" لا .. للدستور " .. هكذا اشتعل الغضب بين اوساط المعلمين بسبب مواد الدستور الجديد ، حيث اكدت الحركات المستقلة للمعلمين على رفضها التام لمواد الدستور الجديد المتعلقة بالتعليم ،والتى اعتبرته امتدادا لدستور 1971 ، لما يبقى فيه على كل سياسات التعليم فى عهد النظام السابق الذى همشت التعليم الحكومى وعززت التمييز الاجتماعى بين المواطنين ، وحولت التعليم لوسيلة لتوريث الفقر فى مصر ، مؤكدين على ان الدستور الجديد بوضعه الحالى يفتقد للحد الإدنى من طموح الشعب المصرى فى توفير تعليم أفضل ، ودعت الحركات المعلمين بالتصويت ب"لا " للدستور الجديد. عبد الناصر اسماعيل " منسق اتحاد المعلمين المصريين بالجيزة " قال ان الدستور الجديد لا يعبر عن ثورة ضحى فيها الشعب المصرى بزهرة شبابه من أجل نجاحها، بل هو دستور يعيد أنتاج كل مفردات التعليم الرديئة فى مفردات جديدة ، موضحا ان الدستور الجديد بوضعه الحالى يحول التعليم لوسيلة تزيد من إفقار الفقراء حتى اصبح التعليم وسيلة لتوريث الفقر فى مصر ،لانه يفتقد للحد الإدنى من طموح الشعب فى توفير تعليم افضل ،وبالتالى فمن يملك يتعلم ومن لا يملك مكانه محجوز بين جيش البطالة أو عامل بأجر زهيد .
" اسماعيل " وصف مواد الدستور الجديد المصاغة حاليا ب" الهزيلة " التى لا تحل مشاكل التعليم ، كما وصف مواده بالشو الاعلامى اكثر منها حقيقة ،مشيرا الى ان الدستور الجديد يخلو من مواد تتعلق بأهداف التعليم فى مصر المتمثلة فى العدالة وتكافؤ الفرص سواء فى التعليم قبل الجامعى او قبل الجامعى دون تمييز على المستوى لااجتماعى والدينى، استقلالية سياسات التعليم بحيث تكون سياسات وطنية مستقلة بعيدة عن الالوان الحزبية ، والمشاركة المجتمعية بحيث يمنح الحق للمواطنيين فى مراقبة المنشأة التعليمية من حيث جودة التعليم المقدمة داخل المنشأة التعليمية ، مما يخلق حالة من الضبابية حيال الهدف من التعليم ويفتح الباب على مصراعية لتلوين التعليم بألوان حزبية أودينية أو ثقافية ، مؤكدا على رفض الاتحاد للدستور الحالى ، محذرا من اقراره بهذا الشكل الهزيل الذى يؤدى لابقاء سياسات النظام السابق ، بل وتحسين كفاءتها وكأن ثورة لم تقم .
منسق اتحاد المعلمين طالب بمراجعة البنود المتعلقه بالتعليم فى الدستور الجديد ، بحيث يتم اعطاء مساحة اكبر للتعليم فى مصر النص على أن التعليم اولوية مجتمعية تستحق دعم جميع المواطنين، وتعمل الدولة على الوصول بميزانية التعليم إلى
40% من الموازنة العامة للدولة خلال اربع سنوات ،مع التأكيد على ضرورة وجود بنود تتعلق باستقلالية سياسات التعليم ،النص على أن التعليم حق وليس سلعة وتعمل الدولة على وصول التعليم واتاحته للجميع .
