بعد سيطرة حركة «حماس» على قطاع غزة، قبل شهر وجد الفلسطينيون أنفسهم أمام حكومتين منفصلتين من المرجح ان يستمر الشقاق بينهما لفترة من الوقت. ويتردد مسؤولون في غزة والضفة الغربية ومحللون فلسطينيون وإسرائيليون في التنبؤ بفترة استمرار هذا الشقاق. وربما يكون من العوامل الرئيسية القدرة النسبية للقيادات المتنافسة على توفير الأمن والرخاء والضغط على الزعماء من أجل استعادة جبهة مشتركة في المفاوضات بشأن الدولة الفلسطينية المستقبلية مع إسرائيل. وقال رئيس الوزراء الفلسطيني المقال اسماعيل هنية انه مستعد للحوار مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي قام بتعيين حكومة طوارئ في الضفة الغربية برئاسة سلام فياض كرئيس جديد للوزراء. وعباس الذي وضعت إقالته لوزراء حركة «حماس» في 14 يونيو الماضي نهاية للعقوبات الإسرائيلية والغربية المفروضة على الفلسطينيين يصر على انه لا يمكنه التسامح إزاء «الانقلابيين» في غزة وأضفى على موقف «فتح» بعدا شخصيا باتهامه «حماس» بمحاولة قتله. وقال احد كبار مستشاري عباس ل «رويترز» في الضفة الغربية «توجد حقيقتان متناقضتان على الأرض احداهما في الضفة الغربية والأخرى في غزة. والوضع القائم الذي يعكس الفوضى والانقسام من المرجح ان يستمر لبعض الوقت». وكثير من الفلسطينيين في القطاع وغزة يشعرون بالرعب تخوفا من ان يسفر الانقسام عن تقويض جهود استئناف المفاوضات مع إسرائيل بشأن إقامة دولة مستقلة في الضفة الغربيةوغزة. ويبدو ان الفصيلين عازمان على ان يظهرا للفلسطينيين ان كلا منهما قادر على إدارة المنطقة الخاضعة له بشكل أفضل من منافسه وهي المنافسة التي تلعب فيها إسرائيل والمواقف الدولية الدور الأساسي. وفي الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل تسلم فياض عائدات الضرائب والجمارك التي طال احتجازها من إسرائيل لكن لم يحصل على تخفيف لقيود نقاط التفتيش العسكرية وغيرها من عوائق التنقل والحركة وهو أمر سيثمنه السكان المحليون عاليا. وفي غزة أصبحت «حماس» وسكان القطاع في عزلة تامة تقريبا. وسلط انتهاء القتال بين الفصيلين عقب أسبوع من إراقة الدماء ضوءا ايجابيا على سيطرة «حماس» بالنسبة لكثير من سكان غزة على الأقل في الوقت الحالي. لكن زعماء «حماس» يشكون من ان الحظر الدولي لا يمنحهم الفرصة لإدارة حكومة انتخبت ديمقراطيا بنزاهة قبل 18 شهراً. ويتهمون البعض في «فتح» بالتآمر سرا مع إسرائيل ضدهم، ويخشى المقاومة من الفصيلين في كل من القطاع والضفة الاعتقال أو الاغتيال على يد الاحتلال الإسرائيلي. ويؤكد مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني المقال أحمد يوسف على الرغبة في الحوار ويقول ان «تحرك عباس الاحادي لاعلان حكومة طوارئ في الضفة الغربية هو مقامرة سياسية محكوم عليها بالفشل. الخيار العقلاني هو التعامل مع حماس». ويقول الغرب انه يتعين على «حماس» القبول بإسرائيل و«نبذ العنف» قبل ان يتعامل مع الإسلاميين الذين يرجع الكثيرون فوزهم في الانتخابات إلى الغضب بسبب سنوات من الفساد المالي والانحراف في ظل قيادة «فتح». وبعض المسؤولين الفلسطينيين يعتقدون ان إسرائيل ربما تسعى إلى إطالة أمد الشقاق عن طريق تناوب مساعدة عباس وتسهيل الأوضاع في غزة كجزء من الجهود لإضعاف المفاوضين الفلسطينيين. ورغم ان رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت أصر على ان إسرائيل ستكون «غبية» بعدم تشجيع الوحدة الفلسطينية أشار مسؤولون فلسطينيون إلى قيام إسرائيل بمجرد تحويل تدريجي لعائدات الضرائب لفياض والعمليات العسكرية ضد نشطاء في الضفة الغربية كدليل على ان الدولة اليهودية ترغب في استمرار الضغط على فياض لإحباط أي تحرك للوفاق مع «حماس». وقال المحلل الإسرائيلي مناحم كلين «المستفيدون الوحيدون من الانقسام هم الإسرائيليون. وأشار إلى ان «إسرائيل تريد استغلال الانقسام بين غزة والضفة الغربية». وهناك طريقان محتملان لإعادة توحيد الفلسطينيين وهما الانتخابات واستخدام القوة من جانب أحد الفصيلين أو الآخر. ويرى محللون فرصا محدودة لتنظيم انتخابات نزيهة في الضفة والقطاع على الفور ويثيرون أسئلة بشأن مدى تقبل أي من الفصيلين للهزيمة. وتجدد العنف يثير المخاوف لكن قليلين يعتقدون ان بمقدور أي من الفصيلين إلحاق الهزيمة بالآخر فقوات «فتح» لحقت بها هزيمة منكرة في غزة بينما تواجه «حماس» في الضفة الغربية ليس «فتح» فحسب بل القوات الإسرائيلية. وعلى المدى الأطول يرى محللون انه لا يوجد بديل عن المحادثات لإنهاء الشلل وقال المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري «السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة هو الحوار...هناك حاجة للاتفاق على الأساسيات». ويرى المصري انه في الوقت الملائم سيرى الفصيلان ان التعاون يخدم مصالحهما المشتركة. وقال «الاتفاق صعب لكنه ممكن مع مرور بعض الوقت وبعد ان تدرك الأطراف المتصارعة انهم آخذون في الضعف وان المحتل هو المستفيد الوحيد».