لطالما شكل الزعيم الكوبي فيدل كاسترو ظاهرة مثيرة للجدل في العالم أجمع، فالرجل الذي جاء علي رأس ثورة برفقة المناضل الأشهر في العالم تشي جيفارا أصبح واحدا من أقوي الرجال في العالم ومن أقوي أعداء الغرب متهمينه بممارسة الديكتاتورية والقمع ضد معارضيه وشعبه وهو الرجل الذي يصور نفسه ويصوره محبوه والمقربون منه باستمرار علي أنه واحد من رموز الكفاح والثورة ضد الظلم والرأسمالية المستبدة والإمبريالية الامريكية . كتاب «استهداف كاسترو» للكاتب فرناندو كلين كابايرو الكاتب الأورجوياني يلقي الضوء علي الزعيم الذي أمضي أحد أطول الفترات علي رأس الحكم في الجزيرة الشهيرة وعلي استهدافه من أجهزة المخابرات في محاولات وصلت إلي 600 محاولة اغتيال حسب الكتاب ووفقا للروايات التي استند إليها الكاتب والتي أكد أنها جميعها موثقة لينجو الرجل الحديدي منها، الكتاب أيضا يسعي لتصوير لحظات مهمة في تاريخ حياة فيدل كاسترو والثورة الكوبية كما يرصد العديد من الأحداث الأخري مثل الحرب الباردة والعلاقة مع الولاياتالمتحدة بالإضافة لمستقبل كوبا في ظل الثورة التي قام بها كاسترو ورفقاؤه. أحد أبرز محاولات اغتيال الزعيم الكوبي كانت القضية التي سميت بقضية ماريتا لورينز وهي فتاة كانت علي علاقة غرامية بالزعيم الكوبي لثمانية أشهر وجندتها المخابرات الأمريكية خلال الستينيات لتضع السم لكاسترو إلا أنها أكدت فيما بعد أنها لم تجرؤ علي فعل ذلك وارتبكت وألقت بالسم في البالوعة لحظة التنفيذ، ووفقا للكاتب فإن وثائق المخابرات المركزية الأمريكية بين أعوام 1953 و1973 رصدت أكثر من ستمائة محاولة لاغتيال كاسترو والتخلص منه فشلت جميعا لسبب أو لآخر وهي المحاولات التي تمت عن طريق عملاء للمخابرات الأمريكية أو عن طريق جماعات كوبية معارضة لكاسترو كما أن رؤساء الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ إيزنهاور وحتي كينيدي وكلينتون وجونسون ونيكسون وكارتر وريجان وبوش الأب متورطون بشكل مباشر في الإشراف علي خطط اغتيال فيدل كاسترو وفقا للكتاب كما تورطت الولاياتالمتحدة في الاتصال بعصابات محلية تابعة لآل كابوني والمافيا في ميامي لتشكيل جماعات معادية لنظام حكم كاسترو والتآمر ضده. الكتاب وصف كاسترو بشمشون الذي نجا من هجمات قاتلة بعضها كان طريفا فذات مرة وضعت له عقاقير هلوسة قبيل إحدي المقابلات التليفزيونية كما وضع له في حذائه أملاح الثاليوم التي تسببت في فقده لبعض أجزاء لحيته وتساقطها ودائما ما لعب الحظ دوره الأكبر في حياة كاسترو لإنقاذه من الهجوم وتلو الأخر ليخرج منهم جميعا سالما وكأنه رجل بستمائة روح . كاسترو زعيم الثورة الكوبية والذي شغل العالم طوال تسعة وأربعين عاما استقال من منصبه كرئيس للدولة في كوبا وقائد أعلي للقوات المسلحة قبل سنوات قليلة لصالح أخيه راؤول , ويوصف كاسترو بانه الرجل الذي صمد في وجه التاريخ لكنه لم يكن ليستطع أن يصمد في وجه الزمن أكثر مما فعل ليترك الحكم أخيرا ،وصمد كاسترو خمسة وأربعين عاما أمام الولاياتالمتحدة وأمام الحصار الاقتصادي الذي فرضته علي بلاده واستمر نظامه حتي بعد سقوط الأنظمة الشيوعية في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية، وتحول الرجل إلي مثال امام بلدان وقيادات أخري في أمريكا اللاتينية وربما يكون الرئيس الفنزويلي أبرز مثال علي المضي علي طريق كاسترو في سياسة المواجهة والتحدي.