ب 550 مليار دولار.. ترامب يعلن عن إبرام أكبر صفقة تجارية مع اليابان    بعد 7 سنوات من الصمت.. أوباما في مواجهة عاصفة ترامب    "مستقبل وطن" يحشد جماهير مطاي في مؤتمر لدعم مرشحيه بانتخابات الشيوخ 2025    لمدة 7 ساعات.. قطع التيار الكهربائي عن 12 منطقة في البحيرة    7 شهداء إثر استهداف شقة سكنية في منطقة تل الهوا غرب قطاع غزة    جيش الاحتلال يُحاصر مستشفيين ويقتحم بلدات في الضفة الغربية    جوتيريش: الجوع يطرق كل باب في قطاع غزة    أمريكا: مهلة ال50 يومًا التي حددها ترامب بشأن أوكرانيا غير محددة    صاحبة المركز التاسع بالثانوية: "النجاح بالمحبة والاجتهاد لا بالعبقرية" (صور)    رئيس اتحاد الخماسي يُكرم طالب بني سويف الأول على الجمهورية ب100 ألف جنيه    عيار 21 الآن يواصل الارتفاع.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 23 يوليو في الصاغة    برلماني: «ثورة يوليو» الشرارة الأولى لإرساء مبادئ العدالة الاجتماعية    تعليم البحيرة تهنئ الطالبة نوران نبيل لحصولها على المركز السادس فى الثانوية العامة    جامعة الإسكندرية تستقبل وفد المركز الإعلامي الأوزبكستاني    بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025 .. نصائح لاختيار الجامعة والكلية المناسبة لك    مؤشرات تنسيق الثانوية العامة 2025 أدبي.. الحد الأدني ل كليات المرحلة الأولي 2024 (بالنسبة المئوية %)    تنسيق الثانوية العامة 2025 بالدرجات علمي علوم وأدبي كليات تقبل من 65%.. ما هي؟    كتائب القسام: قصفنا موقع قيادة وناقلة جند إسرائيلية بالقذائف والصواريخ    عبدالمنعم سعيد: المنطقة كانت تتجه نحو السلام قبل 7 أكتوبر    عصام سالم: هناك كيل بمكيالين في التعامل مع أزمة فتوح    «الأهلي بياخد الدوري كل أثنين وخميس».. نجم الزمالك السابق يتغنى ب مجلس الخطيب    تطورات الحالة الصحية ل حسن شحاتة.. فاروق جعفر يكشف    رياضة ½ الليل| وفاة لاعب فلسطيني.. صفقة الزمالك «منظورة».. رحيل «عادل» للإمارات.. وأحلام زيزو بالأهلي    سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025    رئيس "بنك الطعام": نقدم نموذج شمولي فريد بالتعاون مع 5 آلاف جمعية    لم تيأس بعد عامين من الرسوب.. طالبة ال 4% تحصد 70% في الثانوية العامة بقنا    حزب الجبهة الوطنية: دعم مادي بقيمة 50 ألف جنيه لأوائل الثانوية العامة    لينك نتيجة الصف الثالث الثانوي 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رسميًا الآن عبر الموقع الرسمي ل وزارة التربية والتعليم    الأولى على الثانوية العامة شعبة أدبي ل«المصري اليوم»: «بكيت فرحًا وسألتحق بالألسن»    بعد نجاحها في الثانوية.. سوزي الأردنية تعلن خطبتها قريبًا    النيران اشتعلت في «الهيش».. الحماية المدنية تسيطر على حريق بأسيوط    شخص مقرب منك يؤذي نفسه.. برج الجدي اليوم 23 يوليو    محمد التاجي: جدي «عبدالوارث عسر» لم يشجعني على التمثيل    محمد التاجي: فهمي الخولي اكتشف موهبتي.. ومسرح الطليعة كان بوابتي للاحتراف    الرابعة على الثانوية: تنظيم الوقت سر النجاح.. وحلمي أكون طبيبة    فرصة لإدراك تأثير جروح الماضي.. حظ برج القوس اليوم 23 يوليو    ما حكم الاعتداء على المال العام؟.. أمين الفتوى يجيب    منها السبانخ والكرنب.. أهم الأطعمة المفيدة لصحة القلب    «الإندومي» والمشروبات الغازية.. أطعمة تسبب التوتر والقلق (ابتعد عنها)    بدون أدوية.. 6 طرق طبيعية لتخفيف ألم الدورة الشهرية    الكشف عن بديل الهلال في السوبر السعودي    دروجبا: محمد شريف هداف مميز.. والأهلي لا يتوقف على أحد    أتلتيكو مدريد يتعاقد مع مارك بوبيل رسميا    وساطات بتركيا تسعى لإطلاق سراحه .. إعلام "المتحدة" يُشيع تسليم محمد عبدالحفيظ    بالصور.. صبا مبارك تستمتع بعطلتها الصيفية أمام برج إيفل    أندية سعودية تنافس بنفيكا على ضم جواو فيليكس    نشرة التوك شو| قانون الإيجار القديم ينتظر قرار الرئيس السيسي.. و"الزراعة" توفر الأسمدة رغم التحديات    ب"فستان تايجر".. أحدث جلسة تصوير جريئة ل نورهان منصور تخطف الأنظار    حدث بالفن| زفاف مخرج ونقل زوج فنانة إلى المستشفى وأحدث أزمات حفلات الساحل الشمالي    ما هي كفارة اليمين؟.. أمين الفتوى يجيب    اعتماد أولى وحدات مطروح الصحية للتأمين الشامل.. وتكامل حكومي - مجتمعي لرفع جودة الخدمات    أهم أخبار الكويت اليوم.. ضبط شبكة فساد في الجمعيات التعاونية    هل يجوز الوضوء مع ارتداء الخواتم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    محافظ شمال سيناء يفتتح "سوق اليوم الواحد" بالعريش لتوفير السلع بأسعار مخفضة    انطلاق المبادرة الوطنية للتطعيم ضد السعار من الإسماعيلية    أدعية لطلاب الثانوية العامة قبل النتيجة من الشيخ أحمد خليل    البورصة المصرية تخسر 12.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عبدالله خليفة الشايجي: متى يفهم العرب أميركا؟!

