من حق الرئيس المنتخب، وفقًا لقواعد الديمقراطية، السيادة على السلطة التنفيذية وتوابعها، لكن ليس من حق الرئيس المنتخب السيادة على السلطات الأخرى، سواء تشريعية أو قضائية. وإن كان مرسى فى يده السلطات التشريعية الآن، نظرًا إلى الظروف التى مرّت بها البلاد، وانتخاب مجلس تشريعى وفقًا لقانون غير دستورى جرى حلّه دستوريًّا، لكن مرسى انحرف بالتشريع لإصدار قرارات بقوانين سيئة السمعة، ومن أجل مصلحة أفراد وجماعة لا من أجل الوطن، وكله تحت السيادة أو «سيادية مرسى»، وفقًا لتفسيره الخاص ومستشاريه السوء فى إصداره الإعلان الدستورى المستبد. إنه الجهل والغباء الذى جعله -أو أفهمه- أن تحصين قراراته الخاصة والمتعلقة بالتدخل فى أعمال القضاء، بل ومصادرة القضاء، من أعمال السيادة.
.. أى نعم، كما قلنا من حق الرئيس إصدار قرارات تنفيذية تتعلق بالسيادة والأمن القومى -وهى من صميم اختصاصاته باعتباره رئيس أعلى سلطة تنفيذية- كاختيار أشخاص فى مناصب رئىس الوزراء أو الوزراء أو المحافظين أو رؤساء المؤسسات التابعة.
ولعل هناك قضايا كثيرة أُقيمت ضد تلك القرارات السيادية أمام القضاء الإدارى إلا إنها فى الغالب كانت تُرفض باعتبارها قرارات خاصة بالسيادة.
فالسادة القضاة يعلمون جيدًا ما هو سيادى وما هو غير سيادى.
لكن مرسى يريدها سيادية فى كل شىء، ويتدخل فى أعمال القضاة والسلطة القضائية، ويحصّن قراراته كلها السابقة واللاحقة من أى أحكام قضائية ونقضها لقراراته أو إلغائها.. فسياديته فوق الجميع.
وهو أمر خارج سياديته، لكنه يريد السطو على القضاء كما سطا هو وجماعته على الثورة واعتبر نفسه هو الثورة وصاحبها وحاميها.
فالثورة ليست من سياديته، فهى ملك الشعب الذى قام بها، والسيادية هنا لكل السلطات.. كلٌّ فى سلطته.
تلك كانت أهداف الثورة..
رئيس منتخب بنزاهة لسيادية السلطة التنفيذية.
برلمان منتخب لسيادية السلطة التشريعية.
وقضاء مستقل لسيادية السلطة القضائية.
لكن مرسى يريد سياديته.. وسيادية جماعته على كل تلك السلطات.
وليقل لى أحد ما علاقة سيادية مرسى بالجمعية التأسيسية، فلم يكن له علاقة بها على الإطلاق -اللهم إلا سيطرة جماعته عليها- وتم اختيارها، ولم يكن موجودًا فى السلطة، وإن حاول تحصينها بقرار بقانون صدر فى غفلة وفى وقت ريبة.. وهو مطعون فيه.
ومع هذا صرّح عدة مرات بأنه لن يتدخل فى «التأسيسية».. ولكنه كان يكذب على الشعب، فلم يتدخل فقط، وإنما أصدر تحصينًا وحماية عليها من الطعن ضدها وحلّها لقيامها على خطأ.
فهل هذا الرئيس المنتخب يحصّن جمعية تأسيسية «مشكوكًا فيها»، لوضع دستور يخص مستقبل البلد؟
وهل هذا رئيس يعمل لصالح الوطن أم لصالح جماعته؟
أيضًا ما علاقة سيادية مرسى بمجلس الشورى؟ فقد تم انتخاب هذا المجلس ولم يكن مرسى قد وصل إلى السلطة، ولم يكن يفكّر أصلًا فى أن يرشّح نفسه، وجاء المجلس ب7٪، وليس له أى اختصاصات، اللهم إلا إهدار المال العام فى المكافآت والمزايا والحراسات، بالإضافة إلى رئاسة صهر الرئيس للمجلس.
فهل هذا رئيس منتخب؟! وهل هذا رئيس يعمل لصالح الوطن.. أم لصالح جماعته؟
لقد تعدّى مرسى على القضاء وانحرف بالتشريع، فأصبح فاقد الشرعية.
ورغم ذلك ووضوحه يظل الموقف غريبًا من قيام المجلس الأعلى للقضاء بكامل هيئته بالذهاب إليه فى قصر الاتحادية.. وخروج بيان هزيل من الرئاسة فيه إصرار على تعدى مرسى على القضاء وانحرافه بالتشريع.. وتسويق سيادية مرسى.
.. ما رأى السادة مستشارى الرئيس الذين ما زالوا يتمسّكون «بالصفة» فقط.. بعد أن افتضح أمرهم ولا يستشيرهم مرسى ولا يحزنون؟!