سألني صديق هل قرأت ما يكتبه الأستاذ أنور الهواري في الأهرام المسائي من شتيمة لأنصار الدكتور محمد البرادعي، فرددت عليه أنني منذ زمن طويل قررت ألا أقرأ لهذا الزميل الذي يكتب حسب موقعه الوظيفي: وليس حسب ما يمليه عليه ضميره، وكنت قد نشرت له في هذه الصفحة مقالا عنوانه هو «نحن والفرعون» كان فيه شديد اللهجة والنقد والإساءة للرئيس حسني مبارك، كتبها عام 2006 عندما كان يعمل رئيسا لتحرير الوفد وأضفت إليها مقالا آخر له عنوانه: «تحدث أيها القائد» رفع فيه الرئيس نفسه إلي مرتبة الآلهة. وأشرت إلي 4 مقالات له في جريدة «الحياة اللندنية» كان فيها شديد الهجوم علي الرئيس مبارك والسيد جمال مبارك والسيدة سوزان مبارك. وبعدما قرأت له عدة أعمدة في الأهرام المسائي تأكدت أنه يكتب من وحي يأتي له من جهة ما، رأت أن تجعل منه فتوة النظام في شتم وهجاء وسب معارضيه، وليس الاشتباك مع ما يطرحونه من أفكار، خاصة عندما كتب عدة أعمدة وصف فيها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل بمجنون برقاش. وتأكدت مع كتابات الهواري أن هذا النظام برجاله وما وصلوا إليه من تدن فكري وأخلاقي يلفظ أنفاسه الأخيرة بسبب استعانته بالهواري وأمثاله، ويبدو أن الهواري ورجال النظام الذين يستخدمونه يتصورون أن القراء فقدوا الذاكرة، وإنهم ينسون ما كتبه هذا الفتوة من قبل. لهذا السبب أريد أن أحكم القراء في مقالين كتبهما نفس الكاتب، نشر الأول في 29 سبتمبر عام 2006، في جريدة الوفد بعنوان: «فرعونان في وقت واحد!» وقال فيه الحرف: «وجود الرئيس حسني مبارك ومعه السيد جمال مبارك علي قمة الحزب الحاكم، وعلي قمة جهاز الدولة يمثل ازدواجية سياسية لم يسبق أن عرفتها مصر وهذه الازدواجية التي تجمع مبارك الأب مع مبارك الابن، ومبارك الأول مع مبارك الثاني والرئيس الأب مع الرئيس الابن والرئيس المنتخب مع الرئيس العرفي والرئيس القديم مع الرئيس الجديد، تثير الكثير من القضايا النظرية والعملية التي تحتاج إلي دراسة وتأمل. وربما تكون هذه المرة الأولي في تاريخنا أن يتجاوز ويتعايش ويتزامن فرعونان اثنان علي قمة جهاز السلطة في وقت واحد. ودائماً كان يكفي أن يكون لدينا فرعون واحد، حتي نذوق المرارة علي يديه، وبصراحة شديدة فإن هذا هو الإنجاز الذي لم يقصر فيه الرئيس مبارك فقد تفوق وأجاد ويكفيك الآن إن تحرك لسانك في فمك لتذوق المرارة المعتقة، المرارة في أفواه الجميع ساكنة، حتي فقد الناس لذة الحياة وبهجتها بصورة لم تعرف الانقطاع طوال 25 عاماً، فهي فترة تخلو تماماً من أي أمجاد أو انتصارات أو مفاخر أو أفراح قومية وجماعية، افتح الآن ذاكرتك وابحث فيها عن مفخرة وطنية واحدة شهدناها في ال 25 عاما الماضية ويقينا لن تجد إلا تفاصيل عادية جدًا وتافهة جدًا لن يأتيك من ورائها إلا الضجر السقيم والملل العقيم، ومعني ذلك أن المرارة تسكن الذاكرة مثلما تسكن الفم، وهذا هو السبب فيما نشهده من موجات الاكتئاب القومي الشامل التي تغمر المصريين جميعا حتي استوت عندهم ظلمة الليل مع ضوء النهار، وانتقلت المرارة إلي أعين الناس وبصائرهم فلا يرون بصيص أمل نحو المستقبل، وبينما نحن كذلك جاءنا