في الجامعة نحاضر عادة على طلبتنا بأنه لا يمكن استيعاب وفهم السياسة الخارجية للدول دون فهم واستيعاب الموقع الجيوبوليتيكي للدولة المعنية وقدراتها وجيرانها كعوامل مؤثرة في صياغة مسار وحدود سياستها الخارجية. وهناك عامل آخر قد لا نوليه اهتماماً وهو دور وتأثير الضغوط والعوامل الداخلية، ودور المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في الأنظمة الديمقراطية.
ففي تلك المجتمعات، وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية، يتعرض النظام لضغوط المجالس التشريعية والمجتمع المدني والإعلام الخاص والمعارضة وتقارير وتوصيات ومؤتمرات مراكز الدراسات وجماعات الضغط أو "اللوبي" المتعدد الأهداف والمصالح والأنشطة، وخاصة إذا كان يدعم كياناً أو دولة مثل إسرائيل أو إيرلندا أو بولندا أو أرمينيا.
ونرى كيف تضغط وتصعد تلك الجماعات في نظام يسمح بل يشجع تلك "اللوبيات" لتصول وتجول وخاصة في الحملات الانتخابية الرئاسية والتشريعية، وفي مسعى التأثير لتوجيه دفة السياسة الخارجية لمصلحة دولة معينة، أو لإصدار موقف محدد، أو لبيع أو منع بيع صفقة أسلحة لدولة معينة أو لخصومها، إلى درجة أن اللوبي الأرمني في أميركا مثلاً ضغط من أجل أن يصدر الكونجرس قبل سنوات بياناً يدين المجازر التي يتهم الإمبراطورية العثمانية بارتكابها ضد الأرمن قبل قرن من الزمن!
ولكن الأمضى هو قوة وتأثير وهيمنة اللوبي الأميركي- الإسرائيلي، أو ما يُعرف ب"مجلس العلاقات العامة الأميركي الإسرائيلي" أو "AIPAC" الذي "يحج" إلى مؤتمره السنوي في واشنطن ويخطب وده كبار ساسة بلاد "العم سام" وحتى الرئيس الأميركي نفسه ونائبه ووزيرا خارجيته ودفاعه وزعماء الحزب المعارض، ومختلف كبار صناع القرار في أميركا، وفي إسرائيل أيضاً بما فيهم رئيس وزرائها، للتقرب من هذا اللوبي النافذ وكسب وده. وهذا اللوبي هو الأكثر قدرة على التحكم في القرار الأميركي واختطافه فيما يتعلق بسياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط، وهي سياسة تبقى توجهاتها ثابتة على الدوام بغض النظر عن شخصية ومكانة وحزب من يسكن في البيت الأبيض.
ولذلك فلا فرق في موقع وأولوية إسرائيل بين إدارة بوش الجمهوري وأوباما الديمقراطي. وإلى اليوم لم ينجح العرب قادة وساسة ومحللين وباحثين في فك طلاسم هذه العلاقة الاستراتيجية الثابتة، ولا حتى في محاولة التعلم والاستفادة مما يوفره النظام الأميركي من هوامش حرية للدخول في المعترك السياسي الأميركي والتأثير على مجرياته ومخرجاته كما أتقنه اليهود قبل قرن من الزمن. وإلى اليوم، وعلى رغم محورية ودور أميركا في الشأن العربي، وتأثيرها على الكثير من الدول والشعوب، ووجودها الأمني والعسكري واحتلالها لدول عربية وتشابك مصالحها مع المنطقة، إلا أن عدد المتخصصين بالشأن الأميركي ومراكز الدراسات الأميركية في دولنا العربية يعد على أصابع اليدين وهذا محبط وغير مفهوم! ولذلك لا تزال أميركا بالنسبة لكثير من العرب لغزاً لا يمكن فك شفرته.
