من الحين للآخر نحتاج إلي استعادة مفاهيم نروج لها ونتحدث عنها دائما، فقط نتوقف لنقرأ ونراجع ما قرأناه من قبل كشكل من أشكال تنشيط الذاكرة التي تضعفها الوقائع و الأحداث و الأيام. من المتفق عليه في كتابات المثقفين العرب أن مفهوم الدولة المدنية الحديثة يعني بشكل أساسي دولة تقوم علي الانتخابات' الحرة' وعلي فصل السلطات الثلاث مع تعددية سياسية وحزبية. وهو ما يعني بكلمات أخري أبسط، وأقل زخرفة وأكثر دقة: التحول الديمقراطي. الدولة المدنية- في الأساس- هي عكس الدولة( العشائرية) القبلية، لكن تطور المفهوم السياسي لها لتكون دولة الحقوق المتساوية لكل مواطنيها، عكس الدولتين العسكرية والدينية، حيث يكون للقادة العسكريين- في الأولي- وضع خاص، ولرجال الدين- في الثانية- مكانة عليا فوق رجال السياسة. الدولة المدنية، نشأت في أوروبا، وحاول محمد علي تطبيقها في مصر. و في تعريف آخر فإن الدولة المدنية المحايدة قد تكون الصيغة الفضلي للتوفيق بين المساحة الآمنة والمساحة المشتركة، ولصيانة التعدد، ولتثمير مساهمته في تعزيز الكل المشترك، فيخرج الفرد، وقد حماه القانون، من الخوف علي الذات إلي مساحة الحرية المشتركة والالتزام المشترك في بناء المدينة. الدولة المدنية هي: دولة القانون وبالتالي فهي ليست دولة رئيس الوزراء ولا دولة رئيس الجمهورية أو الملك أو أي قوة سياسية، ويجب هنا تأكيد الطبيعة الموضوعية لتلك الدولة التي تؤسس علي قاعدة الفصل بين السلطات الثلاث، الفصل بمعناه الحقيقي وليس الاعتباري، والفصل هو المكون الرئيسي لطبيعتها المادية وثقافتها المجتمعية. الدولة المدنية يجب أن يحترم فيها عقل الإنسان وتحترم فيها إرادته وقراره، والاحترام الذي نقصده متبادل من شقين وجودي وقانوني دستوري: ففي الشق الأول وجود الإنسان محترم ومصان ولا يجوز سلب ذلك الوجود لأي سبب كان، والشق الثاني هو حماية هذا الحق قانونيا ودستوريا، فالدولة يجب أن تجعل القانون والدستور من أجل المواطن الفرد والمواطن المجتمع. الدولة المدنية في ظل المناخ الديمقراطي الحر، مؤسسة إدارية سياسية كبيرة ذات صبغة مدنية، تتعدد فيها القوي السياسية الشرعية، يحكمها القانون والدستور، هي حزب يحكم وأحزاب معارضة مدنية حاضرة تحترم جميعها القانون والدستور.. ومفهوم الدولة المدنية. نقلا عن الأهرام المسائي