الفرعون الثاني ليأخذ مقعده إلي جانب الفرعون الأول، فازداد الشعب إحساسا بالألم المزدوج وبالمرارة المضاعفة. وبالتشاؤم يتراكم بعضه فوق بعض، ولولا أن النبوات والرسالات قد ختمت لجاز لنا القول إن مصر الآن تحتاج أربعة أنبياء من وزن موسي وأخيه هارون فالفرعون الواحد جاءه نبيان رسولان، ومن ثم فوجود فرعونين يستدعي علي الأقل أربعة أنبياء! ومن حكمة العناية الإلهية أنها أغلقت أبواب النبوة حتي تغلق زمن الفرد وتبدأ زمن الشعوب وحتي تتولي الشعوب بنفسها رسم مصائرها وصناعة أقدارها واختيار حياتها. ومن اليوم لن نسكت علي الفرعون الأول ولا علي الفرعون الثاني. وسوف نعتمد علي هذا الشعب ولن ننتظر نبيا ولا رسولا ولن نحلم بموسي ولا هارون. من اليوم سوف ننزل إلي الشعب وننقل نبضه وإحساسه، ونعيش ألمه وحزنه ونحمل مطامحه إلي الحرية وأشواقه إلي الكرامة ولسنا نقول ذلك من فراغ فلدي الوفد تراث هائل في قيادة الشعب ومقاومة الاستبداد السياسي، فالوفد بطبيعته وبهويته وبنشأته هو حزب ثوري. «المهمة صعبة جدا، فرعونان في وقت واحد، علي شعب واحد!». أما المقال الثاني فقد كتبه يوم السبت الماضي، بعنوان « أنصار البرادعي»، وقال فيه: «طبيب من جماعة الإخوان المحظورة والخارجة علي القانون، يعلن الإضراب عن الطعام، حتي يحصل علي أجازة بدون مرتب. جميلة إسماعيل حرم أيمن نور تذهب إلي زيارته في المستشفي. محمد البرادعي زوج السيدة عايدة الكاشف يدخل علي الخط ويعلن تحذيرا مدويا من المساس بأنصاره. هذه هي خيوط الفوضي.... إخوان... جميلة... برادعي... وكلها تلتقي لتخلق وهما زائفا اسمه أنصار البرادعي... وأنصار جميلة... وأنصار الشيطان من كل شكل ولون... أنصار البرادعي هم خليط من ذوي العاهات، ومن المعاقين سياسيا، ومن مطاريد الأحزاب، ومن مغارات الماضي، ومن ينابيع الفشل الخاص، ومن المدمنين علي المعارضة الفوضوية العبثية العدمية، ومن المحطمين ذاتيا، ومن المدمرين معنويا، ومن المتأزمين أخلاقيا، ومن غير المتوازنين روحيا ونفسيا... أنصار البرادعي هم ركام من الحطام، هم رغوة، هم فقاعات، هم هوامش تطفو علي السطح، تلعب بها الأهواء، وتعبث بها الأمواج... البرادعي يعلم هذا، ويعلم أنه في مغرز، وأنه في حفرة، وأنه يدخل بقدميه إلي المجهول... البرادعي يتسلي بنفسه، يتسلي في وقت الفراغ، يتذاكي، ويحسب نفسه نبيا، وله أنصار، ورسولا وله أشياع وأتباع... البرادعي قنبلة ذرية جوفاء، قنبلة من هواء، قنبلة فارغة، يلعب بها مسرحية وهمية، علي خشبة مكسورة.. البرادعي سوف يخسر الرهان، لأن الحرية في مصر أكبر منه، لأن الشفافية في مصر تبطل ألاعيبه، لأن الشعب في مصر أذكي من تخيلاته...». وبالتالي فعلي من يتضايق من هذا الكلام، ألا يأخذه علي محمل الجد، لأنه يمكن أن يكتب عكسه تماما إذا ما تغيرت الأوضاع، خاصة أنه في مقاله الأول الذي أعدنا نشره اليوم، يمجد في حزب الوفد، لكنه عاد عندما أصبح كاتبا في الأهرام المسائي لكتابه عدة أعمدة يهاجم فيها حزب الوفد، وقياداته. أما حديثه عن المحظورة، فهناك من يربط بينه وبينها في مرحلة ما من حديثه، فبأي عين يواجه الهواري قراءه، وهل لا يشعر بازدواج الشخصية؟!