أهنيء القائمين علي الاعلام وقطاع الأخبار في التليفزيون علي الشكل الجديد لنشرات الأخبار والملاحظة الأساسية في هذا الشأن أن خطة التطوير لم تتوقف فقط عند الديكور والاخراج وغير ذلك من الأمور الفنية, وجميعها امور ضرورية في عالم التليفزيون الذي يخاطب عين المتلقي بالدرجة الأولي, وإنما تجاوز ذلك للمضمون واسلوب التغطية الذي أصبح يتسم بقدر كبير من الموضوعية, ويقدم الرؤي المختلفة والمتباينة, وهو ما يعني أن الاعلام المصري المرئي عاد للطريق الصحيح مرة اخري بعد سنوات من الجمود. ومن المؤكد أن ما حدث هو بداية جديدة وقوية للخدمة الاخبارية في التليفزيون المصري وستتبعها خطوات اخري لاستكمال عملية النهوض بهذا القطاع الاعلامي المهم, وذلك علي محورين أساسيين. المحور الأول: الاهتمام بكفاءة المذيعين وثقافتهم, وذلك بتنظيم محاضرات نوعية ودورية لزيادة وعيهم بخلفيات وخبايا القضايا المثارة داخليا وخارجيا بهدف رفع قدراتهم علي التحاور مع من يتم استضافتهم من مسئولين وخبراء. وهذه الدورات التدريبية ليست بدعة وانما هي اسلوب تعتمده كثير من المؤسسات الاعلامية الدولية لتهيئة مقدمي النشرات للتعامل مع القضايا الجديدة المطروحة علي الساحة. أما المحور الثاني فهو زيادة جرعة الاهتمام بالأمور المحلية في نشرات الأخبار التي تتركز حاليا حول نشاط المسئولين لتتضمن, الي جانب ذلك, تغطية بعض جوانب الحياة اليومية في مصر مثل القضايا المهمة المنظورة امام المحاكم, والخلافات المستمرة داخل الاحزاب السياسية, وما يثار داخل الأندية الرياضية الكبري حول الاستغناء عن اللاعبين والاستعانة بمدربين جدد, والجديد في عالم السينما والمعارض الفنية والندوات الأدبية.. الخ ولا مانع من بعض الأخبار الخفيفة مثل خبر مصور لعبور سفينة عملاقة لقناة السويس او استقبال حديقة الحيوان لمولود جديد..ولعل الشكل الجديد لنشرات الأخبار المصرية يكون فاتحة خير علي الاعلام المصري بشكل عام خاصة الصحافة المكتوبة التي تحتاج أيضا لوقفة من القائمين عليها لتطوير الأداء وصولا للمستويات العالمية في ظل التنافس الاعلامي الحالي الذي لايعرف حدودا جغرافية. فمن الملاحظ أن سوق الصحافة في مصر شهدت خلال السنوات الماضية زيادة كبيرة في الكم دون الكيف, والدليل أن كثيرا من الصحف الصادرة تشبه بعضها البعض من حيث الشكل والسياسات التحريرية, وجميعها دون استثناء لاتقدم للقاريء خدمة اعلامية متكاملة تساعده علي فهم ما يحدث حوله, بقدر معقول من الموضوعية دون تهليل او تهويل.والملاحظ أيضا أن اسلوب ادارة تلك الصحف لايشجع الصحفيين علي التخصص في مجالات محددة إلا باجتهادات فردية, والنتيجة المنطقية لذلك هو متابعات سطحية منقوصة للأحداث لاتحقق نجاحا حقيقيا للصحيفة ولاتفيد القاريء. يضاف الي ذلك أن اهتمامات غالبية الصحفيين تنحصر في متابعة البعد المحلي للقطاعات التي يتابعونها فقط دون محاولة لربط ذلك بالمؤثرات الاقليمية والدولية وهو سلوك تجاوزه الزمن لأن أي مجال من مجالات الحياة, في عصر العولمة والانفتاح, يتأثر بما يحدث خارج حدود الدولة, ويؤثر فيه. ونحن هنا لانتحدث عن الأمور السياسية فقط, بل الاقتصاد, والسياحة والرياضة وقضايا المرأة وغير ذلك من المجالات المختلفة. ومن المؤكد أن عدم التصدي للأوضاع الحالية, في ظل الانفتاح الاعلامي الحالي وحرص كثير من المؤسسات الاعلامية الدولية الكبري علي انشاء محطات فضائية باللغة العربية, وربما صحف يومية في مرحلة تالية, سيعني دون شك تحجيما لقدرة الاعلام المصري المكتوب علي التأثير محليا ودوليا. نحن نعيش في عصر جديد.. عصر أصبح فيه الوصول للمستويات الدولية في شتي مجالات الحياة, ومنها الاعلام, ضرورة للبقاء والاستمرار, ودون ذلك لم يعد مقبولا.