من جانبه ايمن البيلى " وكيل لانقابة المستقلة للمعلمين " اكد انه سيتم التصويت على الدستور ب"لا "، مشيرا الى انه دستور منقوص ومعيب خاصة فيما يتعلق بالمواد الخاصة بالتعليم والحريات النقابية وانشاء النقابات والاتحادات ،قائلا "انه دستور لايعبر عن مطالب الثورة "،موضحا ان الدستور يخلو تماما من إلزام الدولة او الحكومة بزيادة الميزانية المخصصة للتعليم بشكل مطرد سنويا بما يكفل تعليما حقيقيا ، لافتا الى ان كل ماورد مجرد عبارة انشائية غير محددة وغير صريحة تلزم الدولة صراحة وبوضوح بتخصيص نسبة محددة من موازنة الدولة للانفاق على التعليم ،مما يؤكد ان واضعى هذا المادة يعبرون عن توجهاتهم الاقتصادية والتى تدفع نحو خصخصة التعليم ورفع يد الدولة تدريجيا عن تقديم هذه الخدمة لابناء الوطن والتخلى عن مسئولية وكفالة احد اهم حقوق المواطنة وهو الحق فى التعليم ،لافتا الى ان هذا الدستور يعبر عن الاغلبية القائمة على صياغته لانه يخضع لافكارها ومرجعيتها الفكرية وتوجهاتها الاقتصادية بصرف النظر عن الحقوق الاساسية التى يجب ان يكفلها الدستور فى اى مجتمع.
اما احمد الاشقر " نقيب معلمو 6 اكتوبر والشيخ زايد ومنسق الجبهة الحرة لنقابة المهن التعليمية ورئيس برلمان المعلمين " قال ان الجبهة سترفض ما يتعلق ببنود التعليم فى الدستور الجديد ، واصفا إياها بالهزلية والكلام الهولامى غير المحدد ، مشيرا الى ان الدستور الحالى تجاهل تماما مقترحات المعلمين فى الدستور الجديد والمتمثلة فى إلتزام الدولة بحماية حرمة دور العلم والعاملين بالمؤسسات التعليم قبل الجامعى اسوة بالجامعات ، زيادة ميزانية التعليم بنسبة 25% من الموازنة العامة للدولة ، انشاء هيئة عامة لتنظيم العمل فى مؤسسات التعليم قبل الجامعى سواء كان خاص او حكومى ، واخيرا النص على الحفاظ على كرامة المعلم ادبيا وماديا ليكن أجر المعلم اعلى اجر فى الدولة مثل اى دولة اخرى فى العالم ، موضحا ان الدستور الحالى يكشف ان الدولة لا تولى اى اهتمام بالتعليم فى مصر .
وعن موافقة اللجنة التأسيسية على المادة (58) من فصل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتى تنص على " أن لكل مواطن الحق فى التعليم عالى الجودة، وهو مجانى بمراحله المختلفة فى كل مؤسسات الدولة التعليمية، وإلزامى فى مرحلة التعليم الأساسى، وتتخذ الدولة كافة التدابير لمد الإلزام إلى مراحل أخرى " .. قال صلاح نافع "المتحدث باسم ائتلاف شباب المعلمين " ان الائتلاف اعلن رفضه للمسودة النهائية للدستور لعدم وضوح الموارد الخاصة للتعليم و لا نسبة التعليم من الاجمالى للناتج القومى ولعدم وضع بنود خاصة للمعلمين تكفل حرياتهم وكراماتهم ، وحقوقهم المادية والاجتماعية والمعنوية ، وعدم جعل التعليم مشروع قومى للمجتمع ، ولعدم الاهتمام بالتعليم والمعلمين ، مما يعنى تدهور التعليم فى مصر من السيئ الى الاسوأ.
" نافع " استنكر رفض أعضاء التأسيسية إضافة أي نصوص تتحدث عن ميزانية التعليم و الاصرار على تمرير المادة بشكلها الحالي ، قائلا أن هذا أثبت أن الدكتور أحمد الحلوانى نقيب المعلمين لم يكن ممثل المعلمين فى لجنة الدستور ، وذلك حسب كلام الدكتور الغريانى الذي قال له على الهواء انه لم يدافع عن مواد التعليم فى النقاش داخل اللجنة و لذا لا يحق له الاعتراض الان .