اكد محمد كامل عمرو وزير الخارجية على اننا ندرك جيدا أن طريق التحول الديمقراطي ليس ممهدا وان الانتخابات ليست نهاية المطاف، وأن هدف الديمقراطية هو تعزيز الحوار وتحقيق العدالة الاجتماعية واعلاء قيم حقوق الإنسان.
وقال وزير الخارجية فى كلمة مصر أمام الدورة التاسعة لمنتدى المستقبل لدول مبادرة الشرق الاوسط الكبير وشمال افريقيا التى تستضيفه العاصمة التونسية حاليا برئاسة كلا من تونس و الولاياتالمتحدة أن نجاح بناء المؤسسات سيكون نقطة فارقة في هذه المنطقة من العالم.
واكد أن اكتمال البناء الديمقراطي سيفتح آفاقا رحبة للحوار السياسي والمؤسسي الذي سيكون انعكاسا صادقا للتطلعات الشعبية من أجل ديمقراطية حقيقية.
وقال محمد عمرو ان منتدى المستقبل قطع شوطا هاما في اطار دعم تطلعات شعوب المنطقة نحو مستقبل أفضل، وخلال العامين الماضيين، شهدت المنطقة تطورات جذرية، عكست تطلعات الشعوب للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
واضاف انه واتساقا مع هذه التغيرات، أصبح من الضروري النظر إلى المنطقة من منظور جديد، ومن هذا المنطلق يجب اعادة النظر فى فكرة أن يكون هناك منهج موحد يتم من خلاله النظر أو التعامل مع الإصلاحات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية لشعوب الربيع العربي، فإن عملية الاصلاح لابد وان تنبع من الداخل وتعكس رغبات الشعوب وتطلعاتها.
وقال "لقد أصبحت الشعوب العربية أكثر قدرة على تحديد اولوياتها دون إملاءات خارجية، ويجب أن يتم تشجيعها ودعمها بغية الوصول إلى أهدافها، وعلى المنتدى في سعيه لمواجهة هذه التحديات أن يدفع نحو مناقشة موضوعية للمطالب الأساسية للشعوب دون إنشاء آليات موازية لتلك القائمة بالفعل بالأممالمتحدة المعنية بالتزامات الدول المشاركة."
وكان الاجتماع الوزارى التاسع لمنتدى المستقبل لدول مبادرة الشرق الاوسط الموسع وشمال أفريقيا قد انطلق بمشاركة وفد مصرى برئاسة محمد كامل عمرو وزير الخارجية . ويبحث المنتدى - الذى يترأسه هذا العام كلا من تونسوالولاياتالمتحدةالامريكية- دعم دور المرأة وحرية التعبير والتنظيم والحكومة الاقتصادية .
ويهدف هذا المنتدى المشترك بين مجموعة الثمانية ودول منطقة الشرق الاوسط الى دفع أجندة الحرية والديمقراطية والترويج لشفافية الحكم وتعزيز دور المرأة وإحترام حقوق الانسان وإستقلالية القضاء.
وتضم المبادرة دول مجموعة الثمانية المتمثلة فى الولاياتالمتحدةالامريكية والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وكندا وروسيا بالاضافة الى 23 دول من الشرق الاوسط الموسع وهما مصر والجزائر والبحرين والعراق والاردن والكويت ولبنان وليبيا وموريتانيا والمغرب وسلطنة عمان وقطر والسعودية والسودان وسوريا وتونس والامارات والسلطة الفلسطينية واليمن وتركيا وباكستان وأفغانستان ، فضلا عن ممثلي المجتمع المدنى من تلك الدول .
واضاف عمرو أن مصر تتطلع إلى اللحظة التي يتمكن فيها الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة من تقرير مصيره. وعلى منتدى المستقبل إيلاء مطالب الشعب الفلسطيني أولوية متقدمة لتحقيق السلام العادل والدائم على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. و في 29 نوفمبر، قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوة هامة وتاريخية من خلال رفع وضعية فلسطين إلى دولة مراقب في الأممالمتحدة. ونأمل أن يتم الاستئناف الجاد للمفاوضات في المستقبل القريب للتوصل إلى حل الدولتين مع التأكيد على على أن استمرار المستوطنات في الأراضي المحتلة سيقضي على أمل التوصل إلى حل الدولتين، ويجب ان يتوقف بصورة فورية.
