بالرغم من عدم ظهور الرئيس الكوبي فيدل كاسترو في اجتماعات أو احتفالات بعد ان شفي من مرضه فقد عاد إلي إطلاق قذائفه ضد السياسة الأمريكية من خلال التصريحات والمقالات التي ينشرها الحزب الشيوعي في كوبا والتي تنقل في كافة وسائل الاعلام بكوبا وامريكا اللاتينية التي تعتبرها واشنطن حديقتها الخلفية. اختار كاسترو أن يصوب هجومه علي سياسة الطاقة في الولاياتالمتحدة وبصفة خاصة التحالف الاقتصادي بين الولاياتالمتحدة والبرازيل اكبر دول أمريكا اللاتينية والذي يقوم علي اساس استخدام الذرة والحبوب الاخري مثل فول الصويا الذي يزرع في البرازيل ودول اخري مثل الاكوادور لانتاج مادة الايثانول كبديل للبترول الذي تحتاجه الدول الغربية. ويجدر الاشارة الي أن الاتفاق الذي عقده الرئيس الأمريكي جورج بوش مع نظيره البرازيلي لويس لولا داسيلفا يعتبر من أهم انجازات واشنطن خلال الاشهر الماضية علي الرغم من أنه لم يحظ باهتمام وسائل الاعلام التي فضلت أن تسلط الاضواء علي المظاهرات المعادية التي استقبل بها الرئيس الأمريكي خلال جولته في دول المنطقة وفي أعقاب هذا الاتفاق المهم عاد كاسترو ليشن هجوما شرسا علي العملاق الذي يعيش في الشمال وهو الهجوم الذي يعكس الخلاف الذي بدأ يظهر بوضوح فيما بين البرازيل وبين التحالف المعادي لواشنطن والذي يقوده كاسترو بالمساندة النشطة لرئيس فنزويلا هوجو شافيز ورئيس بوليفيا ايفو موراليس. وقد وصف كاسترو الاتفاق الامريكي البرازيلي بأنه خطة عالمية 'لعولمة الابادة' وندد بقيام البرازيل بالتفاوض مع المارد الأمريكي في مجال البيوكيمائيات لاستخدام الحبوب كبديل لمصادر الطاقة التقليدية. وفي مقال بعنوان 'الحكم بالاعدام المبكر جوعا وعطشا علي أكثر من ثلاثة ملايين نسمة'. أوضح الزعيم الكوبي أن تحويل المواد الغذائية الي موارد حارقة يعني بالضرورة تقليص حجم الغذاء المتاح للشعوب. وفي مقال لاحق تساءل كاسترو عن مصدر ال 500 مليون طن من الذرة الذي ستحتاجه واشنطن وحلفاؤها من الدول الغنية الاوروبية سنويا لانتاج الايثانول الذي تستهلكه.. ومن المعروف أن الدول الخمس المنتجة للذرة والشعير وفول الصويا لا يزيد انتاجها سنويا عن 680 مليون طن وأن الاحتياجات الغذائية السنوية من هذه الحبوب تصل الي 600 مليون طن اي ان الفائض لا يتعدي 80 مليون طن.. ويقول كاسترو: 'ان الامبراطورية وهو الاسم الذي يطلقه علي أمريكا طلبت من دول العالم أن تنتج الوقود البيولوجي لتحررها من اعتمادها علي استيراد البترول'. ويوضح كاسترو أن التمويل لن يكون مشكلة لان الدول الغنية التي تحتاج الي الطاقة مثل اليابان لن تبخل بتقديم 140 مليار دولار أما الدول الافريقية والدول الاسيوية التي تلهث وراء الدولار الامريكي فأنها ستحول اراضيها الشاسعة التي مزارع خاصة للولايات المتحدة. ويري كاسترو أن الخطة الامريكية التي ستنفذ علي نطاق واسع لا يمكن ان توصف الا بأنها وسيلة لتدويل عملية الابادة. ويقول: أن الحرب القادمة لتوفير الاحتياجات الغربية من البترول ومشتقاته ستؤدي الي إبادة الجنس البشري. ومن المعروف ان الولاياتالمتحدة تعتبر ان التوجه لانتاج الايثانول كمصدر للطاقة سيؤدي الي توازن اقتصادي عالمي حيث سيخفض اسعار الطاقة كما انه سيؤدي الي توجه لاستخدام الاراضي غير المزروعة لانتاج الذرة وغيرها من الحبوب. وجاء رد البرازيل علي هجوم كاسترو علي لسان الرئيس لولا الذي قال: 'أن نقص الغذاء ليس مشكلة العالم بل المشكلة الحقيقية هي نقص الدخل.' وإذا كان كاسترو قد اختار قلمه بعد أن غادر فراش المرض ليهاجم الولاياتالمتحدة فقد لجأ صديقه الحميم هوجو شافيز إلي هوليود ليحارب واشنطن بسلاحها.. وقام بمنح الممثل الأمريكي المشهور داني جلوفر وهو أمريكي افريقي ذو نشاط سياسي معاد لسياسة البيت الابيض بمبلغ 18 مليون دولار لانتاج فيلم عن ثورة العبيد في هاييتي.. وهو فيلم ينتقد بشدة الاسلوب الامريكي في التعامل مع دول العالم الثالث.