فى مفاوضات تاريخية هي الثانية من نوعها خلال شهرين،تجتمع وفود إيرانية -اميركية في بغداد اليوم ، بهدف بحث الوضع الأمني في العراق . من جانبه دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في كلمة الإفتتاح ، الى فهم شامل للأوضاع العراقية مؤكدا ان العراق يمر بأوضاع صعبة وشلالات من الدماء والمعاناة ،حيث الارهاب يضرب جميع العراقيين بلا استثناء مشيرا الى هروب مجموعات من المسلحين الى دول الجوار.مشيراً الى أنه يرفض تدخل الدول الأخرى في شؤونه.
المفاوضات الايرانية الاميركية جرت بمقر رئاسة الحكومة العراقية داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد ، وشارك فيها وفد عراقي برئاسة رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى وعضوية وزير الخارجية هوشيار زيباري ومستشار الامن القومي موفق الربيعي ،فيما ترأس وفد الولاياتالمتحدة سفيرها في بغداد ايان كروكر والوفد الايراني سفيرها حسن كاظمي قمي. زيباري أكد في وقت سابق من هذا الأسبوع أن هذا الإجتماع يعتبر متابعة للقاء الأول الذي عقد في مايو الماضي والذي لم يسفر عن تقدم كبير.
مصادر دبلوماسية أميركية شددت ،قبيل الاجتماع، على أن المفاوضات ستقتصر على العراق ولن تتناول قضايا عالقة بين الجانبين من بينها برنامج إيران النووي واعتقال طهران لعدد من الأميركيين او اعتقال الجيش الأميركي لعدد من الإيرانيين في العراق. وكان الناطق باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك كشف أجندة اللقاء قائلاً "القضية التي سيتناولها اللقاء ستركز على العراق واستقراره البيت الأبيض من جانبه، اعلن ان هذه الجولة الثانية ستركز على سبل تحقيق الامن في العراق وإبلاغ الإيرانيين بالمخاوف الاميركية حيال أنشطة جيش القدسالايراني وعمليات تصدير المتفجرات والاسلحة الى داخل العراق. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض توني سنو في لقاء مع الصحافيين ان "المحادثات تهدف لاعادة التذكير بالالتزامات التي قطعتها ايران على نفسها في ما يتعلق بتحقيق الاستقرار في العراق". ونفى سنوعزم المسؤوليين الاميركيين المشاركين في المحادثات التطرق الى قضية 4 اكاديميين وناشطين امريكيين من اصول ايرانية تحتجزهم السلطات في ايران على خلفية اتهامات بالتجسس لصالح الولاياتالمتحدة والعمل ضد المصالح الايرانية.
مفاوضات اليوم سبقتها أمس اجتماع رئيس الوزراء العراقى المالكي مع الوفد الإيراني المفاوض والذى أعرب عن أمله في أن تسهم المحادثات بين طهرانوواشنطن في دعم الحكومة والشعب العراقيين.. وقال "نأمل بأن تؤدي المحادثات بين إيران وأميركا إلى إحلال الأمن والاستقرار في العراق" وأيضاً التقى مع رئيسي الوفدين الاميركي والايراني رئيس الدولة العراقى جلال طالباني كلا على حدة عشية تراسهما لمباحثاتهما، حيث جدد الوفد الايراني " تأكيده على انه جاد في محادثاته ويتطلع الى الوصول الى نتائج ايجابية ومفيدة مع الجانب الاميركي حول العراق من اجل مساعدة الشعب العراقي وتوفير الامن والاستقرار له" طالباني عقد بعد ذلك اجتماعا مماثلا مع السفير الاميركي كروكر حيث تم التطرق الى الاجتماع الذي سيعقد مع الايرانيين. كما تم بحث "سير تطور العملية السياسية الراهنة والمعوقات التي تعترض استكمال المهام الوطنية وضمان النجاح في العراق. وقد جرى الاتفاق على ضرورة تسريع الخطوات وتكثيف الاتصالات مع الجميع من اجل انقاذ الوضع السياسي من ازمته الراهنة والوصول الى اجماع وطني حقيقي وترسيخ الشراكة الحقيقية لجميع الكتل الفاعلة وايجاد حلول مقبولة للمسائل العالقة.
