الصحفيين تكرم المتفوقين دراسيا من أبناء صحفيي فيتو (صور)    مجلس الأمن يصوت اليوم على إعادة فرض العقوبات النووية على إيران    ملك إسبانيا منبهراً ب«سحر حتشبسوت»: لم يره الفراعنة أنفسهم هكذا    حدثت وجها لوجه، إصابة 9 أشخاص في تصادم سيارتين نصف نقل أعلى كوبري بالشرقية    ب 16 طعنة.. زوج يقتل زوجته وأطفاله الثلاثة بالدقهلية    بمزج الكلاسيكي والحديث، عمرو دياب يتألق في حفل خاص على سفح الأهرامات (فيديو)    طريقة عمل الناجتس في البيت، صحي وآمن في لانش بوكس المدرسة    فيدان: إسرائيل التهديد الأكبر على سوريا.. وأي عملية توسعية محتملة نتائجها الإقليمية ستكون كبيرة جدًا    فلسطين.. قوات الاحتلال تداهم منزلًا في بلدة كفر قدوم شرق قلقيلية    واشنطن تجهز مقبرة «حل الدولتين»| أمريكا تبيع الدم الفلسطيني في سوق السلاح!    موسم انفجار راشفورد؟ برشلونة يضرب نيوكاسل بهدفين    رسميًا.. الاتحاد السكندري يعلن إنهاء تعاقد أحمد سامي وإيقاف مستحقات اللاعبين    أمينة عرفي تتأهل إلى نهائي بطولة مصر الدولية للإسكواش    مصطفى عسل يعلق على قرار الخطيب بعدم الترشح لانتخابات الأهلي المقبلة    سعر الموز والتفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    نقيب الزراعيين: بورصة القطن رفعت الأسعار وشجعت الفلاحين على زيادة المساحات المزروعة    هل يقضي نظام البكالوريا على الدروس الخصوصية؟.. خبير يُجيب    عاجل- صندوق الاستثمارات السعودي يضخ حزمة استثمارات كبرى في مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي بين القاهرة والرياض    هيئة المسح الأمريكية: زلزال بقوة 7.8 درجة يضرب "كامتشاتكا" الروسية    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    جوارديولا: الفرق الإيطالية لا تُصدق في الدفاع.. وممتن لأننا مررنا بأسبوع صعب    بعد رباعية مالية كفر الزيات.. الترسانة يقيل عطية السيد ويعين مؤمن عبد الغفار مدربا    "خارج الخدمة".. ماذا قال ياسر ريان عن مستوي الأهلي مع النحاس؟    ميلونى: تدشين نفق للسكك الحديدية تحت جبال الألب يربط بين إيطاليا والنمسا    سادس فيتو أمريكي ضد وقف إطلاق النار في غزة خلال عامين    مصر والإمارات توقعان 5 مذكرات تفاهم لتعزيز التعاون بقطاع الطيران المدني    تغطية خاصة| "رحلة الأسورة الذهبية التاريخية من المتحف إلى الصهر    محافظ قنا يناقش آليات تقنين أراضي الدولة والتعامل مع المتقاعسين    صور.. افتتاح الدورة التاسعة لملتقى «أولادنا» لفنون ذوي القدرات الخاصة بالأوبرا    دينا الشربيني ل"معكم": تارا عماد نفذت مشاهد انتحارية في "درويش".. جريئة في الاكشن    بإطلالة جريئة.. أحدث ظهور ل ميرنا جميل داخل سيارتها والجمهور يعلق (صور)    بحضور الوزراء والسفراء ونجوم الفن.. السفارة المكسيكية بالقاهرة تحتفل بعيد الاستقلال الوطني "صور"    الأسورة النادرة ساحت وناحت.. مجدي الجلاد: فضيحة تهدد التراث وكلنا سندفع الثمن    حي علي الصلاة..موعد صلاة الجمعة اليوم 19-9-2025 في المنيا    انخفاض سعر الذهب عيار 21 عشرجنيهات اليوم الجمعة في أسيوط    خليكي ذكية ووفري.. حضري عيش الفينو للمدرسة في المنزل أحلى من المخبز    أوفر وخالٍ من المواد الحافظة.. طريقة تجميد الخضار المشكل في البيت    السجن المشدد 7 سنوات والعزل من الوظيفة لموظف بقنا    ضبط عاطل بحوزته كمية من المخدرات وسلاح ناري بكفر الشيخ    4 أبراج «حظهم حلو مع كسوف الشمس 2025».. يشهدون أحداثًا مهمة ويجنون الثمار مهنيًا وعاطفيًا    كائن حي يحول المياه للون الحليبي.. سر أضواء غامضة تنير البحار ليلا    تعرف علي آخر تطورات سعر الذهب اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025 فى مصر    رضا عبدالعال منفعلًا: «منهم لله اللي غرقوا الإسماعيلي»    شروط النجاح والرسوب والدور الثاني في النظام الجديد للثانوية العامة 2026-2025 (توزيع درجات المواد)    4 ظواهر جوية .