غرفة عمليات المؤتمر: المرأة الصعيدية لها دور محوري في تغيير موازين الانتخابات بدائرة الفتح    إسكان الشيوخ توجه اتهامات للوزارة بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء    نقابة المهندسين تحتفي بالمهندس طارق النبراوي وسط نخبة من الشخصيات العامة    انطلاق أعمال لجنة اختيار قيادات الإدارات التعليمية بالقليوبية    هيئة سلامة الغذاء: 6425 رسالة غذائية مصدرة خلال الأسبوع الماضي    تكثيف حملات النظافة حول الكنائس بالشرقية    وزير الإسكان: مخطط شامل لتطوير وسط القاهرة والمنطقة المحيطة بالأهرامات    نائب محافظ الدقهلية يتفقد مشروعات الخطة الاستثمارية بمركز ومدينة شربين    أمين عام حزب الله: نزع السلاح مشروع إسرائيلي أمريكي    "القاهرة الإخبارية": خلافات عميقة تسبق زيلينسكي إلى واشنطن    وزيرا خارجية تايلاند وكمبوديا يصلان إلى الصين لإجراء محادثات    كأس مصر، الزمالك يحافظ علي تقدمه أمام بلدية المحلة بهدف بعد مرور 75 دقيقة    ميلان يرتقي لصدارة الدوري الإيطالي بثلاثية في شباك فيرونا    ضبط شخص في الجيزة بتهمة بالنصب على راغبي السفر للعمل بالخارج    وزارة الداخلية تضبط سيدة وجهت الناخبين بمحيط لجان قفط    وداع هادئ للمخرج داوود عبد السيد.. علامة بارزة في تاريخ السينما المصرية    رحيل «دقدق» مؤدي المهرجانات الشعبية.. صاحب الأغنية الشهيرة «إخواتي»    تأجيل تصوير مسلسل «قتل اختياري» بعد موسم رمضان 2026    أكرم القصاص للأحزاب الجديدة: البناء يبدأ من القاعدة ووسائل التواصل نافذة التغيير    من مستشفيات ألمانيا إلى الوفاة، تفاصيل رحلة علاج مطرب المهرجانات "دقدق"    رسالة من اللواء عادل عزب مسئول ملف الإخوان الأسبق في الأمن الوطني ل عبد الرحيم علي    صعود مؤشرات البورصة بختام تعاملات جلسة بداية الأسبوع    البورصة المصرية تربح 17.5 مليار جنيه بختام تعاملات الأحد 28 ديسمبر 2025    عاجل- هزة أرضية عنيفة تهز تايوان وتؤدي لانقطاع الكهرباء دون خسائر بشرية    بابا لعمرو دياب تضرب رقما قياسيا وتتخطى ال 200 مليون مشاهدة    قضية تهز الرأي العام في أمريكا.. أسرة مراهق تتهم الذكاء الاصطناعي بالتورط في وفاته    وليد الركراكي: أشرف حكيمي مثل محمد صلاح لا أحد يمكنه الاستغناء عنهما    الزمالك يصل ملعب مباراته أمام بلدية المحلة    وزارة الصحة: غلق مصحة غير مرخصة بالمريوطية وإحالة القائمين عليها للنيابة    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حينما نزل الغيث ؟!    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد اللجان الامتحانية بالمعهد الفني للتمريض    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    أبرز مخرجات الابتكار والتطبيقات التكنولوجية خلال عام 2025    انتظام حركة المرور بدمياط رغم سوء الأحوال الجوية    الداخلية تقضي على بؤر إجرامية بالمنوفية وتضبط مخدرات بقيمة 54 مليون جنيه    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    أزمة السويحلي الليبي تتصاعد.. ثنائي منتخب مصر للطائرة يلجأ للاتحاد الدولي    وصول جثمان المخرج داوود عبدالسيد إلى كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    «ليمتلس ناتشورالز» تعزز ريادتها في مجال صحة العظام