قال عدد من صناع القرار في مصر المقربين من الرئاسة المصرية إن قرار الحكومة، أمس الأحد، بزيادة الضرائب علي بعض المنتجات ثم خروج الرئيس محمد مرسي بعد 3 ساعات من إعلان القرار ليعلن وقف العمل به، يعكس "خطأً استراتيجيًّا تم تداركه سريعًا". وقال سامح العيسوي، المستشار الإعلامي لحزب الحرية والعدالة الذي كان يرأسه مرسي قبل انتخابه رئيسًا لمصر، إن"قرار الحكومة خطأ استراتيجي تم تداركه سريعًا من قبل الرئيس".
وكشف العيسوي ملابسات القرار، موضحًا أن الرئيس ناقش الموازنة الجديدة للعام المالي 2013-2014 مع الحكومة منذ 3 شهور، وآليات توفير الموارد اللازمة لها، وكان من ضمن الأطروحات زيادة الضرائب علي بعض المنتجات، إلا أن هذا الطرح كان من البدائل الأسوأ الأخيرة المطروحة لتدبير موارد الموازنة الجديدة وليس لإدخالها على الموازنة الحالية.
"وشدد على أنه كان من المقرر تطبيق هذه الزيادة في الأول من يوليو 2013 إلا أن الحكومة تعجلت في اتخاذ قرار الزيادة".
وأضاف العيسوي، أحد أعضاء الفريق الرئاسي الذي شكله حزب "الحرية والعدالة" لمعاونة مرسي، أن "الرئاسة قدمت مجموعة من البدائل للحكومة تتمثل في وقف سرقة الدعم وترشيده مما سيوفر لميزانية الدولة ما يقرب من 50 مليار جنيه (8 ونصف مليار دولار)، كما أن الموازنة الجديدة ستأتي بعد الاستفتاء علي الدستور والانتخابات البرلمانية في حال موافقة الشعب علي الدستور مما سيفتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية وهو ما يغني عن فرض ضرائب".
واعتبر العيسوي أن قرار الحكومة كان محاولة "لإحراج الرئيس" إلا أن مؤسسة الرئاسة تدراكت الأمر سريعًا.
من جانبه، أقرّ السفير رفاعة الطهطاوي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، بأن قرار زيادات الضريبة على بعض السلع "خطأ استدركه رئيس الجمهورية سريعًا"، مؤكدًا أنه كان ينبغي "إجراء حوار مجتمعي قبل صدور القرار".
وقال الطهطاوي في تصريحات صحفية تليفزيونية: "جاء قرار الرئيس بعد توصية من مجلس الوزراء كإحدى وسائل تقليل العجز الذي وصل ل 200 مليار جنيه"، موضحًا: وافق الرئيس في البداية على القرار ثقة منه في التقدير الاقتصادي والسياسي في الحكومة، لكن وبعد أن عاد الرئيس لبيته استشعر انزعاج الناس ومخاوفهم من ارتفاع الأسعار".
وأضاف: "بحس مرسي السياسي ومسؤوليته الاقتصادية والوطنية، وأن الأمور مرهونة بإرادة شعبية، تحدث معي في الحادية عشرة من مساء أمس وقرر إيقاف العمل".
وقال الطهطاوي: "الخطأ في أنه كان ينبغي أن يطرح الأمر لنقاش مجتمعي، والناس تفكّر في الأمر وتدرس الأمر، قبل صدور القرار؛ لذا فما حدث خطأ استدركه الرئيس لأنه حريص على تخفيف معاناة الجماهير.. فأسوأ شيء أن تتخذ موقفًا وتصر عليه".
وأمر مرسى بوقف القرار الجمهوري بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على المبيعات، الذى تضمن زيادات ضرائب نحو 50 سلعة منها حديد التسليح والإسمنت والأسمدة وزيوت الطعام والاتصالات.
وأكد رئيس ديوان رئيس الجمهورية على أنه وبعد إقرار الدستور بفترة قليلة فإن المواطنين سيشهدون تحسنًا حقيقيًّا في مستوى الخدمات، وسترتفع البورصة ارتفاعًا حادًا وتبدأ عجلة الإنتاج بشكل حقيقي"، على حد قوله.
من جهته، رأى عادل سليمان، الخبير العسكري والاستراتيجي ومدير مركز الدراسات المستقبلية بالقاهرة المقرب من جهات سيادية، "أن قرار الرئيس محمد مرسي بإلغاء قرار الحكومة بفرض ضرائب جديدة علي بعض المنتجات اتخذ بشكل شخصي من الرئيس لمنع مزيد من التظاهرات وتهيئة الأجواء للاستفتاء المنتظر علي الدستور الجديد يوم السبت المقبل".
وأضاف سليمان أن "الرئيس وجد أن مثل هذا القرار يخالف الدستور الجديد الذي ينص على عدم إقرار ضرائب أو زيادة في الأسعار إلا بموافقة البرلمان".
وتابع سليمان أن "ما يحدث يؤكد أن حكومة قنديل تعمل بشكل بيروقراطي لا علاقة له بما يحمله المشهد السياسي من حالة الاحتقان والاستقطاب".