إذا كان الحكام العرب يحبون المفاوضات مع إسرائيل لهذه الدرجة فلماذا لا يتفاوضون مع شعوبهم؟ لماذا يستعد الحاكم العربي للتفاوض مع إسرائيل طول العمر، بينما لا يطيق أن يسمع كلمة من معارض لحكمه أو من رافض لعرشه ولا يتفاوض مع شعبه أبدا، بل يطلب منهم السمع والطاعة؟! تضع إسرائيل كل يوم خوازيق جديدة للسلطة الفلسطينية ولوزراء الخارجية العرب الذين طبلوا وزمروا لإجراء مفاوضات مع إسرائيل، لكنهم للأسف لا يتحسسون مكان خزق كرامتهم! نتنياهو يركلهم بقراراته الاستيطانية ويضربهم بعمليات التهويد ويصفعهم بهدم المسجد الأقصي، بينما سلطة رام الله ووزراء وحكام العرب المعتدلون أمريكيا يستجدون المفاوضات ويتسولون الضغط الأمريكي، ما كل هذا الذل؟! الإجابة أن هذا ليس ذلا بل اعتدال! «آه أنا آسف كنت فاهم غلط»! طيب أنا زعلان قوي كده ليه إذا كان هؤلاء باعة أوطان وحقوق ولا غرابة في أنهم يجلسون تحت قدمي الصهاينة، ما الجديد الذي يفاجئك أو العجيب الذي يثير تعجبك؟ الحقيقة مفيش! كله متوقع ومنتظر فلا أمل فيهم ولا منهم! هؤلاء خانوا المقاومة واحترفوا المقاولة ويتعاملون مع القضية الفلسطينية باعتبارها صفقة طويلة الأمد، تسمح لهم بالبقاء في مناصبهم والقيام بأدوارهم التعسة وخدمة سياسة أمريكا وإسرائيل مقابل السلطة والثراء والترف والنفوذ! المشكلة إذن ليست فيهم، بل في المقاومة الفلسطينية! نحن أمام مقاومة لا تقاوم، حماس مشلولة وعاجزة ويقتصر دورها علي محاولة إجادة دور الضحية (وليست الشهيدة ) تتحكم فيها عقلية سياسية محدودة الذكاء كأننا أمام وعاظ مساجد يديرون جماعة مقاومة أو تنظيما سياسيا، محاصرون قطعا في خسة عربية وعالمية نادرة المثال ووضاعة لا تتكرر كثيرا في التاريخ، ومع ذلك فالمقاومة لا تملك حلولا إبداعية ولا خيالا نضاليا ولا قدرة علي اختراق بلادة المشهد ولا زلزلة جمود المرحلة، مسكينة ومستكينة لا هي تقاوم الفساد والاستبداد السياسي، بل تقع فريسة له بطريقة ساذجة، ولا هي تقاوم العدو وتهاجمه وتوجعه وتستنزفه! وأكاد لا أفهم هذا التوافق علي العجز، عجز مستبدين فسدة يحكمون في رام الله وعجز مقاومة لا تحكم ولا تقاوم ولا تعارض، فهي لا تحكم رغم شرعية وصولها للحكم، ثم هي لا تقاوم رغم أن هذه رسالتها في الحياة، ثم هي لا تعارض، بل تتقدم كل يوم بإعلانات عن استعدادها للمصالحة وللجلوس مع الفاسدين علي منصة واحدة في برلمان أو حكومة!! طبعا من المستحيل أن أساوي بين حكام المقاولة ورجال المقاومة، لكن للأسف هم مقعدون معا، فلا شفنا من أبو مازن ووزراء خارجية العرب بسلامتهم أي دليل علي كبرياء أو قوة أو نخوة أو حنكة أو ذكاوة في مواجهة جرائم إسرائيل في الأقصي والحرم الإبراهيمي أو الاستيطان في القدس مثلا، وكذلك لم نشهد أي حركة أو قدرة أو بطولة أو منازلة من حماس وغيرها من التنظيمات في مواجهة جرائم إسرائيل! الحاصل أن إسرائيل مجرمة تواصل إجرامها. ونحن العرب مقاولون ومقاومون عاجزون نواصل عجزنا. وقبل أن تسألني طيب نعمل إيه سأجيبك : نغيرهم جميعا!