ببروتوكول تعاون مع «الجمعية المصرية لمناظير المفاصل»    ولادة عسيرة للاستحقاقات الدستورية العراقية قبيل عقد أولى جلسات البرلمان الجديد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    أمم أفريقيا 2025.. تشكيل بوركينا فاسو المتوقع أمام الجزائر    وزير الصناعة يزور مقر سلطة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتي ويشهد توقيع عدد من الاتفاقيات    مد غزة ب7400 طن مساعدات و42 ألف بطانية ضمن قافلة زاد العزة ال103    أحمد سامي: تعرضت لضغوطات كبيرة في الاتحاد بسبب الظروف الصعبة    لافروف: روسيا تعارض استقلال تايوان بأي شكل من الأشكال    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    2025.. عام المشروعات الاستثنائية    2026 .. عام الأسئلة الكبرى والأمنيات المشروعة    عبد الفتاح عبد المنعم: الصحافة المصرية متضامنة بشكل كامل مع الشعب الفلسطينى    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام السياسي والحكم والدولة المدنية‏!‏
نشر في أخبار مصر يوم 07 - 11 - 2007


الاهرام : 7/11/07
مازلنا منذ مقال الأسبوع الماضي نتحدث عن معضلة العلاقة المعقدة بين نظم الحكم في بلادنا‏, وبين مايسميه الناس تيار الإسلام السياسي‏, بجناحيه القتالي الجهادي بتفريعاته العنقودية أولا‏,‏ وثانيا السياسي والدعوي‏ وإن كانت القاعدة تحتل واسطة العقد في الجناح الأول‏ فإن جماعة الاخوان المسلمين تمثل المظلة وربما القيادة التاريخية في الجناح الثاني‏.‏
وفي الوقت الذي ترفض فيه القاعدة وحلفاؤها‏ كل نظم الحكم القائمة‏ وتكفرها باعتبارها عميلة للغرب الكافر‏ ومن ثم تدعو لتدميرها وإزاحتها تماما من السلطة‏ فإن جماعة الاخوان‏ بعد تردد طويل‏ بادرت قبل شهور قليلة بإعلان برنامج أولي لحزب سياسي يمثلها‏ فإذا بها تتلقي الصدمات تلو الصدمات‏ بدلا من ترحيب كانت تتوقعه‏!‏
لقد حاولت الجماعة المحظورة قانونيا الناشطة واقعيا‏ أن توجه خطابا براجماتيا للرأي العام في مصر والعالم من ناحية‏ وللنظم الحاكمة المعادية لها من ناحية أخري‏ تقول فيه إنها ترغب وتسعي للاندماج في الحياة السياسية‏ والدخول تحت مظلة الديمقراطية‏ التي كثيرا ما رفضتها تاريخيا هي ومؤسسوها الأوائل‏ باعتبارها تقليدا غربيا نقيضا لأصول الاسلام‏!‏
لكن البرنامج الذي طرحه الاخوان‏ لتأسيس حزب سياسي‏ اصطدم فور إعلانه بعديد من العوائق والرفض المصحوب بالصدمة‏ لأنه جاء في بعض أسسه السياسية والفكرية نقيضا لمبادئ الديمقراطية‏ مثل المساواة والتسامح وقبول الآخر‏,‏ خصوصا فيما يتعلق بالمرأة والمواطنين المسيحيين‏ حين حرم البرنامج هؤلاء جميعا من حق الولاية وتولي المناصب الرئيسية‏‏ وحين أكد مفهوم الاخوان لتطبيق الشريعة الاسلامية الواردة في المادة الثانية من الدستور‏‏ وحين ابتدع هيئة العلماء لتكون مرجعا دينيا أعلي لها حق القبول أو الرفض لسياسات السلطة التنفيذية ولتشريعات البرلمان المنتخب‏,‏ ربما تقليدا للنموذج الايراني‏!‏
