لاشك أن مصر مستهدفة من قبل التنظيمات الإرهاببية على خلفية دورها الريادي في التصدي لآفة الإرهاب وإدراك تلك الجماعات الإرهابية أن مصر تعد حائط الصد أمام محاولات النيل من الاستقرار والأمن فى المنطقة. فمازالت مصر تبذل جهداً كبيراً في الحرب على الإرهاب لأن تفشى ظاهرة الإرهاب بلاشك سيفرز تحديات ومخاطر أمام المجتمع الدولى ويمثل تهديداً للسلم والأمن الدوليين فلابد من تتضافر الجهود الدولية للقضاء على كافة التنظيمات الإرهابية وتجفيف منابع تمويلها واقتلاع الإرهاب من جذوره . من ناحيه آخرى استنكر الأزهر الشريف بشدة ما بثته بعض المواقع التابعة للتنظيمات الإرهابية من تهديدات باستهداف القضاة ووكلاء النيابة ومعاونيهم في مصر. وجدد الازهر فى بيان له تأكيده على أن هذه التهديدات الإرهابية لن تثني قضاة مصر عن أداء دورهم في تحقيق العدالة والقصاص ممن أجرم وأساء لوطنه وشعبه. وطالب الأزهر الشريف المصريين جميع بضرورة التكاتف لمواجهة كل ما من شأنه الإضرار بالوطن ومقدراته, والتصدي لقوى الشر والإرهاب التي تستهدف رجال القضاء والجيش والشرطة بأعمالها الإرهابية الآثمة التي يرفضها الإسلام. موقع "أخبار مصر" www.egynews.net أجرى حواراً شاملاً مع السيد/ مدحت الشريف إستشاري الإقتصاد السياسي وسياسات الأمن القومي حول "كيف نحمي الأمن القومي المصري من المخاطر الداخلية والداخلية؟" نص الحوار. *** في البداية كيف تتعامل الدولة مع الإرهاب في كل مكان؟ على الدولة أن تتخذ مسارات عده لمواجهة الإرهاب إضافة إلى الجانب الأمني. المحور الأول: هناك الجانب التوعوي وتختص به وسائل الإعلام المختلفة ورموز الدعوة الدينية. المحور الثاني: رفع مستوى الأئمة والدعاه للوصول لخطاب ديني معتدل خاصة في الأماكن النائية ومناطق معيشة محدودي الدخل حيث أن هذه المناطق هي أهم مصادر التجنيد للقيام بالعمليات الإرهابية. المحور الثالث: تعديل قانون حماية المبلغين والشهود ليوفر الحماية الفعلية لكل مبلغ أو شاهد بما يضع قاعدة أساسية لصياغة برنامج حماية المبلغين والشهود الذي يجب أن تتبناه وزاره الداخلية. *** هل يمكن أن تؤمن الدولة كل مسئول في كل وزارة؟ لا تستطيع أي دولة في العالم أن توفر حماية لصيقة لكافة المسئولين أو الفئات المستهدفة من العمليات الإرهابية ولكن هناك إجراءات يجب أن تتخذ من خلال أجهزة الأمن المختلفة لتحدد وتقيم التهديدات التى تتعرض لها الفئات المختلفة في المجتمع وبناء على إتساع درجة التهديد تتخذ الإجراءات اللازمة لكل فئة بالحماية يكون أقلها توفير التوعية الأمنية اللازمة وتركيب كاميرات وأجهزة متابعة في الأماكن المتوقع حدوث عمليات إرهابية بها ولا تستطيع أن نغفل هنا أهمية مراجعة كافة خطط حماية وتأمين المنشآت الحيوية داخل المنشآة والبعد عن الأعمال الروتينية سواء أعمال نقل العاملين أو الأنشطة الخارجية وفقاً لقييم واضح لمستوى التهديدات لكل منشآة والعاملين بها. *** وكيف ترى أهمية الأجهزة الرقابية والأمنية في ذلك؟ دور الأجهزة يخضع لتقييم شامل لمستوى التهديدات التى تتعرض لها المنشآة بمختلف أنواعها وللفئات المختلفة من المجتمع والتى يستهدفها الإرهاب ووضع خطط غير تقليدية للحماية والتأمين. *** وماذا عن الدور الخارجي والمخابراتي لدعم الفوضى في مصر؟ أعمال المخابرات بصفة عامة لا يمكن الحد منها بشكل نهائي ولكن أعمال مقاومة ومكافحة التجسس والتجنيد وتشغيل العملاء لها إجراءات متعارف عليها لدى هذه الأجهزة وبصفة عامة في حال إثبات تورط بعض أجهزة الإستخبارات الأجنبية في الأعمال الإرهابية داخل مصر يجب أن يتم الإعلان عنها بشكل واضح واتخاذ إجراءات حاده ومعلنه من وزارة الخارجية تجاه الدولة المتورطة في دعم الإرهاب. *** كيف ترى كلام البعض عن سرعة الأحكام من قبل القضاء العسكري عن القضاء الطبيعي؟ أرى أن الأحداث الإرهابية التى تمت ضد المنشآت القضائية أو الممتلكات الخاصة للقضاة أو إغتيال القضاة جميعاً حدثت مباشرة عقب صدور أحكام ضد رموز الجماعة الإرهابية ولو كان هذا الإعتقاد الذي يروجه بعض المغرضين صحيح من الممكن أن نقنع أنفسنا بأن جماعة الإخوان بريئة براءة (الذئب من دم ابن يعقوب) وغير مسئولة عن أي أعمال عنف حدثت منذ نشآتها وحتى بعد ثورة 25 يناير وهذا كلام منافي تماماً لأي عقل أو منطق. *** كيف ترى تعليق بعض الدول الغربية على الأحكام التى تصدر في مصر تجاه الإرهابيين؟ الدول الخارجية تحكم فقط على الظواهر الخارجية لهذه الأحكام خاصة في ظل غياب دور إعلامي واضح بما يسمى بهيئة الإستعلامات التى من واجبها الأساسي إظهار الحقائق أمام العالم أجمع من خلال تواصلها مع المراسلين الأجانب داخل مصر ووسائل الإعلام الدولية في مختلف دول العالم من خلال مكاتب الهيئة العامة للإستعلامات في سفارتنا بالخارج والتى تستنفذ جزء ليس بالقليل من ميزانية التمثيل الدبلوماسي المصري بالخارج بالإضافة إلى أن هناك بعض الدول التى تستغل مثل هذه الأحداث التى تثير الكثير من الجدل والشكوك بالضغط على الإدارة السياسية المصرية لتحقيق مصالح خاصة بدولهم. *** وكيف ترى حكم القضاء العسكري الأخير بإعدام 6 من خلية عرب شركس؟ لا أعتقد أن الإجراءات القضائية تحتاج منا إلى تعليق لأن كل قاضي له ضميره الحر ومسئول أمام الله عز وجل قبل أن يكون مسئولاً أمام الشعب لإصدار الأحكام عندما تطمئن هيئة المحكمة لعدالة هذه الأحكام؟ تحدثت كثيراً عن خطورة الهجرة غير الشرعية على مصر وعلى المنطقة ماذا تطالب الدولة المصرية بخصوص هذا الموضوع؟ الهجرة غير الشرعية أصبحت التهديد الأول لدول شمال البحر المتوسط الأوربية وبالتالي أصبحت دائماً محل نقاش جدلي داخل الاتحاد الأوربي عن كيفية تكاتف الدول الأوروبية بشكل عام في مواجهة الهجرة غير الشرعية المتزايدة المرشحه للزيادة خلال العام القادم حيث توقعت بعض التقديرات أن تصل الأعداد إلى مليون مهاجرغير شرعي بنهاية 2016 وهو ما جعل هذه الدول تتخذ قرارات تنتظر موافقة مجلس الأمن عليها طبقاً للفصل السابع باستخدام القوة المسلحة ضد قوارب مهربي المهاجرين وخاصة في ليبيا وبالتالي فإن هناك دوراً مهماً يمكن أن تلعبه مصر في الحد من هذه الهجرة غير الشرعية ولكن يجب الا نقتصر فقط على الجانب الأمني ويجب ان يمتد إلى الجانب التنموي للبلاد المصدره للهجرة غير الشرعية وأن تلعب مصر دوراً فاعلاً في الجانب التنموي للحد من الهجرة غير الشرعية مع الاتحاد الأوربي. *** كيف تقيم أعمال القمة الخليجة الأمريكية؟ هذه القمة كانت تشمل على 3 ملفات: – الأول:- الإتفاق النووي الدولي مع إيران بزعامة الولاياتالمتحدةالأمريكية وكانت تحاول أمريكا أن تطمئن الدول الخليجية إلا أن هذا البرنامج لن يمكن إيران من تصنيع قنبلة نووية وهذا لم يحدث طبقاً لما يتمناه الجانب الأمريكية حيث أن هناك شعورعام لدى الدول الخليجية بعدم ثقة في الوعود الشفاوية للإدارات الأمريكية المتعاقبة على مدار الأعوام السابقة وتهرب أمريكا من إطار تعهد مكتوب لهذه الدول. – الثاني:- مكافحة الإرهاب وكان التركيز الأساسي فيها الحد من استقطاب الشاب الخليجي بواسطة الجماعات الإرهابية ودور الخليج في التحالف الدولي ضد داعش. – الثالث: كان التركيز على قضايا المنطقة (العراق- سوريا- اليمن- ليبيا) وكافة المناطق المتوترة ومحاولة تنسيق الرؤى للتعاون في هذه التهديدات. وعلى هامش الاجتماع تم مناقشة اتفاقيات برامج التسليح التى تفرضها امريكا وأوروبا على دول الخليج للحماية من الفزاعة الإيرانية وإمكان مشاركة امريكا بقواتها دفاعاً عن دول الخليج في حالة أي تهديد محتمل من الجانب الإيراني. *** وهل كانت مصر حاضرة في هذه القمة؟ مصر كانت الحاضر الغائب في هذه القمة فبعد إعلان السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن الخليج العربي هو أمن قومي مصري واستعداده التام والمشاركه في الدفاع عن الدول الخليجية في حالة ظهور تهديدات فعلية لها ثم دعوته لتشكيل قوة عربية مشتركة تحت مظلة الجامعة العربية وهذه الثوابت التى أعلنها الرئيس في الأغلب لا تحظى بالقبول الأمريكي لأنها تساعد على بروز قوة إقليمية فاعلة في الشرق الأوسط وهو ما لا يتوافق مع الرؤية الأمريكية.