أكد محمد كامل عمرو وزير الخارجية "أننا ندرك جيدا أن طريق التحول الديمقراطي ليس ممهدا وأن الانتخابات ليست نهاية المطاف، وأن هدف الديمقراطية هو تعزيز الحوار وتحقيق العدالة الاجتماعية وإعلاء قيم حقوق الإنسان". جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية اليوم الخميس أمام الدورة التاسعة لمنتدى المستقبل لدول مبادرة الشرق الأوسط الكبير وشمال أفريقيا على المستوى الوزاري والمنعقد في العاصمة التونسية والذي يترأسه كل من تونس وأمريكا.
وشدد عمرو على أن نجاح بناء المؤسسات سيكون نقطة فارقة في هذه المنطقة من العالم. وأن اكتمال البناء الديمقراطي سيفتح أفاقا رحبة للحوار السياسي والمؤسسي الذي سيكون انعكاسا صادقا للتطلعات الشعبية من أجل ديمقراطية حقيقية.
وقال "إن منتدى المستقبل قطع شوطا هاما في إطار دعم تطلعات شعوب المنطقة نحو مستقبل أفضل، وخلال العامين الماضيين، شهدت المنطقة تطورات جذرية، عكست تطلعات الشعوب للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية".
وأضاف أنه واتساقا مع هذه التغيرات، أصبح من الضروري النظر إلى المنطقة من منظور جديد، ومن هذا المنطلق يجب إعادة النظر في فكرة أن يكون هناك منهج موحد يتم من خلاله النظر أو التعامل مع الإصلاحات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية لشعوب الربيع العربي، فإن عملية الإصلاح لابد وأن تنبع من الداخل وتعكس رغبات الشعوب وتطلعاتها.
وتابع "لقد أصبحت الشعوب العربية أكثر قدرة على تحديد أولوياتها دون إملاءات خارجية ، ويجب أن يتم تشجيعها ودعمها بغية الوصول لأهدافها، وعلى المنتدى في سعيه لمواجهة هذه التحديات أن يدفع نحو مناقشة موضوعية للمطالب الأساسية للشعوب دون إنشاء آليات موازية لتلك القائمة بالفعل بالأممالمتحدة المعنية بالتزامات الدول المشاركة".
وقال محمد كامل عمرو وزير الخارجية "إن مصر تتطلع إلى اللحظة التي يتمكن فيها الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة من تقرير مصيره. وعلى منتدى المستقبل إيلاء مطالب الشعب الفلسطيني أولوية متقدمة لتحقيق السلام العادل والدائم على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. وفي 29 نوفمبر، قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ خطوة هامة وتاريخية من خلال رفع وضعية فلسطين إلى دولة مراقب في الأممالمتحدة. ونأمل أن يتم الاستئناف الجاد للمفاوضات في المستقبل القريب للتوصل إلى حل الدولتين مع التأكيد على على أن استمرار المستوطنات في الأراضي المحتلة سيقضي على أمل التوصل إلى حل الدولتين، ويجب أن يتوقف بصورة فورية".
وأكد أن خطر الانتشار النووي يعد أحد التحديات الهامة التي تواجه الأمن والاستقرار والتنمية البشرية والاجتماعية في المنطقة، وعليه يجب التخلص من جميع الأسلحة النووية وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وجميع أسلحة الدمار الشامل الأخرى. وأن جهود الدبلوماسية المصرية لتحقيق هذا الهدف بدأت منذ عام 1974، وفي عام 1995، تم ربط التمديد اللانهائي لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة بتنفيذ قرار الشرق الأوسط الخاص بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وجميع أسلحة الدمار الشامل الأخرى.
وكما تعلمون جميعا فقد تبنى مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي عام 2010 قرارا هاما يطالب الأمين العام للأمم المتحدة والدول المودعة الثلاث بعقد مؤتمر في عام 2012 لإخلاء المنطقة من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل - والذي كان من المفترض أن يعقد الأسبوع المقبل في هلسنكي - لإطلاق عملية إنشاء هذه المنطقة.
وفي هذا الصدد، نعرب عن أسفنا العميق ونجدد رفضنا الإعلانات الداعية لتأجيل هذا المؤتمر التي تعد خرقا لقرار مؤتمر المراجعة. ومن ثم نحث الأطراف المنظمة للمؤتمر على تحمل مسئوليتهم والتزاماتهم الدولية في هذا الشأن.