وبرغم ان البرنامج تعرض في أبوابه الخمسة للتوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية‏,‏ وفق المفهوم الاخواني بالطبع‏‏ إلا أن القراءة الدقيقة لهذا البرنامج‏‏ تدل علي أنه برنامج للحكم في دولة دينية‏‏ وليس اجتهادا سياسيا لحزب في دولة مدنية يقبل بشروطها وأفكارها الرئيسية‏‏ وإن دل ذلك علي شيء فإنما يدل علي أن فكر ورؤي الآباء المؤسسين‏‏ أو الحرس القديم‏‏ داخل الجماعة لايزال هو المسيطر‏‏ برغم محاولات الأبناء السياسيين‏‏ أو الحرس الجديد‏‏ صياغة برنامج يوائم بنوع مابين الجماعة الدعوية التقليدية وبين الفكر السياسي الحديث‏‏ الذي يشتعل ويزدهر بمبادئ الديمقراطية‏‏ في ظل الدولة المدنية‏.‏
وفي ظل هيمنة فكر الحرس القديم‏‏ المتمسك بفكر الجماعة وإصرارهم علي الجمع بين المصحف والسيف‏‏ بين السلطة الدينية وسلطة الحكم المدنية‏‏ انكسر جناح الحرس الجديد‏‏ في مواجهة جمود الكبار‏,‏ فهجرها شباب كثيرون‏,‏وانكفأ غيرهم داخل أطر وتنظيمات الاخوان‏,‏ يحاولون قدر الإمكان‏‏ تحينا لفرصة جديدة‏.‏

***‏
هكذا رأينا كيف تركت مجموعة الوسط بقيادة أبوالعلا ماضي وعصام سلطان‏,‏ تنظيم الاخوان‏,‏ في ظل حافز التجديد والتحديث مع التمسك بالأصول الإسلامية‏‏ وكيف أخذت رموز اخوانية قديمة ومشهورة لنفسها سبيلا آخر‏‏ بالصمت أحيانا‏‏ وبالتصريح أحيانا أخري‏‏ وكيف استمرت مجموعة أخري منها عبدالمنعم ابوالفتوح وعصام العريان‏‏ تحاول من داخل تنظيم الجماعة تغيير مفاهيم الآباء الكبار سنا ومكانة في قيادة مكتب الإرشاد‏.‏
إلا أن المحصلة الأساسية حتي الآن بعد أسابيع من طرح مشروع تأسيس الحزب السياسي للاخوان‏‏ هي المراوحة بين صدمة الرفض المطلق من أطراف وقوي سياسية وثقافية عديدة‏‏ وبين المراجعة والتعديل مصحوبا بالنقد الرقيق من جانب قوي وشخصيات أخري‏‏ ولم يكن السبب في كل ذلك إلا حالة الغموض المقصود الذي صيغ به برنامج الحزب‏‏ في وقت يتطلب الوضوح والإفصاح‏‏ وإلا تغليب ماهو ديني علي ماهو سياسي في الدولة‏‏ وإلا تهميش المرأة والتمييز في المناصب العليا ضد المسيحيين‏‏ وإلا فرض الوصاية الدينية العليا علي سلطات الدولة الحديثة‏!‏
والمؤكد أن أصدقاء الاخوان‏‏ وأنصار دمج التيارات الاسلامية السياسية المعتدلة في العملية الديمقراطية الحديثة‏‏ كانوا أول المصدومين في برنامج حزب الاخوان‏ لأنهم توقعوا تطورا في فكر الاخوان‏‏ وانتظروا مبادرة جريئة من جانب الجماعة‏‏ تزيل هواجس القوي السياسية المدنية‏‏ وتقنع المتخوفين بأن الاخوان يعملون حقا علي الاندماج في مجتمع الدولة المدنية‏‏ ويقبلون بشكل واضح بمبادئ الديمقراطية الحقة‏‏ ابتداء من حرية الرأي والتعبير والاجتهاد والاعتقاد‏‏ وصولا لحرية تداول السلطة وتبادل المواقع من القمة إلي القاع‏‏ دون استغلال الدين في السياسة‏.‏
ولسوء حظ جماعة الاخوان في مصر‏ ان طرحهم لبرنامج حزبهم السياسي المقترح‏‏ قد جاء في أوقات غير مواتية لقبول التيارات الاسلامية شريكا نشيطا وفعالا في الحياة السياسية‏‏ بعد تنامي تهديدات القاعدة وفروعها بل تنفيذها عمليات دموية وإرهابية‏‏ وفي ظل النتائج المأساوية والأخطاء الفادحة‏‏ التي وقعت في دول عربية شارك فيها الاخوان المسلمون وتيارات إسلامية اخري في السياسة والحكم‏‏ كما حدث في السودان مع بداية ثورة الإنقاذ تحالف البشير الترابي التي خاضت ما سمته حرب الجهاد الإسلامي في جنوب السودان‏ وكما وقع في الجزائر منذ بداية التسعينيات وحتي الآن من مواجهات دموية بين السلطة والجماعات الاسلامية المسلحة‏ وكما نراه الآن في غزة المحاصرة بعد انقلاب حركة المقاومة الاسلامية حماس علي السلطة الفلسطينية بقوة السلاح وفرض الأمر الواقع‏.‏