أو كأنه لا يمكن فهمه في نظر العرب وغيرهم، باستثناء إسرائيل وحلفائها في النظام السياسي الأميركي. لا يستوعب العرب ولا يقدرون طبيعة تركيبة النظام السياسي الأميركي وقوة الشأن الداخلي وتأثيره وتحكمه في السياسة الخارجية الأميركية، إلى درجة قال معها أحد أهم رؤساء الكونجرس الأميركي مقولته الشهيرة «كل السياسات والمواقف حتى في الشأن الخارجي تعكس السياسة الداخلية» "All politics is Local" وهي مقولة ذهبت شعاراً يردده العامة والساسة وصناع القرار والباحثون الأميركيون.
إن تركيبة وطبيعة النظام السياسي الأميركي تجعله لا ينهي دورة انتخابات حتى يبدأ بأخرى، وخاصة على مستوى الكونجرس، الذي يعاد انتخاب مجلس النواب فيه كل عامين وانتخاب أعضاء مجلس الشيوخ كل ستة أعوام، وبسبب تشعب وتعدد شبكة المصالح ودور القوى الداخلية ودعم بعضها وخاصة لوبي "إيباك" الموالي لإسرائيل كما أوضحنا.
ومن المفارقات أن الكونجرس الأميركي أصبح مجلساً أكثر موالاة واصطفافاً وترحيباً، وأقل عداءً، لرؤساء وزراء إسرائيل حتى من "الكنيست" الإسرائيلي نفسه. وقد رأينا تجلي ذلك هذا العام في الخطاب الذي ألقاه نتنياهو أمام جلسة مشتركة للكونجرس بمجلسيه وعواصف التصفيق التي حظي بها، ومقاطعته بالتصفيق أكثر من ثلاثين مرة وهو ما لم يحصل عليه في مجلس "الكنيست" الإسرائيلي نفسه، وكذلك لم يحصل عليه أوباما أو غيره. وعندما يسكت أوباما عن بناء المستوطنات ويتلقى الإهانة عندما حاضر عليه نتنياهو أمام عدسات الكاميرا حول صعوبة ورفض القبول بحدود 1967 لأن إسرائيل لا يمكنها الدفاع عنها، تكبر خيبة الأمل في أوباما بسبب ارتهانه لتوازنات الداخل ونفوذ اللوبي الأميركي- الإسرائيلي وحلفائه في الكونجرس والإعلام ومراكز الدراسات لتعزيز فرص فوزه بولاية ثانية.
كما تؤكد استطلاعات الرأي الأخيرة تصاعد الغضب وفقدان الثقة من الناخب الأميركي، وتراجع شعبية أوباما بين العرب والمسلمين المحبطين الذين خاب أملهم بسبب تخبط وعجز أميركا على رغم وعود أوباما الكثيرة ودعمه لقيام الدولة الفلسطينية. بينما ترتفع شعبية أوباما في إسرائيل - يا للمفارقة- لتتجاوز شعبيته في أميركا نفسها بسبب اصطفافه مع تل أبيب على حساب مبادئه ورؤيته وقيمه! وهكذا أصبح يقال علناً إن إسرائيل هي من يدير ويتحكم في سياسة ومواقف واشنطن في الشرق الأوسط، وليس العكس!
ولا يبدو أن أميركا في وارد أن تُصغي حتى لحلفائها العرب الذين دأبوا على تحذيرها وتنبيهها إلى أهمية التوازن في تعاملها مع قضايا المنطقة. وآخر هؤلاء كان الأمير تركي الفيصل في مقالة رأي قرع فيها أجراس الإنذار ووجه رسائل واضحة، حيث "طالب أميركا بدعم طلب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة أو المغامرة بخسارة ما تبقى لها من مصداقية ضئيلة في العالم العربي. وتعريض نفوذها للتآكل، وتعريض أمن إسرائيل للخطر، وتقوية إيران، وبالتالي فرص اندلاع حرب في المنطقة. ولذلك فإن السعودية لن يكون بمقدورها التعاون مستقبلاً مع أميركا كما كان عليه الحال. ما يعرض «العلاقة الخاصة» بين السعودية وأميركا للضرر، وسط الربيع العربي، ووسط المطالبة العربية والإسلامية بالعدالة للشعب الفلسطيني". ويُحذر من "العواقب الوخيمة" للفيتو الأميركي ضد عضوية الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة.
ولاشك أن توجيه انتقادات وتقديم النصح وكتابة مقالات رأي من قبل المسؤولين والباحثين والأكاديميين العرب لأميركا مهم، ولكنه لن يغير شيئاً من الواقع المؤلم! متى يفهم العرب أن سياسات أميركا تصنعها وتتحكم فيها معادلة توازنات الشأن الداخلي. ولن يصبح العرب ذوي تأثير ووزن طالما بقينا خارج تلك المعادلة السياسية المعقدة! فمتى نستوعب الدرس؟!
نقلا عن صحيفة الاتحاد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.