كما اجتمع وزير الخارجية بدوره هوشيار زيباري مع قمي وناقش معه الاستعدادات للجولة الثانية من المباحثات، مؤكدا حرصه على ان تأخذ هذه الجولة بعداً عملياً مناسباً للخروج بالاليات المناسبة لدعم الامن والاستقرار في العراق.
اجتماع اليوم هو الثاني من نوعه بين كروكر وقمي بعد ترأسهما لاجتماع تاريخي مماثل عقد في بغداد ايضا حيث التقى الجانبان في 28 مايو الماضي في اول لقاء لهما منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1980، لبحث الوضع الأمني في العراق بحضور عراقي تمثل بوزير الخارجية هوشيار زيباري،لكنه لم يسفر عن أي تقدم.
وبينما أطلق المراقبون على الجولة الاولى من المباحثات اسم مرحلة كسر الجليد إلا إنها لم تسفر عن نتائج ملحوظة على ارض الواقع، حيث شهدت الفترة الزمنية ما بين الاجتماع الأول واجتماع اليوم إرتفاعا ملحوظا في الهجمات وأعمال العنف. و زادت أيضاً التوترات بين الجانبين حيث استمر كل منهما فى إلقاء الإتهامات على الآخر بشأن دوره فى العراق والمنطقة. واشنطن تتهم ايران باذكاء العنف في العراق. وتنفي ايران الاتهامات وتحمل الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة عام 2003 مسؤولية العنف الدامي بين أغلبية العراق الشيعية وبين الاقلية من العرب السنة.
ويذكر ان الجيش الامريكي يتهم ايران بشكل متكرر بتسليح وتدريب الميليشيات الشيعية في العراق، بما فى ذلك مواد لتصنيع قنابل متطورة خارقة للدروع ،ولكن ايران نفت مراراً المزاعم الامريكية بأن نشطاءها يسلحون المتمردين ويستهدفون القوات الامريكية، وطالبت بانسحاب القوات الامريكية من العراق على الفور.
وتأزمت العلاقات الأميركية الإيرانية أكثربعد اعتقال القوات الأميركية خمسة إيرانيين تقول طهران إنهم دبلوماسيون، فيما تؤكد واشنطن أنهم عناصر من الحرس الثوري الإيراني.
والى جانب ذلك، تطالب واشنطن بإطلاق سراح اربعة باحثين ونشطاء امريكيين من اصل ايرانى تتهمهم ايران بتعريض الأمن الوطنى للخطر. وتقود الولاياتالمتحدة محاولات دبلوماسية لعزل ايران بسبب طموحاتها النووية ولكن الجانبين أكدا أن المحادثات في بغداد ستركز فقط على العنف في العراق وقد دفع الوضع المتردي بالعراق كلا من واشنطنوطهران التي انقطعت العلاقات الدبلوماسية بينهما بعيد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 إلى البحث عن أرضية مشتركة بينهما لإيجاد مخرج للأزمة العراقية.
موقف النواب العراقيين من المفاوضات
وقد تفاوتت اراء النواب العراقيين بشأن مدى اهمية هذا اللقاء الاميركي الايراني. فقال النائب الكردي محمود عثمان في تصريح صحفي "لا نتوقع الكثير من هذا اللقاء". وأضاف " كل من ايرانوالولاياتالمتحدة لديه اجندته الخاصة" واعتبرأن " مشاكل العراق لا تحل الا من قبل العراقيين فقط لذا يجب عليهم العمل جنبا الى جنب".
لكن النائب همام حمودي عضو المجلس الاعلى الاسلامي الذي تربطه علاقات طيبة بايران وصف اللقاء بقوله "هذا اجتماع مهم وهناك ارادة عند الاطراف الثلاثة لحل العقد ودعم الحكومة العراقية خصوصا في مواجهة التحديات الامنية".
وبدوره رأى النائب عباس البياتي عضو الائتلاف العراقي الموحد الشيعي ان "الاجتماع الامريكى الايرانى الاول كسر الحاجز النفسي وهذا الاجتماع سيضع الترتيبات العملية التي ستتفق الاطراف الثلاثة من اجل إنجازها دعما للعملية السياسية".
ومابين الأمل والياس من جدوى هذه الإجتماعات ،هل تستطيع الإرادة العراقية أن تجتمع و تصمم على تحقيق الهدف الذى يبدو أنه أصبح بعيد المنال وهو تحقيق الأمن والإستقرار للعراقيين الذين باتوا غير آمنين فى وطنهم ؟ 24/7/2007