ولا يزال الرأي العام في مصر‏‏ يتذكر بكل معاني القلق‏‏ مافعلته التنظيمات الاسلامية المتطرفة خلال الثمانينيات والتسعينيات وماارتكبته من جرائم ارهابية‏‏ خصوصا جماعات الجهاد والجماعة الاسلامية والتكفير والهجرة والناجون من النار والطائفة المنصورة‏‏ وغيرها مما يصنفه الخبراء علي انها كلها خرجت من عباءة الاخوان‏‏ بدرجة من الدرجات‏‏ وانها وليد النظام الخاص الذراع المسلحة لتنظيم الاخوان منذ القدم‏.‏
ونظن ان جماعة الاخوان المسلمين مازالت أسيرة فكرها القديم وموروثها التاريخي‏ ومازالت تطبق مبدأ الطاعة المطلقة في المكره والمنشط‏‏ لقياداتها من حسن البنا في البدايات‏‏ حتي مهدي عاكف وعبدالله الخطيب اليوم‏‏ ومازالت مترددة حقا في نزع غطائها الديني أو مفهومها للدين‏‏ عن وجهها الحقيقي‏,‏ وطموحها السياسي ومازالت تراوغ في تقديم دلائل الإقناع للرأي العام علي الأقل‏‏ بأنها تقبل فعلا بدخول اللعبة السياسية الديمقراطية بكل قواعدها المعروفة‏..‏ ولذلك فهي اليوم في مأزق‏!‏

***‏
وفي المقابل فإن جماعات وتيارات اسلامية سياسية في بلاد اخري نجحت فيما فشلت فيه جماعة الاخوان بمصر‏‏ وها هي جماعة الاخوان في الاردن جبهة العمل الاسلامي تعمل شرعيا وتشارك سياسيا‏,‏ بل تدخل البرلمان والحكومة‏‏ ليس لأن النظام الأردني متفاهم معها فقط‏‏ ولكن لانها قبلت منذ البداية قواعد العمل السياسي العلني‏..‏ والأمر نفسه قائم في المغرب حيث جاء حزب العدالة والتنمية الاسلامي في المرتبة الثانية في الانتخابات الأخيرة‏‏ وفي اليمن حيث حزب الإصلاح جزء رئيسي من التركيبة السياسية الرسمية‏‏ و هكذا في الكويت والبحرين وغيرها‏.‏
أما في تركيا حيث يحكم الاسلاميون حاليا مدعومين بأغلبية برلمانية وبمنصبي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء‏,‏ فالتجربة لها خصوصيتها الشديدة وخلطتها النادرة‏,‏ التي يختلط فيها الديني بالدنيوي‏,‏ والمدني بالعسكري‏‏ والاسلامي بالتغريبي‏‏ والشرقي الآسيوي بالغربي الأوروبي‏..‏ ولم يحدث ذلك إلا بميراث من التغيير والتحديث انتقالا من بلاط السلاطين إلي مؤسسات الدولة الدستورية‏ وإلا بانفتاح التيارات الاسلامية علي متغيرات العصر وشروط العيش فيه وقواعد الاندماج والتعامل معه‏,‏ وبالطبع جاء الرضا الأوروبي الأمريكي عن الاسلام التركي المعدل ليضفي مزيدا من البهارات علي الوضع كله‏!!‏
قد نعرف أن جماعة الاخوان في مصر تنتقد تجربة تيار الاسلام السياسي في تركيا‏‏ وتراها تجربة لا تصلح شرعا وسياسة‏‏ ولكن لماذا لا تمد الجماعة بصرها الي تجربة أبنائها وتلاميذها في الأردن وفي الكويت أو في المغرب الأقصي‏.‏
ونحسب أنها لو انفتحت وفطنت‏‏ لغيرت كثيرا من أفكارها‏‏ ولطرحت برنامجا سياسيا جديدا‏‏ يقنع ويتحاور ويجادل‏ ويزيل المخاوف والهواجس والشكوك المتراكمة‏.‏
أما أن تظل جماعة الاخوان‏‏ متمسكة بالسلطة الدينية والسلطة المدنية‏‏ فإنها ستظل محل شك الناس,‏ وموضع ارتياب القوي السياسية والديمقراطى‏ وهدف القصف المدفعي لسلطة الحكم‏!‏

***‏

**‏ خير الكلام‏:‏
البصيرة أحد رؤية من البصر‏..‏
المزيد من اقلام واراء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.