بعنوان «التحالف الهش للفقراء»، قالت صحيفة ذا ماركر الإسرائيلية إن الفجوة بين الدول العربية الفقيرة وشقيقاتها الثرية يعطي أفضلية كبرى للدول الغنية، والتي لم تمر بتجربة الثورة. وذكرت أن الأردن هادئة، بعد أن توقفت موجة المظاهرات العاصفة الموجهة ضد غلاء أسعار الوقود والتي تهدد استقرار الدولة، كما تم إلغاء قانون التقاعد المكروه الذي ضمن لأعضاء البرلمان معاشا حتى نهاية حياتهم، تم إلغاؤه من قبل الملك عبد الله، ولا يحتاج الأمر إلى فهم عميق للاعتراف بالأهمية غير المقبولة للفوائد التي منحت للناخبين في وقت يصارع فيه الجمهور مع أسعار الطماطم.
ولفتت إلى أن الأردن نجحت في إقناع صندوق النقد الدولي بالتصديق على قرض بمقدار 2.05 مليار دولار بشروط لم يتم نشرها حتى الآن، لكنها ستتضمن شروطا تتعلق بتغيير شكل الاقتصاد الأردني، مضيفة أن عددا من دول الخليج،وبضغط أمريكي، وافقت على ضخ بعض مئات الملايين من الدولارات للتخفيف على العجز في الميزانية، الذي وصل إلى حوالي 3.5 مليار دولار.
وأضافت "يبدو أن مشكلة الغاز الطبيعي ستجد حلا لها قريبا، بعد أن زار رئيس الوزراء المصري هشام قنديل الأردن وقام بتجديد اتفاقية الغاز بأسعار مخفضة، هذه ليست اتفاقية جديدة، مصر ملزمة وفقا لاتفاقيات سابقة على بيع 210 مليون متر مكعب من الغاز يوميا للأردن، لكن التفجيرات المتكررة في خط أنابيب الغاز، ووقف الضخ المنظم خفض كمية الغاز إلى 40 مليون متر مكعب، وفي الأردن فسروا ذلك كنية مصرية لاستغلال العمليات الإرهابية من أجل رفع سعر الغاز.
وأشارت إلى أن اللفتة المصرية لم تمنح للأردن من أجل سواد عين الأخيرة، وإنما هذا تحالف بين دول فقيرة، والتي اقتصادها مرتبط بالأسلاك الشائكة السميكة والسياسية، وفي مقابل استئناف ضخ الغاز، وافقت الأردن على منح العمال المصريين غير الشرعيين الذين يعملون على أرضها مهلة لتنظيم أوضاعهم، ووفقا لتقديرا حكومة الأردن يوجد في المملكة أكثر من 500 ألف عامل مصري، وسفارة القاهرة بعمان تقدر عددهم بحوالي 800 ألف منهم 170 ألف تقريبا لديهم تصاريح عمل معتمدة.
وقالت إن الأردن التي يصعب عليها خلق فرص عمل جديدة بسبب قلة الاستثمارات الأجنبية، قررت فجأة في بداية الشهر طرد كل الأجانب الذين ليس لديهم تصاريح عمل، وهي خطوة ضرورية ليس فقط لتوفير فرص عمل للمواطنين الأردنيين في دولة تغرق تحت وطأة لاجئين من العراق والآن من سوريا، وإنما في الأساس للضغط على مصر فيما يتعلق بضخ الغاز ، وقد نجح الضغط.
وقالت" عندما يكون حوالي 70% من العمال الأجانب بالأردن مصريين، وعندما يصعب على حكومة القاهرة خلق فرص عمل جديدة لملايين العاطلين فأن إضافة تقدر ب 300 ألف عامل مصري كانوا عائدين من الأردن هو عبء مزدوج، ليس فقط لأن من شأنهم الانضمام إلى سوق البطالة وإنما لأنهم سيتوقفوا عن دفع المال لعائلاتهم، وبهذا يكون الأمر عبئا أخرا على منظومة الرعاية المصرية المنهارة.
واختمت تقريرها بالقول إن تحالف الفقراء بين مصر والأردن ليس حلا لكل مشاكل الاقتصاد بين البلدين، ولكنه يعرض بشكل واضح المفارقة الخاصة بالثورة؛ فالفجوة بين الدول العربية الفقيرة وشقيقاتها الثرية يعطي أفضلية كبرة خاصة للدول الغنية، والتي لم تمر بتجربة الثورة، والأردن التي تحتاج لدعم السعودية والكويت والإمارات للاستمرار في التهرب من رعب الثورة الشعبية، ومصر التي تعتمد على إحسان قطر والسعودية للحفاظ على إنجازات الثورة وعدم الوقوف أمام انتفاضة جياع، تعتمد كلا الدولتين على عطف دول تمثل بالنسبة للثوار دول محافظة.
وقالت «ليس هذا هو ما تاق إليه الثوار في ميدان التحرير أو وسط تونس، وهو الإحباط الذي عبر عنه جيدا الأمير حسن الأردني، الذي كان وليا للعهد، والآن يرأس معهدا عربيا، ففي مؤتمر عقد بالقاهرة قال الأخير إن الثورات لم تسفر عن أي شئ من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة»، ولفتت الصحيفة في نهاية تقريرها إلى أن الثورات أسقطت أنظمة حاكمة لكن الاعتماد الاقتصادي على الجناح المحافظ في الشرق الأوسط لم تنجح تلك الثورات في إلغاءه.