وقال محمد كامل عمرو وزير الخارجية "قدمت ثورة الخامس والعشرين من يناير نموذجا فريدا لممارسة حقوق حرية التعبير والتجمع السلمي، فحرية التعبير أمر جوهري يتيح حرية التواصل المجتمعي وبدونه لتعرضت قيم الحرية والعدالة لخطر داهم يكرس ثقافة القهر والاقصاء السياسي".
وأضاف أنه في نفس الوقت فمن الضروري توحيد الجهود الدولية للقضاء على ظاهرة التعصب والتحريض على الكراهية الدينية والعنف خاصة تلك الحملات التحريضية الموجهة ضد المسلمين في العالم. إن استمرار هذه الحملات دون موقف حازم من المجتمع الدولي سيؤدي إلى تآكل الجهود الإيجابية المبذولة من قبل المبادرات الحكومية وغير الحكومية مثل مبادرة الأممالمتحدة لتحالف الحضارات وعملية اسطنبول الهادفتين لتصحيح الأفكار المغلوطة وتعزيز التفاهم والاحترام بين الثقافات والحضارات.
وأشار إلى أن لدى مصر اقتناعا راسخا بأن أية إصلاحات سياسية وثقافية لن يكتب لها النجاح دون تحقيق المساواة بين الجنسين مع أهمية تمكين المرأة في كافة المجالات. ففي مصر كان ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في الاستحقاقات البرلمانية والانتخابات الرئاسية ثمرة لحملات التوعية المجتمعية وتعريف المرأة بأهمية دورها كعنصر فاعل في عملية التحول الديمقراطي.
وأضاف "واتصالا بذلك، فإن مصر ملتزمة باستكمال الخطوات الهامة التي تم إنجازها في السنوات الأخيرة، خاصة فيما يخص المشاركة الاقتصادية والسياسية للمرأة، فضلا عن مكافحة الإتجار في النساء والعنف التي تحتل أولوية متقدمة على أجندتنا الوطنية".
وتابع "أن موضوع التنمية الاقتصادية يحتل أولوية متقدمة لنا خاصة في ظل التحديات الاقتصادية ونحن مستمرون في حث شركائنا أعضاء مجموعة الثمانية الصناعية الكبرى في هذا المحفل الهام وخارجه على الوفاء بالتزاماتهم في زيادة حجم المساعدات غير المشروطة وتوفير الموارد اللازمة لدعم التنمية من أجل تعزيز الحوكمة وتحسين الأداء التنموي".
وشدد محمد كامل عمرو وزير الخارجية على أن مصر تولي أهمية كبيرة لدور منظمات المجتمع المدني في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان. وتدعم مصر استمرار الحوار غير الرسمي مع تلك المنظمات تحت مظلة مبادرة الشرق الأوسط الموسع. فقد كان للمجتمع المدني دور حاسم في الثورة المصرية، ولايزال شريكا رئيسيا في عملية التحول الديمقراطي الذي تشهده مصر.
وقال "إن مصر ترى أن المنتدى يمكن أن يصبح أكثر تأثيرا في دعم الدول التي تمر بمرحلة التحول الديمقراطي، وذلك على أساس الشراكة الحقيقية والاحترام الكامل لإرادة شعوب المنطقة والملكية الوطنية لاسيما وأن الحكومات المنتخبة ديمقراطيا أصبحت، أكثر من أي وقت مضى، خاضعة للمساءلة أمام شعوبها. فالرأي العام، الذي أصبح جزءا لا يتجزأ من نسيج مجتمعاتنا، صار أكثر حيوية وله دور رئيسي في تشكيل وتوجيه السياسات العامة".
وأعرب الوزير في نهاية كلمته عن سعادة مصر بتولي رئاسة المنتدى العام المقبل مع أصدقائنا في المملكة المتحدة لمواصلة دفع عجلة التنمية الاقتصادية الديمقراطية في منطقتنا بالتعاون مع دول مجموعة الثمانية. ونعتزم خلال رئاستنا القادمة للمنتدى جنبا إلى جنب مع المملكة المتحدة، وبالتعاون مع دول مجموعة الثمانية والشركاء الإقليميين، والمجتمع المدني، التركيز على احتياجات دول المنطقة، لتحقيق التطلعات المشروعة لشعوبنا من أجل التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان والازدهار والتقدم.