية    هيئة الأرصاد: أجواء ربيعية ممتعة اليوم والعظمى بالقاهرة الكبرى 31 درجة    غلق وتشميع مركز لجراحة المخ والأعصاب والعناية المركزة بقنا    اجتماع ثانٍ لأحفاد نوال الدجوى لمحاولة تسوية النزاع العائلي وإنهاء الخلاف القضائي    لوبوان: ترامب ينجح في غزو القارة العجوز    جوبى بيلينجهام يقترب من بوروسيا دورتموند    براتب 24 ألف جنيه.. بدء اختبارات المتقدمين للعمل في الأردن (تفاصيل)    رفع درجة الاستعداد القصوى بالمنشآت الصحية بالأقصر خلال إجازة عيد الأضحى    وفاة الفنانة سميحة أيوب عن عمر يناهز 93 عامًا    تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة سميحة أيوب «سيدة المسرح العربي»    توقعات برج الحوت في يونيو 2025.. شهر التجدد العاطفي والانتصارات المهنية    دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي حول الزلازل: ليست انتقامًا من الله    مستشار الرئيس للشئون الصحية: مصر تشهد معدلات مرتفعة في استهلاك الأدوية    وجبة مشبعة للعيد.. طريقة عمل الحواوشي الإسكندراني (بنصف كيلو لحمة)    محافظ أسيوط يتفقد المركز الصحى الحضرى لمتابعة مستوى الخدمات الطبية    محافظ الأقصر يتفقد أعمال التطوير بمستشفى الكرنك الدولى    هل يجوز الاشتراك في الأُضْحِية .. الأزهر للفتوى يجيب    المجلس القومي للمرأة ومستقبل مصر يبحثان تعزيز تمكين المرأة الريفية اقتصادياً    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الثلاثاء 3 يونيو    وزير الري يتابع الاستعدادات لعقد إسبوع القاهرة الثامن للمياه    الحج 2025 .. ماذا يقال عند نية الإحرام ؟    "عبدالغفار": شراكة إستراتيجية مع "إي هيلث" لإطلاق منظومة الصحة الرقمية القومية    مصطفى فتحي: كنا نتمنى تحقيق الثلاثية.. وإبراهيم عادل الأفضل في مصر    قرار عاجل من التعليم بشأن المدارس الرسمية الدولية lPS (مستند)    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الثلاثاء 3-6-2025 في محافظة قنا    إيذاء للناس ومخالفة لأخلاق الإسلام.. دار الإفتاء توضح حكم ذبح الأضاحي في الشوارع    ماذا قدم الزمالك وبيراميدز مع بسيوني قبل نهائي الكأس؟    الحج 2025.. هل يجوز للمحرم إزالة شيء من شعره أو أظفاره أثناء إحرامه    «كل حاجة هتبان».. هاني سعيد يرد على رحيل إدارة بيراميدز والدمج مع مانشستر سيتي    أول تعليق رسمي من والي "موغلا" بعد زلزال تركيا    أحمد السقا يوجه رسالة تهنئة ل ابنته بمناسبة تخرجها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الحمادي: ليبيا... تعديل بوصلة "الربيع العربي"
نشر في أخبار مصر يوم 18 - 07 - 2012

آخر اقتراع شارك فيه الليبيون كان قبل واحد وخمسين عاماً، في عهد الملك السنوسي، أي أن أحداً من ذلك الجيل ربما لم يشارك في انتخابات المؤتمر الوطني العام بليبيا التي جرت الأسبوع الماضي. أما نتائج الانتخابات الليبية، فكانت ضربة قوية ومبكرة لتيارات الإسلام السياسي، لكنها تبدو منطقية ولم تكن مستبعدة. والسؤال هو هل تسهم في استفاقتهم وتساعدهم على إعادة قراءة الواقع بشكل منطقي وعقلاني، خصوصاً أنهم لا يزالون غارقين في نشوة الانتصار؟!
التجربة الليبية عدلت البوصلة السياسية في المنطقة وصححت خط سير "الربيع العربي" الذي اعتقد البعض لوهلة أنه لا يؤدي إلا إلى حكم الإسلاميين، فتبين أن هذه ليست حقيقة مطلقة، وأن الإسلاميين ليسوا وحدهم في "الميدان" وأن الناخب العربي واع بما يكفي ليدرك ما يدور حوله، وبالتالي لم يعد قاطعاً أن تكون نتائج الانتخابات في دول "الربيع العربي" وإفرازاتها متشابهة... وأن استمرار اختطاف الإسلاميين ل"الربيع العربي" ليس دائماً، فهذا " الربيع" يسير ويتنقل ويتطور بسرعة ولا أحد يعرف ما الذي ينتجه، أو من سيحكم في تلك الدول، ولا كم سيبقى من وصل إلى كرسي الحكم هناك.
يبدو أن الشعب الليبي كان مستعداً لهذه الانتخابات بشكل أكبر مما كان يتوقعه جميع المراقبين، وكانت قراراته وخياراته واضحة أيضأ، فلم يرد أن يعيش في جلباب ديكتاتور جديد ومهووس آخر، فلمن لا يعرف فإن خطاب القذافي لليبيين لم يختلف كثيراً في "شكله" عن خطاب الإسلاميين -والتي كان يفعل عكسها- فقد كان القذافي يمنع بيع وتجارة الخمور، وكان حريصاً على الظهور بمظهر حام حمى الإسلام، وكان يشيد المساجد داخل ليبيا وخارجها، فضلاً عن أنه كان يصر على إمامة الناس في الصلاة!