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «اتخذوا الاستعدادات اللازمة»    بمكونات متوفرة في البيت.. طريقة عمل الكيكة الهشة الطرية للانش بوكس المدرسة    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم كل ما تحتاج معرفته    بالصور.. جامعة الفيوم تكرم المتفوقين من أبناء أعضاء هيئة التدريس والإداريين    الشوربجى: اهتمام كبير برفع مستوى العنصر البشرى .. ودورات تدريبية متخصصة في الذكاء الاصطناعي    صندوق التنمية الحضرية "500 ألف وحدة سكنية سيتم طرحها خلال المرحلة المقبلة"    "حافظوا على الحوائط".. رسالة مدير تعليم القاهرة للطلاب قبل العام الجديد    زيارة مفاجئة لرئيس المؤسسة العلاجية إلى مستشفى مبرة مصر القديمة    التمثيل العمالي بجدة يبحث مطالب 250 عاملًا مصريًا بشركة مقاولات    الرئيس الكازاخي لوفد أزهري: تجمعني علاقات ود وصداقة بالرئيس السيسي    هل تواجد امرأة في بلكونة المسجد وقت العذر الشرعي يُعتبر جلوسا داخله؟.. أمين الفتوى يوضح    الإمام الأكبر يكرِّم الطلاب الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    الدفعة «1» إناث طب القوات المسلحة.. ميلاد الأمل وتعزيز القدرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د‏.‏ طه عبد العليم: دفاعا عن الحقوق المدنية والسياسية للإنسان والمواطنة
نشر في أخبار مصر يوم 08 - 01 - 2012

بعد قراءة موضوعية نقدية للخبرة العالمية والتاريخ المصري‏,‏ ورغم غضبة خصوم قيم الوطنية والمواطنة‏,‏ قلت وأكرر إن المواطنة هي الحل‏;‏ ببساطة لأن هذا الشعار البوصلة ينطوي علي رؤية شاملة وخريطة طريق وبرنامج عملي لإقامة نظام جديد‏;‏ يحقق ما تطلع اليه وثار من أجله المصريون, وما تستحقه وتستطيعه مصر مبدعة الحضارة وفجر الضمير.
أقصد أن تكون مصر للمصريين انطلاقا من دستور جديد غايته أن تصبح مصر دولة جميع مواطنيها, التي تنبذ التمييز والتهميش, وتدمج ولا تقصي, وتوحد ولا تمزق, وتحمي السيادة الوطنية وجميع حقوق المواطنة وحقوق الإنسان; السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية وغيرها.
وقد تناولت في أربعة مقالات سابقة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في دولة المواطنة, وأتناول هنا الحقوق السياسية والمدنية والثقافية للإنسان في دولة المواطنة. وأشدد باديء ذي بدء علي أن دولة المواطنة من هذ المنظور ليست مجرد نقيض للدولة الدينية, التي تزعم السلطة فيها أنها تحكم باسم الدين, وتميز بين مواطنيها بسبب الدين أو المذهب أو العقيدة; وإنما هي أيضا نقيض للدولة التابعة, المعرضة للاختراق الأجنبي, ونقيض للدولة الاستبدادية, المهدرة لسيادة القانون.
ويعني إعلاء شعار المواطنة هي الحل في هذا السياق البدء من حيث وصل الضمير الإنساني, كما عبر عنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية, وهما الوثيقتان اللتان شاركت في صياغتهما مصر ووقعت وصدقت عليهما منذ عقود, وصارت من ثم ملزمة بحكم الشرعية الدولية والقانون الوطني بما اشتملتا عليه, مع تحفظ يتصل بعدم التعارض مع أحكام الشريعة الاسلامية, مبعثه مواد الإعلان والعهد المتعلقة بالزواج والتبني والإعدام.
وقد أشير هنا الي نص ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان علي أنه لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم. ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلي أعمال همجية آذت الضمير الإنساني, وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة. ولما كان من الضروري أن يتولي القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر الي التمرد علي الاستبداد والظلم.. فإن الجمعية العامة تنادي بهذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وقد أكد الإعلان والعهد مباديء أساسية, أكدتها بوجه عام الدساتير المصرية المتعاقبة, بدءا من دستور1923 وحتي دستور1971, وبينهما دستور1954, الذي ألقي به بين المهملات!!
ومن هذه المباديء حماية صصشش حريات التفكير والضمير والدين والرأي والتعبير والمعلومات, وحرية تكوين الأحزاب والجمعيات السلمية, وحرية التنقل والهجرة, والإلتزام بالشفافية والمساءلة والمحاسبة, وضمان حق الأمة في اختيار, وإعادة اختيار, الحاكم والنظام; عبر انتخابات دورية نزيهة, وحماية الحق في تقلد الوظائف العامة دون تمييز, واحترام الكرامة الإنسانية بنبذ التعذيب والعقوبات القاسية والوحشية والمعاملة الحاطة بالكرامة, وتعزيز المساواة; بعدم التمييز بين المواطنين علي أساس الدين أو العرق أو النوع أو اللغة أو الرأي أو الأصل أو الثروة أو النسب, وتعزيز سيادة القانون; بضمان أن يكون المواطنون سواسية أمام القانون, وتوفير العدالة القضائية الناجزة, وعدم الاعتقال والحجز والنفي التعسفي, وحماية الحق في الحياة والأمان والسلامة الشخصية, وحماية حرمة الحياة الخاصة والسمعة..إلخ.
