بالرغم من الأهمية الكبيرة التى تكتسبها القمة الخليجية الأمريكية المرتقب انعقادها فى كامب ديفيد 14مايو الجارى ويشارك فيها الرئيس الأمريكى بارك أوباما، إلا أن الأنباء بخصوص عدم ترؤس 4 من قادة دول مجلس التعاون الخليجى وفود بلدانهم فى القمة الخليجية الأمريكية المرتقبة يعطى مؤشرا ودلالات مهمة بأن ثمة فتورا يعترى العلاقات الخليجية مع أمريكا وسيلقى بظلاله على نتائج هذه القمة خاصة فى ظل ما تنتهجه إيران الحليف القوى لأمريكا الآن لزعزعة استقرار دول المنطقة وهو ما يثير مخاوف كبيرة لدى دول الخليج مع اقتراب موعد توقيع الاتفاق النووى بين أمريكاوإيران. وقد بات من المؤكد عدم ترؤس 4 من قادة دول مجلس التعاون الخليجى وفود بلدانهم فى القمة الخليجية الأمريكية، حيث أعلنت الكويت رسميا توجه أميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى أمريكا فيما أعلنت قطر أن الشيخ تميم بن حمد آل ثانى سيشارك فى القمة. بينما أعلنت كل من السعودية والبحرين أن وليى العهد بهما سيترأسان وفدى بلديهما، فيما أعلنت عمان ترؤس فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لوفد بلاده فى القمة. وفيما لم تعلن الإمارات عن رئيس وفدها بالقمة، إلا أنه يستبعد أن يكون رئيسها الشيخ خليفة بن زايد الذى يغيب عن أى أنشطة رسمية علنية، منذ أن تعرض لوعكة صحية نتيجة جلطة ألمت به فى 24 يناير 2014. وقالت مصادر عمانية إنه نيابة عن السلطان قابوس بن سعيد، سيترأس فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشئون مجلس الوزراء وفد السلطنة المشارك فى اجتماع كامب ديفيد لبحث آخر التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية. وأعلن البيت الأبيض فى 17 أبريل الماضى أن «أوباما سيستضيف قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فى البيت الأبيض فى 13 من مايو الجارى وفى كامب ديفيد فى 14 من الشهر نفسه». وقال البيت الأبيض، فى بيان له، إن الاجتماع سيكون فرصة لمناقشة سبل تعزيز الشراكة بين الطرفين وتعميق التعاون الأمني. وأوضح وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى أن قمة كامب ديفيد سيتم خلالها مناقشة الكثير من القضايا الأمنية؛ حيث ستناقش التهديد الخاص بالإرهاب وتمدد المنظمات الإرهابية ودعم إيران لهذه الصراعات، والسبل الكفيلة بتسوية النزاعات الإقليمية، والملف النووى الإيراني، وتهديد «داعش». وتابع: «سوف نناقش فى كامب ديفيد أيضا سلسلة من الالتزامات المتبادلة بين أمريكا ودول مجلس التعاون، من بينها مبادرات أمنية جديدة سوف تنقلنا إلى وضع مختلف عما كنا عليه فى السابق». وذكرت مصادر أمريكية أن الرئيس باراك أوباما سيجدد المساعى مع دول مجلس التعاون الخليجى لتطوير نظام دفاع صاروخى متكامل للخليج، خاصة وأن الاجتماع الخليجى الأمريكى فى سبتمبر الماضى قد شدد على ضرورة تعزيز التنسيق الأمنى بين الجانبين خاصة فى مجال الدفاع الصاروخى البالستي، والاستمرار فى تحقيق التقدم فى تطوير نظام دفاعى صاروخى متكامل للخليج. وكشفت مصادر أن مسودة البيان الختامى للقمة ستركز على إنشاء ترسانة دفاعية للخليج، ورفض زعزعة إيران الاستقرار الإقليمي، وقبول اتفاق يمنع طهران من تطوير سلاح نووي، وتقوية المعارضة السورية، وتأكيد فقدان الرئيس السورى بشار الأسد شرعيته، وتبنّى مبادرة مجلس التعاون كأساس للحل فى اليمن. ومن المقرر أن تشدد القمة على دعم هيكلية أمنية