تحقيق جديد أجراه الكونجرس الأميركي الى ان الحكومة الأميركية لا يمكنها تحديد مكان أكثر من نصف الأسلحة الصغيرة التي سلمت للعراقيين على أمل تعزيز قواتهم الأمنية، ما يثير المخاوف من احتمال وقوع هذه الأسلحة في أيدي المجموعات المسلحة. تزامن ذلك مع سلسلة أعمال عنف جديدة في العراق أمس حصدت ما لا يقل عن 46 قتيلا وأكثر من 80 جريحا تسببت بها هجمات متفرقة، أعنفها كان انفجار شاحنة ملغومة في شمال البلاد أوقعت 28 قتيلا، فيما أعلنت مصادر أمنية العثور على 36 جثة مقطوعة الرأس وتعود لشباب من سكان حي الجهاد في بغداد. وكانت الشرطة عثرت خلال الليل على 60 جثة متحللة بين أحراش بعقوبة (عاصمة محافظة ديالى) حيث تشن القوات الأميركية والعراقية هجوما منذ أسابيع ضد عناصر تنظيم القاعدة. أيام حكومية ودماء أميركية: وفي حين تأتي معلومات الكونجرس قبل اجراء مراجعة حاسمة للعمليات العسكرية الأميركية في العراق قد تمهد لاعادة رسم الدور الأميركي في هذا البلد في تقرير من المقرر ان يقدمه كل من الجنرال ديفيد بتراوس والسفير رايان كروكر الشهر المقبل، يأتي التصعيد الأمني بعد فترة قصيرة من الهدوء النسبي، وبعد اقل من 24 ساعة على تصريحات أبدت فيها واشنطن نفاد صبر ازاء تعطل العملية السياسية التي فشلت في عقد مصالحة بين الجماعات الطائفية. فقد انتقد وزير الدفاع الأميركي روبرت جيتس العطلة الصيفية التي أصر البرلمان العراقي على اقرارها رغم معارضة واشنطن. ووجه جيتس في تصريحات لشبكة 'ان.بي.سي' عبارات شديدة القسوة للقيادة العراقية، قائلا 'في مقابل كل يوم نوفره لكم فاننا نوفره بالدماء الأميركية. فكرة ذهابكم في عطلة غير مقبولة'. ولا يمكن للبرلمان، الذي دخل عطلته السنوية الأسبوع الماضي، اصدار قوانين قبل أن تصوغها حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي المنشغلة في مسألة انسحاب كتلة جبهة التوافق السنية، التي أثار انسحابها (الأسبوع الماضي) أزمة سياسية. وأعلن المالكي رفضه قبول استقالة وزراء 'التوافق' الستة، الا ان الجبهة قالت انها ستنسحب على أي حال ما لم يلب المالكي مطالبهم التي تشمل اعطاءهم صلاحيات أكبر فيما يتعلق بالسياسة الأمنية. 54% من الأسلحة فقدت: وتشكل مسألة تشكيل قوات أمنية قادرة على تولي العمليات الأمنية عن الولاياتالمتحدة ابرز نقاط هذه الاستراتيجية الأميركية لتحقيق الأمن والاستقرار في العراق. لكن جهاز التحقيق لدى الكونجرس أشار في تقريره الجديد الى ان 190 ألف قطعة سلاح صغيرة على الاقل قدمها البنتاغون لهذه القوات منذ عام 2003 على أمل تعزيز جهوزيتها القتالية، لا يمكن ايجادها. وقد أنفقت الولاياتالمتحدة حوالي 2،19 مليار دولار منذ بدء الحرب لتدريب القوات الأمنية العراقية وتجهيزها لكي تتسلم تدريجيا المهام الأمنية من القوات الأميركية في البلاد. وبحسب مكتب المحاسبة فان هذا المبلغ يشمل 8،2 مليار دولار على الاقل استخدمت لشراء ونقل أسلحة ومعدات عسكرية أخرى ضرورية. وقد استخدم جزء من هذه الأموال لشراء حوالي 185 ألف قطعة سلاح من رشاشات 'ايه-كي 47' السوفيتية التصميم وحوالي 170 ألف مسدس وتوزيعها على العراقيين في سبتمبر 2005. لكن لا يمكن لوزارة الدفاع حاليا ان 'تفسر بالكامل مكان وجود' 190 ألفا من هذه الأسلحة على الاقل أي أكثر من 54% من الاجمالي كما أشار التقرير. وأشار محققو الكونجرس في سياق تقويم أسباب المشكلة الى اجراءات المحاسبة غير المناسبة لدى البنتاجون و'عدم وجود شبكة جيدة لتوزيع التجهيزات'. وقال نائب مساعد وزير الدفاع مارك كيميت ردا على ذلك ان وزارة الدفاع تقوم 'بمراجعة السياسات والاجراءات لضمان وصول التجهيزات الممولة من قبل الولاياتالمتحدة الى القوات الأمنية العراقية بموجب برنامج العراق'. انتعاش السوق السوداء: وتجنب مكتب المحاسبة والبنتاغون المسألة الأهم المتمثلة بوجهة الأسلحة التي يتعذر ايجادها وما اذا كان بعضها وصل الى أيدي المسلحين المناهضين للأميركيين. لكن ريا مايرزكوف وريتشل ستول المحللتين في شؤون الأمن في مركز معلومات الدفاع أشارتا الى ان فرضية وصول الأسلحة الى المسلحين مرجحة. وقالتا في دراسة أجريت في الآونة الأخيرة ان السوق السوداء لمبيعات الأسلحة الصغيرة في العراق قد ارتفعت وبشكل كبير قبل انتخابات عام 2005 تحديدا. وأشارت الدراسة الى ان أكثر من 20 % من مجمل الخسائر الأميركية بالأرواح منذ الاجتياح كان سببها هجمات بالأسلحة الصغيرة. مقتل 46 عراقيا و12 مسلحا وفي التفاصيل الأمنية، قالت الشرطة العراقية ان شاحنة محملة بالمتفجرات يقودها انتحاري انفجرت وسط قرية القبة في تلعفر (450 كلم شمال بغداد) مما أسفر عن مقتل 28 شخصا على الاقل، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، واصابة أكثر من 50 آخرين بجروح. كما تسببت قوة الانفجار بتسوية عشرة منازل بالأرض. وفي هجوم آخر، قتل ستة أشخاص على الاقل وأصيب 17 آخرون جراء سقوط سلسلة من قذائف الهاون على منطقة الضلوعية (70 كلم شمال بغداد)، وفي بغداد قتل تسعة أشخاص جراء انفجار عبوة ناسفة في منطقة جسر ديالى، في حين لقي ثلاثة أشخاص آخرين مصرعهم في انفجار عبوة داخل حافلة ركاب في منطقة الغدير. الى ذلك، أعلن الجيش الأميركي مقتل ثمانية 'مسلحين' في غارتين جويتين لمساندة عمليات برية استهدفت تنظيم القاعدة في بلد (شمال) والخالدية (غرب)، بينما قتلت قوات برية أميركية ثلاثة 'مسلحين' آخرين في محافظة صلاح الدين (شمال).