تستضيف باريس حاليا محادثات دبلوماسية جديدة لاحتواء العنف بالاراضى المحتلة وتفعيل مبادرة السلام العربية ، حيث أجرت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني محادثات اليوم الأربعاء في باريس مع نظيرها المغربي محمد بن عيسى ، وذلك في أول لقاء بين البلدين على هذا المستوى منذ عدة سنوات. ثم التقت عصر الأربعاء بالرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لبحث أخر المستجدات بالمنطقة . وركزت المباحثات على عملية السلام المتعثرة والدور الذي يمكن أن يقوم به المغرب في تهدئة الأزمة وإيجاد حل سلمي من خلال استئناف المفاوضات لضمان حقوق الشعب الفلسطيني . وعبرت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني عقب المحادثات مع نظيرها المغربي محمد بن عيسى في أحد الفنادق بباريس عن اعتقادها أن الاجتماع كان مهما للغاية ، وأعربت ليفني للصحفيين عن أملها في أن يعمل الإسرائيليون والفلسطينيون معا رغم الأزمة الأخيرة في غزة وسيطرة حماس عليها في الخامس عشر من يونيو وتشكيل الرئيس محمود عباس حكومة طوارئ يقودها سلام فياض تلقت دعم إسرائيل والأوروبيين والأمريكيين.
وأضافت "علينا ان نتذكر أهمية المغرب لا سيما فيما يخص المتابعة في إطار الجامعة العربية" للجهود الرامية الى تسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي واصفة اللقاء بأنه "ايجابي جدا".وشددت ليفني على دور حكومة الطوارئ الفلسطينية الجديدة والدول العربية لتحريك ديناميكية عملية السلام،مشيرة الى أن "الفرصة سانحة مع هذه الحكومة الفلسطينية الجديدة لتحقيق نظرة الدولتين لشعبين" وشددت على انه "ليس وضعا يوجد فيه منتصر ومهزوم".وأن هناك مصالح مشتركة بين اسرائيل والعرب المعتدلين،من حيث تشابه الانشغالات ومواجهه المخاطر نفسها ، مؤكدة على الدور الهام الذي يمكن ان تلعبه جامعة الدول العربية فى تحقيق هذا الامل .
كما طالبت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني الدول العربية بعدم انتظار تحقيق السلام لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وقالت إن بعض عناصر مبادرة السلام العربية تناقض مبدأ الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.وكانت ليفني قد أعلنت في تصريحات للإذاعة الإسرائيلية العامة أن مبادرة السلام السعودية تتضمن "عناصر ايجابية" لكن "بعض البنود الإضافية فيها تناقض مبدأ الدولتين". فقد اعترضت الوزيرة الإسرائيلية على بندين في المبادرة التي قدمتها الرياض واعتمدتها القمة العربية في بيروت عام 2002، ونصت على تطبيع العلاقات مقابل انسحاب تل أبيب من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين.كما أوضحت أن "البند الأول في المبادرة العربية يشير إلى القرار 194 الصادر عن الأممالمتحدة والذي ينص على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، والثاني يؤكد على عدم وجود حل للاجئين الفلسطينيين في الدول الموجودين فيها حاليا.. وهذا يناقض تماما مبدأ الدولتين". وأعلنت وزيرة الخارجية الإسرائيلية في حديث بثته قناة فرانس 24 التلفزيونية ان الحكومة ستتخذ يوم الأحد القادم قرار الإفراج عن 250 أسيرا فلسطينيا ، وحينها لن تبقى سوى التفاصيل التقنية. وأوضحت ليفني أن إسرائيل لم تكن ترغب في الإفراج عن أسرى فلسطينيين لكن بعد تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة ارتأت انه من الأفضل توجيه رسالة مفادها أنه يوجد فرق بين الأسرى الذين وصفتهم بالإرهابيين والذين لم يرتكبوا أعمالا إرهابية وبين من ينتمي إلى فتح ومن لا ينتمي إليها وذلك لدعم الحكومة الجديدة ، وقد دعا وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الأربعاء إسرائيل الى الإفراج عن أسرى فلسطينيين "آخرين" بعد إعلان نيتها إطلاق سراح 250 سجينا فلسطينيا من نحو عشرة الاف فلسطينى مسجون بإسرائيل، وذلك اثر لقائه في باريس نظيرته الإسرائيلية تسيبي ليفني.