وكان المواطن الليبي يتعامل مع كل هذه المظاهر على أنها كذبة مكشوفة... فلم يعد يقبل بأن يأتي متاجر آخر بالدين يكرر اللعبة نفسها. المواطن الليبي يريد أن يحمي دولته التي استرجعها بالقوة من سلطة ديكتاتور مستبد، من أن تتحول إلى دولة دينية، ويريد أن يكون متأكداً من أن دولته ستكون مدنية يحكمها القانون الذي يساوي بين الجميع بعيداً عن معتقداتهم الدينية وقناعاتهم الأيديولوجية، وبعيداً عن أي تطلعات غير منطقية وأجندات خارجية.
بعض المحللين الليبيين يرجعون سبب عدم فوز الإسلاميين بالأغلبية إلى الطبيعة القبلية للمجتمع الليبي، الذي يصعب على التيارات الإسلامية السياسية اختراقها، فتلك المجتمعات المحافظة والمتدينة بطبيعتها لا تقبل التدين السياسي، وبالتالي لا يلاقي الإسلام السياسي أرضية خصبة في تلك المجتمعات.
كما أن من الأمور اللافتة في التجربة الانتخابية الليبية أن إقبال الشباب الليبي كان كبيراً على التصويت لمصلحة تحالف القوى الوطنية -تحالف محمود جبريل- بعكس ما حدث في تونس ومصر. وهذا ربما يؤكد صحة فرضية انتشار موجة التدين في العالم العربي، لكن يبدو أن الخلط بين التوجه للتدين والتوجه لأحزاب الإسلام السياسي بدأ يزول، وهذا ما أصبحنا نلمسه حتى في مصر وتونس، حيث بدأ الناس هناك يعيدون التفكير في توجهاتهم، ويتم الفصل بين الالتزام بالدين الحنيف ودعم تيارات الإسلام السياسي.
لذا يبدو أن قراءة الإسلاميين للوضع الليبي لم تكن موفقة، فمن الواضح أن المجتمع الليبي المتدين بطبعه لم يكن بحاجة كبيرة لحكومة همها الأساسي تطبيق الشريعة، وإنما كان يتطلع وبقوة إلى دولة مدنية تقوم على أسس القانون، وتمتلك مؤسسات تواكب التطور الذي يشهده العالم بأسره... فتيار الإسلام السياسي في ليبيا الذي راهن على شعارات دينية براقة مني بالفشل الذريع، الأمر الذي فاجأهم ومن الواضح أنه حتى هذه اللحظة لم يستطع التيار الإسلامي "الإخواني"، سواء في ليبيا أو خارجها، أن يستوعب ما حدث، خصوصاً أن الجميع قبل ظهور النتائج كان يتوقع -بما فيهم المحللون الغربيون- أن يكون الفوز حليف الإسلاميين كما كان حليفهم في تونس ومصر والمغرب، فما الذي حدث؟!
كما اكتشف التيار الإسلامي، فإن الشعب الليبي لم ينس أن "الإخوان" وقعوا في أخطاء جوهرية سابقاً، منها تحالفهم مع القذافي في السنوات الأخيرة لدرجة أنهم كانوا على استعداد لدعم مشروع توريث الحكم لسيف الإسلام القذافي، مقابل بعض الوعود، كما أن الشعب الليبي الذي عانى من جنون القذافي طويلاً لم ينس وساطة القرضاوي عند القذافي عام 2004 التي انتهت بالإفراج عن رموز "الإخوان"، وتجاهل رموز وطنية فقط لأنها محسوبة على تيارات سياسية أخرى.
أما منظري "الإخوان"، فهم كذلك لم يستوعبوا ما حدث في ليبيا، فحاول أحدهم أن يقلل من هذه الفرحة ومن ذاك الانتصار الوطني للشعب الليبي، وأن يخفف من وقع الخسارة التي مني بها "الإخوان" الليبيون، فقال: إن الناس يجب ألا تفرح بانتصار الليبراليين في ليبيا وإنما تفرح لنجاح التجربة!
غريب عدم قبول أتباع الإسلام السياسي خسارة "الإخوان المسلمين" في الانتخابات الليبية، رغم ادعاءاتهم بقبولها، والأغرب أن يخرج أحد منظري "الإخوان" ليطمئن الناس بأن "لا خوف على الإسلام في ليبيا"، وكأن من فاز في الانتخابات مجموعة معادية للإسلام والمسلمين! إن هذا الخطاب التحريضي الذي تستخدمه جماعة الإسلام السياسي ضد مخالفيها أصبح مكشوفاً وفجاً، واستمراره في خطف الدين وتقديم نفسها كممثل وحيد للإسلام أصبح غير مجد، فالأمور أصبحت واضحةً للمواطن العربي، كما أن أفعال بعض أفراد تلك الجماعات أصبحت فاضحة.
التجربة الليبية كشفت أموراً مهمةً؛ منها أن الشعوب العربية واعية ومدركة لما يدور حولها، وأن جماعات الإسلام السياسي تخسر رصيدها في الشارع بسرعة، وذلك ليس بما يفعله الآخرون ضدها -فأغلبهم أضعف منها تنظيمياً وأداءً- لكنها تخسر بسبب فشلها في التعاطي المنطقي مع الواقع، وفي تقديم ما وعدت به وفي إيجاد البديل الأفضل.
نقلا عن صحيفة الاتحاد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.