يذهب كثيرون إلى الدكتور محمد مرسى ويتحاورون معه ويقولون له كثيرا ويرد بقليل، لكنهم يخرجون متصورين أنهم حاوروه أو أقنعوه. هؤلاء لا يعرفون شيئا عن الجماعة.
لا تتوقع أن تدير حوارا مع أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين فيقتنع حتى لو كان فى داخله قبول ما أو تصديق لما تقول، فعضو الجماعة لا يفكر لنفسه وبنفسه بل يفكر كجماعته ولجماعته.
لا حوار مع دكتور مُربٍّ، بل حوار مع عضو جماعة يُقسِم منذ جاء إلى قصره بالكلمة والقرار والقانون والخطب والانفعال أنه لا يزال عضوا بالجماعة.
يقول الإمام حسن البنا فى مذكراته على لسان محمد سعيد العرفى (مناضل سورى)، حيث ينصح الإمامُ: «اسمع، لا تتحرج من أن تضم للدعوة المقصرين فى الطاعات، المقبلين على بعض المعاصى الخسيسة، ما دمت تعرف منهم خوف الله، واحترام النظام، وحسن الطاعة، فإن هؤلاء سيتوبون من قريب، وإنما الدعوة مستشفى فيه الطبيب للدواء، وفيه المريض للاستشفاء، فلا تغلق الباب فى وجه هؤلاء، بل إن استطعت أن تجذبهم بكل الوسائل فافعل، لأن هذه هى مهمة الدعوة الأولى، ولكن احذر من صنفين حذرا شديدا ولا تلحقهما بصفوف الدعوة أبدا، الملحد الذى لا عقيدة له وإن تظاهر بالصلاح، فإنه لا أمل فى إصلاحه، والصالح الذى لا يحترم النظام ولا يقدر معنى الطاعة، فإن هذا ينفع منفردا وينتج فى العمل وحده، ولكنه يفسد نفوس الجماعة، يغريها بصلاحه ويفرقها بخلافه».
ولم تكن هذه مجرد نصائح كما يحللها سامح عيد، وهو عضو شاب سابق فى «الإخوان»، فى كتابه «الإخوان المسلمون الحاضر والمستقبل»، بل يبدو الإمام على قناعة تامة، حيث يقول فى رسائله معرِّفًا الطاعة ومرفِقًا لها بأركان البيعة: «الطاعة هى امتثال الأمر وإنفاذه توًّا فى العسر واليسر والمنشط والمكره»، ويستطرد شارحا مرحلة التكوين بأنه فى هذه المرحلة نظام الدعوة صوفىٌّ بحت من الناحية الروحية، وعسكرىٌّ بحت من الناحية العملية، وشعار هاتين الناحيتين دائما «أمر وطاعة» من غير تردد، ولا مراجعة ولا شك ولا حرج.
ونقلا عن سامح عيد، فقد اختار الإمام بالإسماعيلية شخصا ورأى آخرُ أنه أحق، وجمع المعارض بعض أنصاره، فيعلق البنا واصفا كلامهم: «قول معسول ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قِبله العذاب، وإن لإبليس لَأصدقاء ومعاونين لعلهم أنفذ منه قولا».. ويستطرد الإمام: «وزين له الشيطان أن فى ذلك مصلحة الدعوة وأنه يتشدد إلا لنفسه، ولكن للمصلحة العامة، وهذا هو المنفذ الذى ينفذ منه الشيطان دائما إلى نفوس المؤمنين ليفسد عليهم صدق إيمانهم وطُهر قلوبهم»، «والإخوان رأْىُ أحدهم هو رأى جميعهم».. ويستطرد: «وكان الإسلام حكيما فى وصيته بأخذ مثل هؤلاء الخوارج على رأى الجماعة بمنتهى الحزم»، «من أتاكم وأمركم جميعا يريد أن يشق عصاكم فاضربوه بالسيف كائنا من كان»، ولكننا تأثرنا إلى حد كبير بالنظم المائعة التى يسترونها بألفاظ الديمقراطية والحرية الشخصية.. (الكلام للإمام البنا).
ويقول المرشد الراحل مصطفى مشهور: «على الفرد فى الجماعة أن يلزم نفسه بامتثال الأمر الصادر من قائده وإنفاذه فى العسر واليسر والمنشط والمكره فى غير معصية، إذ لا تعتبر جماعة تحقق أهدافا وتنجز أعمالا إلا إذا كان أفرادها يسمعون ويطيعون لقيادتهم تعبُّدا وطاعة لله، فإن طاعة الأمير من طاعة الله، والامتناع عن تنفيذ الأوامر أو مجرد التردد فيها يعرّض العمل إلى المخاطر ويعتبر نكثا فى البيعة، ويلزم هنا كمال الطاعة والنزول على رأى القيادة».
بالمناسبة الدكتور محمد مرسى مقتنع تماما ومخلص تماما ومنفذ تماما لهذه الأوامر والتعليمات التى تسود جماعته.