أصدرت لجنة القيم التابعة للبنك الدولى قراراً رسمياً بإدانة رئيس البنك " بول وولفويتز " بتضارب المصالح وبإنتهاك مهام منصبه ، وذلك بعد سعيه لزيادة راتب صديقته " شاها رضا " ، والذى وصل إلى 200 ألف دولار سنوياً دون علم مؤسسة البنك ، وأشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن غالبية أعضاء مجلس البنك يسعون إلى أن يسهم قرار الإدانة فى إجبار وولفويتز على الاستقالة . وقد دافع وولفويتز عن نفسه أمام لجنة خاصة للتحقيق فى تورطه فى فضيحة محاباة صديقته الموظفة بالبنك أيضاً ، وقال إنه ضحية لحملة مُغرضة ، مؤكداً أنه لا يعتزم الاستقالة من منصبه وأنه لم يرتكب أى مخالفة بل عمل وفقاً لقواعد البنك مطالباً لجنة القيم برفض كل الاتهامات الموجهة ضده وهو مالم يتحقق . وكانت لجنة القيم المنبثقة من مجلس إدارة البنك الدولى المؤلف من 24 عضواً يمثلون دول العالم ، قد حققت فى الاتهام الموجه إلى وولفويتز بمحاباة صديقته " شاها رضا " بمنحها زيادة فى مرتبها وأيضاً فى اتهام آخر يتعلق بحصوله على خدمات معاونين سابقين فى البيت الأبيض ليشغلوا مناصب مؤثرة وعالية الرواتب فى دائرته المقربة وخلصت اللجنة فى حكمها بإدانة وولفويتز بتضارب المصالح وانتهاك مهام منصبه ،وقد أعلن البنك الدولى فى بيان له أن مجلس الادارة أمهل بول وولفويتزأسبوعا واحدا للرد على هذه الاتهامات الموجهة اليه . وفى السياق نفسه أوردت صحيفة " نيويورك تايمز " أن عدداً من الدول الأوروبية تراجعت عن خطة سابقة بالسعى لإسقاط حق أمريكا التاريخى فى ترشيح مدير البنك الدولى مقابل تعاون واشنطن فى إجبار وولفويتز على أخذ مبادرة التنحى عن منصبه لتجنب دخول المؤسسة الدولية فى أزمة حول بقاء وولفويتز من عدمه ، وأوضح مسئول أوروبى أن أوروبا تحاول تحقيق التوازن بين السعى إلى التخلص من وولفويتز مع تجنب وقوع خلافات حادة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا فى هذا الشأن ، وكشفت صحيفة نيويورك تايمز أن فكرة عقد صفقة مع أمريكا للتخلص من وولفويتز مقابل احتفاظ أمريكا بحقها التاريخى طرحت أول مرة على وزير الخزانة الأمريكى " هنرى إم بولسون " منتصف شهر أبريل الماضى . وقد كشفت صحيفة " واشنطن بوست " أن " شاها رضا " مسئولة الاتصال بالبنك الدولى انتقلت من البنك إلى وزارة الخارجية الأمريكية فى سبتمبر 2005 بعد ستة أشهر من تولى وولفويتز رئاسة البنك ، لكنه استمر فى دفع راتبها وحصلت على زيادة فى الراتب بلغت 61 ألف دولار ، مما رفع أجرها السنوى إلى حوالى 200 ألف دولار ، وفى رسالة إلى موظفى البنك الدولى لم ينف وولفويتز أنه كان على علاقة عاطفية بالموظفة ، موضحا أن وضعها جعله يطلب نصيحة مجلس إدارة البنك الدولى ونصحه بالتوصل إلى اتفاق يحترم بموجبه مصالح المؤسسة ومصالح الموظفة ونص هذا الاتفاق على انتداب الموظفة إلى منصب خارج البنك . بول وولفويتز رئيس البنك الدولى والذى كان نائباً لوزير الدفاع الأمريكى وأحد مهندسى حرب العراق قد تزايدت الضغوط عليه للإستقالة من منصبه رغم اعتذاره بشأن تورطه فى فضيحة ترقية صديقته شاها رضا وزيادة راتبها ، وقد تخلى عنه مجلس الإدارة كما طالب موظفى البنك بتنحيته ، ويرى المراقبون أن هذه الفضيحة قد تؤدى إلى محاولة بعض كبار الدول المساهمة فى البنك مثل اليابان إلى المطالبة بحقها فى تولى رئاسة البنك وهو الحق الذى تحتفظ به الولاياتالمتحدة ، حيث أنها تساهم بنسبة 17% من ميزانية البنك ، وفى مقابل هذا الحق حصل الأوروبيون على حق رئاسة صندوق النقد الدولى . كما يرى المحللون أن قضية وولفويتز يحتمل أن تهدد المفاوضات حول زيادة مساعدة الدول الغنية لسكان الدول الأكثر فقراً فى العالم ، حيث أعربت وزيرة التنمية الألمانية " هايدى مارى فيتزوريك زول " عن قلقها من الخطر الذى شكلته فضيحة وولفويتز على تمويلات البنك الدولى ، مُشيرة إلى أن مؤسسة مثل البنك الدولى تقوم على أساس سلطتها المعنوية ومصداقيتها وتخشى من أن يواجه البنك الدولى صعوبات للحصول على تمويلات جديدة ، وقد اعتبر وزراء الدول الأعضاء ال 185 فى البنك الدولى أن الجدل المحيط بقضية وولفويتز مثير للقلق الشديد . وأشار الكثيرون إلى أن وولفويتز لم يكن محل انتقاد فقط بسبب محاباته لصديقته ، لكن أيضاً لأنه نقل كل عيوب إدارة بوش وغطرستها وانفرادها بالقرار ونظرتها الأحادية إلى البنك الدولى ، حيث أحاط نفسه بمساعدين سابقين له فى أثناء توليه منصب نائب وزير الدفاع الأمريكى ومنع أصحاب الخبرة فى البنك من اختراق دائرته الضيقة ، وتحت شعار مكافحة الفساد فى حكومات الدول الفقيرة حجب مساعدات البنك لفترة عن الهند وكينيا وتشاد . فما هو مستقبل وولفويتز .. وما مستقبل البنك الدولى بعد هذه الفضيحة ، فسواء بقى وولفويتز أو أقيل أو أجبر على الاستقالة فقد دخلت القضية فى مرحلة تصفية الحسابات كما يقول المحللون وتمرد المؤسسات الدولية على الهيمنة الأمريكية . 9/5/2007