حسب النتائج غير الرسمية للإنتخابات الرئاسية بإجراء إعادة بين الدكتور محمد مرسي المنتمي الى جماعة الإخوان المسلمين والفريق أحمد شفيق المنتمي الى النظام السابق، ظهر التنوع صدارة التصويت ما بين المرشحين الخمسة الكبار في المحافظات المصرية. حيث تفوق الدكتور مرسي في عدد من المحافظات منها قنا والمنيا والبحيرة وأسوان والفيوم وبني سويف والوادي الجديد والسويس، بينما تفوق الفريق شفيق في عدد من المحافظات منها المنوفية والدقهلية بما لها من ثقل إنتخابي. وتفوق حمدين صباحي في عدد من المحافظات منها كفر الشيخ وبورسعيد، كما تفوق عبد المنعم أبو الفتوح بدمياط ومرسي مطروح وتفوق عمرو موسى في جنوبسيناء. وداخل المحافظة الواحدة اختلف ترتيب أصوات المرشحين الكبار ما بين المراكز والمدن والقرى، بما يشير الى تنوع الرؤى السياسية وهو أمر يصب في صالح العملية الديموقراطية، وظهر أثر العامل الجغرافي في التأييد الكاسح لمحافظة كفر الشيخ لحمدين صباحي باعتبارها تمثل مسقط رأسه، واتجهت أصوات غالب المسيحيين للفريق أحمد شفيق، وتفوقه في عدد من محافظات الوجه البحري، إلا أن نسب التصويت الإجمالية كانت أقل من التوقعات. وتتلاحق الأسئلة لماذا لم يفز الدكتور محمد مرسي من الجولة الأولى كما توقع كثير من أنصاره؟، ولماذا هذا الفارق المحدود بينه وبين شفيق رغم المؤتمرات الحاشدة للجماعة بكل المحافظات، ولماذا تأخر ترتيب عمرو موسى الذي كانت استطلاعات الرأي ترشحه لجولة الإعادة؟، ولماذا خرج أبو الفتوح من جولة الإعادة والتي كان مرشحا لها بقوة؟ ويبقى السؤال الأهم لماذا تفوق شفيق رغم ما تعرض له من حملات ضارية، لدرجة قذفه بالأحذية مرتين في أسوان والقاهرة، وهو المتهم بكونه منتميا الى معسكر الفلول. وتتعدد تفسيرات تفوق شفيق ما بين وجود قطاع كبير من المواطنين المحبطين من تأخر جني ثمار الثورة. وهم يرون تصارع من ينتمون الى معسكر الثوار، وغلبة المصالح الخاصة لكثير منهم بدليل عدم اصطفافهم خلف مرشح واحد للثورة، أو حتى مرشح واحد للتيار اليساري وينطبق نفس الأمر بالمعسكر الإسلامي، لتصب تلك التجزئة لصالح الفريق شفيق. كذلك استمرار تدهور الأوضاع الأمنية والحاجة الى رجل قوي، حتى يعود الاستقرار بما معه من سياحة واستثمار وتشغيل، والجهد الذي بذلته قيادات الحزب الوطني بالمحافظات لتأييد شفيق، وجلب الأصوات له بمختلف الطرق المشروعة وغير المشروعة، حفاظا على مصالحهم وتعطيل محاسبتهم، ويضاف الى ذلك مجهود رجال الأعمال الذين استفادوا من النظام السابق، خشية ملاحقتهم عندما يتولى المنصب أحد المنتمين الى معسكر الثورة. ويلحق بركب شفيق كثيرين ممن استفادوا من النظام السابق ويخشون المساءلة سواء كانوا في مجالات الحكم المحلي أو الشرطة أو الإعلام وغيرها من المجالات، وبما يوضح اتساع قاعدة المنتفعين من النظام السابق الذين يحرصون على الإفلات من المساءلة. وفي جولة الإعادة تتوالى الأسئلة هي يتحد الاسلاميون خلف الدكتور مرسي؟ أم أن مرارات المنافسة ستحول دون التئام كامل للصفوف؟، وهل يتحد معسكر الإسلاميين مع معسكر اليساريين باعتبارهم ينتمون معا الى معسكر الثوار ضد الفريق شفيق؟ أم أن الفجوة بين كثير من اليساريين والإسلاميين ستدفعهم لعدم المشاركة نكاية في الإسلاميين وحتى لا يحصلوا على مؤسسة الرئاسة؟ وهكذا يتطلب الأمر مشاورات سريعة بين أطراف معسكر الثورة حفاظا عليها. وألا تكون آثار المعركة الانتخابية مؤثرة في قراراتهم وحشودهم في جولة الإعادة، وأن يكون السؤال المحوري لدى هؤلاء هل أنتم مع استمرار الثورة أم لا؟ وماهو الأكثر أهمية لديكم هل انقاذ الوطن أم المصالح الخاصة بالتيار السياسي؟.. وعلى المعسكر الإسلامي كذلك طمأنة باقي طوائف معسكر الثورة، ولعل تشكيل الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور يمكن أن يكون إحدى آليات الطمأنة وكذلك مكونات التشكيل الائتلافي للوزارة الجديدة، ومن المؤكد أن من حصلوا على تلك النسب المرتفعة من الأصوات مثل حمدين وأبو الفتوح من حقهم الحصول على مواقع تنفيذية، بصرف النظر على تصريحاتهم السابقة قبل الإنتخابات بعدم قبول مناصب بخلاف منصب الرئيس. مما سبق ورغم أن البعض يرى ترشيح كفة المرشح الاسلامي في حالة وقوف السلفيين خلفه، إلا أن المعركة ستكون صعبة لكلا الطرفين، بسبب تأثر كثير من المواطنين بالحملة الإعلامية الضارية ضد الإخوان واتهامهم غير الواقعي بالإستحواذ على مؤسسات الدولة. كما تبين في ضوء نتائج الفريق شفيق وتفوقه في كثير من المحافظات، استعداد أنصاره من رجال الأعمال وغيرهم الإنفاق لأية مبالغ، واللجوء لأية وسائل للاحتفاظ بمعقد الرئاسة في أيدي العسكريين خشية الملاحقة وتأجيلا للمحاسبة واستمرارا للأوضاع القديمة. نقلا عن جريدة الأهرام