بعد ساعات من إعلان وكالة «ستاندرد آند بورز» تخفيض التصنيف الائتمانى للديون السيادية لمصر على نحو أوصلها إلى التصنيف الائتمانى لليونان، قالت شبكة «بلومبرج»: «إن وزارة المالية المصرية تعتزم التوسع فى طرح السندات الحكومية المصرية فى ربع السنة المالية بزيادة قدرها 60٪ قياسا بالربع الحالى من العام المالى». شبكة «بلومبرج» ذكرت أن الحكومة ستسعى إلى بيع 26 مليار سند حكومى فى الربع الجديد، تتراوح آجالها بين ثلاث إلى عشر سنوات، قياسا إلى 16 مليار سند فى الربع الحالى.
توجه الحكومة المصرية بالتوسع فى طرح السندات يبدو أنه توجه اضطرارى، كما أجمع على ذلك عدد من الخبراء.
أمينة غانم، المساعدة السابقة لوزير المالية، قالت ل«الدستور الأصلي» إن التوسع فى الاقتراض الداخلى يبدو الآن هو السبيل الوحيد تقريبا أمام الحكومة المصرية، فى ظل نضوب مصادر أخرى لسد عجز الموازنة، موضحة أنه لا يوجد سبيل إلى الاقتراض الخارجى بعد تعثر المفاوضات حول قرض صندوق النقد الدولى، كما أنه من غير المقبول التوجه إلى التوسع فى طبع العملة المصرية، لأن ذلك يعرض مصر إلى موجة جديدة من التضخم.
غانم أضافت أن تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولى حول التسهيل الائتمانى لمصر، ظل هو عنوان التوجه إلى التوسع فى المقابل فى الاقتراض الخارجى بعد الثورة، مع اتساع هوة عجز الموازنة، فمثلا بدأ سمير رضوان، وزير المالية الأسبق، عهده بسياسة مفادها ضرورة تنويع مصادر الاقتراض، ومن ثم بدأ فى المفاوضات مع صندوق النقد الدولى بجانب طرح سندات وأذون خزانة الحكومة المصرية، لكن تعثرت المفاوضات نتيجة مطالب الصندوق بالتوافق المجتمعى على القرض، مستندين إلى تجارب دول عديدة مرت بثورات واحتاجت إلى موافقة تحريرية من فصائل المعارضة مجتمعة على أى قرض من الصندوق، فى ظل غياب سلطة منتخبة.
غانم أضافت أن حازم الببلاوى وزير المالية السابق، أوشك على توقيع الاتفاق مع الصندوق قبل أن تنفجر أحداث ماسبيرو ومحمد محمود الدامية، ويتراجع صندوق النقد مجددا عن الموافقة على منح مصر القرض، إلا أن مسؤولى الصندوق سرعان ما عادوا إلى طلب التفاوض مع مصر بعد تولى الرئيس مرسى منصبه، كون الأمر بدا معبرا عن وجود استقرار سياسى يبدو فى الأفق لهم، والآن بعد تعثر المفاوضات مجددا بعد إعلان الصندوق تأجيل النظر فى التسهيل الائتمانى لمصر بطلب من الحكومة المصرية، عادت الحكومة واتجهت إلى التوسع مجددا فى الاقتراض الداخلى.
محمود عبد الفضيل، أستاذ الاقتصاد فى جامعة القاهرة وعضو مجلس إدارة البنك المركزى، قلل من تأثير هذا التوجه الجديد على القطاع المصرفى واحتمال انصرافه عن تمويل القطاع الخاص، قائلا فى حديثه مع «الدستور الأصلي» إن القطاع الخاص نفسه يبدو منصرفا من جانبه عن اتخاذ القرار الاستثمارى ومن ثم عن الاقتراض من البنوك.
وائل زيادة، كبير محللى الاقتصاد الكلى فى بنك الاستثمار «إى إف جى هيرميس»، رأى أن هذا التوسع فى بيع السندات الحكومية ليس تعبيرا فقط عن التوسع الإجمالى فى الاقتراض الداخلى، بل هو تعبير عن إحلال الأدوات طويلة الآجال للأدوات قصيرة الآجال «أذون الخزانة».
زيادة أضاف فى حديثه مع «الدستور الأصلي» أن الحكومة تتجه إلى الاقتراض طويل الأجل بما يعنيه ذلك من تخفيف الضغط على السيولة فى الأجل القصير، أى رد الدين بعد مدة أبعد تصل إلى سنوات بدلا من الآجال القصيرة التى قد لا تزيد على 180 يوما.
زيادة أضاف أنه يتوقع ارتفاعا يبدو حتميا فى أسعار الفائدة على السندات وأذون الخزانة الحكومية فى حال استمرار عجز الموازنة فى الارتفاع، وفى ظل توقعات من وزير المالية نفسه بأن يصل إلى 200 مليار جنيه، مرجعا الانخفاض الأخير فى أسعار الفائدة إلى توجيه حكومى للبنوك التابعة للقطاع العام للتوسع فى شراء السندات وأذون خزانة الحكومة المصرية.