وهذه المباديء, التي ترتكز اليها دولة المواطنة, تتوافق يقينا مع مباديء ومقاصد الإسلام, كما تتوافق مع القيم المسيحية, وتجسد مصالح الأمة المصرية دون ريب, وينبغي أن يتحلي بها المسلم والمسيحي في الحياة. ويظهر أخطر الخلافات مع تلك المباديء ومع دولة المواطنة التي تجسدها, في بعدها الذي يتضمن المساواة في الحقوق بين جميع المواطنين بغض النظر عن دياناتهم ومعتقداتهم. وهذا الخلاف مبعثه من ينظرون الي المصريين المسيحيين باعتبارهم ذميين لا مواطنين; ويرون في الحماية والتسامح والعدالة القضائية بديلا لتمتع المسيحيين بحقوق المواطنة كاملة وغير منقوصة, ويتطلعون لأن يكون فقهاؤهم فوق السلطة التشريعية التي تنتخبها الأمة, ويرون سلطة مرشد جماعة من المسلمين فوق سلطة رئيس الدولة المنتخب من الأمة, ويبشرون بدولة الخلافة ويرون نقد تاريخها الحافل في أغلبه بالظلم والفشل نقدا للاسلام, وينظرون للمخالفين لهم في الرأي باعتبارهم إما كارهين للاسلام أو كافرين بالاسلام!!
وفي مواجهة الحملة الأخيرة التي تتعرض لها منظمات حقوق الإنسان المصرية بذريعة وقف التمويل الأجنبي للجمعيات الأهلية متي كان مخالفا للقانون, أقول باستقامة إنه علي المجلس الأعلي للقوات المسلحة إدراك أن الانتقائية في تطبيق القانون تفقده شرعيته, ولن ينظر اليها إلا باعتبارها مجرد إقصاء للجمعيات التي تزعج السلطات في مجال حقوق الإنسان, حين تترك الجمعيات الأخري الممولة من الخارج وغير الخاضعة للقانون, رغم مخالفاتها الصريحة والصارخة ليس فقط لقانون الجمعيات وإنما لقانون الانتخابات والأحزاب السياسية بل ولنصوص الإعلان الدستوري.
وفيما تبقي من الحكم الانتقالي وفي ظل السلطة المنتخبة, لا بد من إدراك أهمية الدور المنوط بمنظمات حقوق الإنسان التي نهضت ولا تزال بدور لا بديل له ولا غني عنه في حماية حقوق الإنسان والمواطنة السياسية والمدنية. وفي ذات السياق, وفي مواجهة الحملة علي حرية الصحافة, المقروءة والمرئية والإليكترونية, أقول إنه علي المجلس الأعلي للقوات المسلحة إدراك أن مكاسب حرية الصحافة تزيد يقينا علي خسائرها, في حساب التكلفة والعائد.
وفي مجال حرية التعبير عموما ينبغي استيعاب ما أوضحه قضاء المحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض في مصر, من أن سلطة المشرع كغيرها من السلطات مقيدة باحترام الصالح العام وعدم الجور علي الحريات أو البغي علي حقوق الافراد, وانتقاد القائمين بالعمل العام, وإن كان مريرا, يظل متمتعا بالحماية التي يكفلها الدستور لحرية التعبير, أساس جميع الحريات, إذا أريد لحرية التعبير أن تتنفس فإن قدرا من التجاوز يتعين التسامح فيه. وحق النقد في الصحافة يتيح للإفراد المشاركة في الحياة العامة والإسهام في مواجهة المشكلات وإدارة شئون الوطن.
ولكن حتي لا تكون حرية الصحافة جزءا من المشكلة وليست جزءا من الحل, فان علي الصحفي أن يلتزم في نشر المعلومات بقواعد الصحافة الثلاث: الدقة والدقة ثم الدقة!! حتي يتمتع بالمصداقية ويتجنب المساءلة. لكن هذا يتوقف بدرجه مهمة علي تيسير وصول الصحفي الي مصادر موثوقة للمعلومات, وهو ما ينبغي أن يكفله إصدار قانون مصري لحرية وتداول المعلومات, يكون الكشف الأقصي فيه هو المبدأ والحجب والمنع هو الاستثناء.
والمعيار هنا أن تسعي الاستثناءات الي هدف مشروع ينص عليه القانون, وأن لا يهدد الكشف عن المعلومات بإحداث ضرر كبير بذلك الهدف; وأن يكون ضرر الكشف عن المعلومات أكبر من المصلحة العامة في الحصول عليها.
نقلا عن صحيفة الاهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.