لا أعرف من الذى بدأ استخدام مصطلح الخرفان على فيس بوك، لكنه توصيف عميق لوصف حالة جماعة من الناس يسوقوهم أصحابهم مثل قطيع الخراف.. لا يتفكرون.. ولا يتدبرون.. وفى الغالب لا يعقلون.. لأن السمع والطاعة عندهم مقدم على العلم والفكر والتحليل والمنطق، وغيرها من العلوم التى قد يراها أهل الجماعة كفرا .. والعياذ بالله. حينما أنزل الله تعالى قرأنه الكريم على نبيه محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، قال له: إقرأ، وفى الكثير من التنزيل الحكيم نصوص صريحة من المولى عز وجل لعباده تدعوهم للتفكير والتدبر، مثل تتفكرون وتتدبرون.
وميز الخالق سبحانه وتعالي البشر عن غيرهم من الحيوانات بالعقل، ووظيفة هذا العقل التفكير، التفكير فى خلق السموات والأرض، بما يعنى التفكير فى حركة الكون، لذلك هناك علوم الفلك، وتحدث سبحانه وتعالى عن الجبال والبحار والأنهار، فاجتهد الإنسان وأخرج علوم الجغرافيا والجيولوجيا وغيرها، وفى النهاية سيحاسب الله كل ذى عقل على ما استخدم عقله فيه، هل استخدمه فى خدمة البشرية، التى يسميها الإسلاميون عمارة الأرض، أم ترك عقله لغيره، يفعل به ما يشاء، وحرم نفسه من أهم نعم الله على الإنسان وهى العقل.
نحن نفكر الآن فى مستقبل وطننا، نحلم بالعدالة الاجتماعية، والإسلام دين العدالة حين جعل الذكاة ركن من أركان الإسلام، ونحلم بالحرية، والإسلام دين العقل والتفكير والاجتهاد والإبداع، وهو الذى حرم العبودية، ونحلم بالكرامة الإنسانية، وهو القائل عز قوله، وكرمنا الإنسان.
لذلك لا نريد لبلدنا وشعبنا وأنفسنا وأبنائنا أن يكونوا عبيدا لأحد، لا رئيس ولا مرشد ولا شيخ ولا داعية، ولا رئيس حزب أو جماعة، لن نفعل أي شيئ فى هذه الحياة دون تفكير ومناقشة واقتناع، شعارنا وجادلهم بالتى هى أحسن، ونعرض عن الجاهلين، ونتعامل مع غيرنا أسوة بما قاله عز وجل وادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، فما بالنا ونحن جميعا نختلف على أمور دنيوية، وليس على الدعوة إلى الله.
نحن أحرار.. مؤمنون بالله، وبنعمه علينا، وأهمها نعمة العقل، ولن نترك عقولنا لغيرنا، ولن يسوقنا أحد كالنعاج، وهذا هو الفارق بيننا وبين الخرفان.. نحن نفعل ما نؤمن به بعد اقتناع، وهم لا يفكرون ولايتدبرون، وإنما يسوقهم راعيهم بالعصا.. وبعض الكلاب التى تنبح وسط وحول القافلة، وما أكثر النابحين فى هذا الوطن.