واكد على ان خطر الانتشار النووى يعد أحد التحديات الهامة التى تواجه الأمن والاستقرار والتنمية البشرية والاجتماعية في المنطقة، وعليه يجب التخلص من جميع الأسلحة النووية وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وجميع أسلحة الدمار الشامل الأخرى. وأن جهود الدبلوماسية المصرية لتحقيق هذا الهدف بدأت منذ عام 1974، وفي عام 1995، تم ربط التمديد اللانهائي لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة بتنفيذ قرار الشرق الأوسط الخاص بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وجميع أسلحة الدمار الشامل الأخرى. وكما تعلمون جميعا فقد تبنى مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي عام 2010 قرارا هاما يطالب الأمين العام للأمم المتحدة والدول المودعة الثلاث بعقد مؤتمر في عام 2012 لاخلاء المنطقة من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل والذي كان من المفترض أن يعقد الأسبوع المقبل في هلسنكي لإطلاق عملية إنشاء هذه المنطقة. وفي هذا الصدد، نعرب عن أسفنا العميق ونجدد رفضنا الإعلانات الداعية لتأجيل هذا المؤتمر التى تعد خرقاً لقرار مؤتمر المراجعة. ومن ثم نحث الأطراف المنظمة للمؤتمر على تحمل مسئوليتهم والتزاماتهم الدولية في هذا الشأن.
واضاف عمرو "قدمت ثورة الخامس والعشرين من يناير نموذجاً فريدا لممارسة حقوق حرية التعبير والتجمع السلمي، فحرية التعبير أمر جوهري يتيح حرية التواصل المجتمعي وبدونه لتعرضت قيم الحرية والعدالة لخطر داهم يكرس ثقافة القهر والاقصاء السياسي".
وقال انه في نفس الوقت فمن الضروري توحيد الجهود الدولية للقضاء على ظاهرة التعصب والتحريض على الكراهية الدينية والعنف خاصة تلك الحملات التحريضية الموجهة ضد المسلمين في العالم. إن استمرار هذه الحملات دون موقف حازم من المجتمع الدولي سيؤدي إلى تآكل الجهود الإيجابية المبذولة من قبل المبادرات الحكومية وغير الحكومية مثل مبادرة الأممالمتحدة لتحالف الحضارات وعملية اسطنبول الهادفتين لتصحيح الأفكار المغلوطة وتعزيز التفاهم والاحترام بين الثقافات والحضارات.
واشار الى ان لدى مصر اقتناع راسخ بأن أية اصلاحات سياسية وثقافية لن يكتب لها النجاح دون تحقيق المساواة بين الجنسين مع أهمية تمكين المرأة في كافة المجالات. ففي مصر كان ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في الاستحقاقات البرلمانية والانتخابات الرئاسية ثمرة لحملات التوعية المجتمعية وتعريف المراة بأهمية دورها كعنصر فاعل في عملية التحول الديمقراطي.
واضاف "واتصالا بذلك، فإن مصر ملتزمة باستكمال الخطوات الهامة التي تم انجازها في السنوات الأخيرة، خاصة فيما يخص المشاركة الاقتصادية والسياسية للمرأة، فضلا عن مكافحة الاتجار في النساء والعنف التى تحتل أولوية متقدمة على أجندتنا الوطنية. "
وقال ان موضوع التنمية الاقتصادية يحتل أولوية متقدمة لنا خاصة في ظل التحديات الاقتصادية ونحن مستمرون في حث شركائنا أعضاء مجموعة الثمانية الصناعية الكبرى في هذا المحفل الهام وخارجه على الوفاء بالتزاماتهم في زيادة حجم المساعدات غير المشروطة وتوفير الموارد اللازمة لدعم التنمية من اجل تعزيز الحوكمة وتحسين الأداء التنموي .
وشدد وزير الخارجيى على ان مصر تولي أهمية كبيرة لدور منظمات المجتمع المدني في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان. وتدعم مصر استمرار الحوار غير الرسمي مع تلك المنظمات تحت مظلة مبادرة الشرق الأوسط الموسع. فقد كان للمجتمع المدني دوراً حاسما في الثورة المصرية، ولايزال شريكا رئيسيا في عملية التحول الديمقراطي الذي تشهده مصر.
واضاف ان مصر ترى أن المنتدى يمكن أن يصبح أكثر تأثيراً في دعم الدول التي تمر بمرحلة التحول الديمقراطي، وذلك على أساس الشراكة الحقيقية والاحترام الكامل لإرادة شعوب المنطقة والملكية الوطنية لاسيما وان الحكومات المنتخبة ديمقراطيا أصبحت، أكثر من أى وقت مضى، خاضعة للمساءلة أمام شعوبها. فالرأي العام، الذي أصبح جزء لا يتجزأ من نسيج مجتمعاتنا، صار أكثر حيوية وله دور رئيسي في تشكيل وتوجيه السياسات العامة.
واعرب الوزير في نهاية كلمته عن سعادة مصر بتولي رئاسة المنتدى العام المقبل مع أصدقائنا في المملكة المتحدة لمواصلة دفع عجلة التنمية الاقتصادية والديمقراطية في منطقتنا بالتعاون مع دول مجموعة الثمانية. ونعتزم خلال رئاستنا القادمة للمنتدى جنبا إلى جنب مع المملكة المتحدة، وبالتعاون مع دول مجوعة الثمانية والشركاء الإقليميين، والمجتمع المدني، التركيز على احتياجات دول المنطقة، لتحقيق التطلعات المشروعة لشعوبنا من أجل التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان والازدهار والتقدم.