دفاعية لمجلس التعاون، وإفساح المجال لمبيعات أسلحة وتسريع تسليمها بإجراءات يتّخذها أوباما. وكشفت مصادر مطلعة أن هذه الأسلحة ستشمل «منظومة باتريوت الصاروخية وصواريخ ثاد» التى تصنعها شركة «لوكهيد مارتن». كما سيتعهّد البيان الختامي، وفق المسودّة الأولى إطلاق برنامج تدريبات عسكرية وتعزيز الحماية البحرية فى مياه الخليج فوراً بعد القمة. وعلى الصعيد السياسي، سيقرّ البيان الختامى بأن المجتمعين يرون فى التوصل إلى اتفاق «شامل» مع إيران قابل للتحقُّق من صدقيتها فيما يتعلق ببرنامجها النووى مصلحة مشتركة لدول مجلس التعاون الخليجى وللولايات المتحدة. وركّزت إدارة أوباما على هذا البند لنيل دعم دولى خلال القمة لمفاوضاتها النووية مع طهران قبل مهلة إنجاز الاتفاق الشامل فى 30 يونيو المقبل. كما يتعهد مشروع البيان بالعمل على التصدى لتصرُّف إيران المُزعزع لاستقرار المنطقة، ويشير كذلك إلى الانفتاح وتطبيع العلاقة مع إيران فى حال توقّفت عن تهديد أمن المنطقة وسلامها. كما سيتطرّق البيان إلى ثلاثة ملفات إقليمية هى محاربة الإرهاب من خلال المسار العسكرى المتمثل بضربات جوية فى سورياوالعراق ومن خلال تعزيز الإجراءات لمحاربة تمويل الإرهاب، وتعزيز شبكة الاتصالات داخل مجلس التعاون والتبادل الاستخباراتى مع واشنطن، وتحسين تكنولوجيا المطارات لهذا الهدف. وفى الملف السوري، ستؤكِّد الإدارة الأمريكية ودول الخليج فى القمة أن الأسد فَقَدَ كامل شرعيته ولا دور له فى مستقبل سوريا. وسيدعو البيان إلى عملية انتقال شاملة فى سوريا «تحفظ حقوق الأقليات» ويتعهَّد ب«تقوية المعارضة المعتدلة». كما يحظى اليمن بشِقٍّ خاص فى البيان، بتأكيد تبنّى «مبادرة مجلس التعاون الخليجي» وقرارات الأممالمتحدة أساساً للحل. من جانبه اعتبر الخبير الإستراتيجى محمود النجار أن انخفاض مستوى التمثيل الخليجى فى القمة حيث يغيب 4 من قادة دول مجلس التعاون الخليجى الست يعكس فتورا فى العلاقات الأمريكية الخليجية له ما يبره خاصة فى ظل التقاعس الأمريكى عن التفاعل مع الملفات الحيوية والساخنة والتحديات التى تواجه الأمن الخليجى بصفة خاصة والأمن العربى بصفة عامة وليس أدل على ذلك من الشوط الكبير الذى قطعته المفاوضات الأمريكيةالإيرانية المتعلقة بالملف النووى الإيرانى والتى اعتمدت فيها واشنطن على السرية وبعيدا عن إشراك دول الخليج المعنية الأولى بهذا الملف باعتبار أنها مهددة من قبل إيران التى تحتل بالفعل أراض عربية ممثلة فى دولة الإمارات كما أن هناك خلافات فى وجهات النظر بين الولاياتالمتحدة ودول الخليج بشأن الملف السورى إذ صدرت تصريحات رسمية أكثر من مرة من جانب واشنطن تعتبر الأسد يمكن أن يكون جزءا من الحل فيما ترى دول الخليج أنه فقد بالفعل شرعيته، كما أن تعامل أمريكا مع ملف العراق وداعش يثير الكثير من علامات الاستفهام ولا يعكس التحالف الإستراتيجى بين أمريكا ودول الخليج الذى ترسخ عقب الاحتلال العراقى للكويت والذى كان يستلزم تدخلا أكبر من الجانب الأمريكى فى مواجهة هذا التنظيم الإرهابى الذى يهدد قوام الدولة الوطنية ويسعى إلى تفتيت الدول واحتلال الأراضى وليس أدل على وجود مثل هذه الخلافات من أن السعودية قادت تحالفا خليجيا عربيا للتدخل فى اليمن بعيدا عن التنسيق مع الولاياتالمتحدة التى سعت فيما بعد لاستدراك مواقفها السلبية محاولة إعادة النظرفى دعم عاصفة الحزم التى تتصدى بالأساس لمؤامرات الحوثيين وإيران.