في ظل ظروف راهنة وطاحنة، وفي زمن عربي متشرذم، تسومه الفوضى سوء العذاب، صار من السهل على أي دولة أن تشق عصا الطاعة على القانون الدولي، وأن تفرد عضلات وأن تقذف بفضلات سياسية وتمارس سياسة "كل من إيده إله" بدون وازع أو رادع، طالما أن العقل الطالع لا يجد في الشريعة البشرية ما يمنع ويقمع. ولا نستبعد أبداً وبعد هذه الفوضى العالمية، أن تتنامى طفيليات دولية وإقليمية، مستفيدة من غياب قوة القانون الدولي، والتهاء العالم بقضايا متفرعة عن قضايا، وقضايا تتحكم بمسيرة الأحداث الإنسانية، وتجعل العاقل في حيرة. فالأحداث في سوريا، وما يربطها بسياسيي إيران من علاقة ذات مصالح، فتحت النافذة أمام عيون صُناع القرار في طهران، مستغلين العبث السياسي في موضوع سوريا، ليفتحوا فوهة معضلة أخرى نحو جزرنا المحتلة، وكأنهم يريدون أن يقولوا للعالم: نستطيع أن نفتح جبهة أخرى لنخفف الوطء على النظام السوري، وطالما الأمر بأيدينا ونحن الذين نملك قرار التصعيد في المنطقة، فلماذا لا نفعل ما نريد، ونعربد، ونزبد في بحار المنطقة، وإلى حين يصحو العالم يحلها ألف حلاّل. ولا تدري إيران أن تسكين الألم في سوريا، لن يحله المزيد من الاستفزاز على جزرنا المحتلة، ولا تدري إيران أن الإمارات دائماً وأبداً تقف حيال القضايا العالمية والإقليمية، موقف المعادل الموضوعي، الذي لا يعمل بعاطفة بقدر ما يفعل بالعقل، والاتزان السياسي لصالح حياة الشعوب ونهوض الأوطان، وتحقيق الرخاء للعالم، بعيداً عن الاحتلال والاضطهاد والقتل والتشريد، والاعتداء على حقوق الغير ظلماً وعدواناً. ولا تدري إيران أن العمل الاستفزازي والخطابات العابثة بالمضمون لن تستعيد لإيران هيبة، ولن تضيف إلى توسعاتها على حساب أراضي الغير غير استهجان العالم لهذا التصرف، وتكذيبه كل الشعارات المرفوعة في الجهاد والتحرير. ولا تدري إيران أن الحنكة السياسية تستدعي أن يفكر قادتها مراراً وتكراراً، بمصالح الشعب الإيراني المرتبطة بمصالح الشعوب العربية، ومنذ فجر التاريخ وإيران تغزو هذا القطر العربي أو ذاك، لكنها لم تهنأ باستقرار وانتعاش حضارة، إلا بقوة العرب، وازدهار حضارتهم، فالأصل في الحضارة الإسلامية يبدأ من أرض العرب، وقبل الانحياز إلى العرقية والطائفية، كانت بغداد المصدر الرئيسي للثقافة الإيرانية، وهذه حقيقة لا تحتاج إلى مكابرة أو نسيان.. كل هذا لا يفرض على حكام إيران أن يسيل لعابهم، لمجرد غفلة عالمية إثر أحداث دامية هنا وهناك، لأن الحقوق فضائل، وخير الفضائل المطالبة بها.. وما ضاع حق وراءه مطالب، والإمارات صاحبة حق، والجزر أراضٍ محتلة، والاحتلال له معنى واحد، ولا فرق بين من يحتل في الخليج العربي أو في بلاد الشام.. ومن يسرق لا يحق له أن يدعو على اللصوص، ومن يضيق به عرش المبادئ لا يحق له أن يتحدث عن المبادئ.. وفاقد الشيء لا يعطيه.. نقلا عن صحيفة الاتحاد الاماراتية