وكانت إسرائيل،قد فتحت- بعد التوقيع على اتفاقات أوسلو التي أبرمتها مع منظمة التحرير الفلسطينية العام 1993- مكتب اتصال في الرباط عام 1994، في حين فتحت المغرب مكتبا مماثلا في تل أبيب عام 1995. وأقام المغرب وإسرائيل علاقات على مستوى منخفض عام 1993 ثم علق المغرب وتونس وعمان العلاقات مع الدولة العبرية منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في عام 2000 ، وقبل هذه الانتكاسة في العلاقات لعب المغرب دورا نشطا في محاولة إبرام اتفاق سلام بين الجانبين.
و تزامنت زيارة ليفنى و محمد بن عيسى لاسرائيل مع زيارة العاهل الاردنى الملك عبد الله الثاني الأربعاء إلى باريس في مهمةعمل قصيرة بفرنسا يجري خلالها مباحثات مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي تتناول تفعيل التعاون المشترك بين البلدين والتطورات الراهنة في المنطقة.
وذكر بيان للديوان الملكى الاردنى أن مباحثات العاهل الاردنى مع الرئيس الفرنسي خلال الزيارة التي تستغرق عدة ساعات ،تتركزعلى الجهود المبذولة لإعادة إطلاق عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين إضافة إلى آليات ووسائل تعزيز علاقات التعاون الثنائي بين البلدين في شتى الميادين خاصة في المجالات الاقتصادية وتخفيف عبء الديون الخارجية خاصة تلك المترتبة على الأردن والتي تبلغ نحو 949 مليون دولار. والجدير بالذكر أن الأردن وفرنسا يرتبطان بعلاقات صداقة وتعاون قوية انعكست إيجابا على حجم التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين البلدين في إطار العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات الثنائية المبرمة بينهما. وكان العاهل الأردني قد شدد على أنه ينبغي على اسرائيل أن تستجيب بسرعة للمساعي الرامية لإقامة دولة فلسطينية اذا ما أرادت أن يتحقق السلام في المنطقة.
وتأتي هذه الزيارة في إطار الجهود التي يبذلها الأردن مع عواصم صنع القرار العالمي ومنها باريس لبحث سبل دعم فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي لمساعي إعادة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لطاولة المفاوضات واستئناف عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط.،وقد سبقه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن بزيارة لباريس الأسبوع الماضي.
وفى غضون ذلك ، جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأربعاء تأكيده عدم إجراء أي حوار مع حركة حماس ما لم تغير الأوضاع التي أحدثتها في غزة "جراء الانقلاب العسكري". حيث قال خلال مؤتمر صحفي عقده مع وزير خارجية الدنمارك بير ستيغ مولر في مقر الرئاسة بمدينة رام الله "ما ارتكبته حماس جريمة وطنية وعملية انقلابية عسكرية والمسئولون عنها في حماس هم رئيس الوزراء المقال وغيره من الذين انقلبوا على أنفسهم وانقلبوا على الشرعية".
ورغم أن هذه اللقاءات الدبلوماسية تصحبها بارقة أمل جديد ة فى استعادة أجواء السلام بالشرق الأوسط إلا أن النتائج لم تسفر بعد عن خطوات ملموسة على أرض الواقع لإسدال الستارعلى صراع تجاوز النصف قرن بين الفلسطينيين و اسرائيل ، و أخر بين الفرقاء الفلسطينيين بعضهم البعض ؟!. 4/7/2007