يمكن القول أن غالبية أطراف المعارضة المصرية تركز علي ضرورة تعديل الدستور استعدادا للانتخابات الرئاسية القادمة وقد اكتسبت هذه الدعوة زخما مع إعلان دكتور البرادعي عن تكوين الجمعية الوطنية للتغيير وتركيزها علي المطالبة بتعديلات علي الدستور الحالي في المواد الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية، ثم جاءت تصريحات الرئيس مبارك في ألمانيا بأنه يمكن للبرادعي الترشح للانتخابات وفقا للدستور ليؤكد ما كان الكثيرون متأكدين منه من استحالة أن يُقدم النظام علي أي تعديلات دستورية ، وللتذكرة فلقد انشغلت الصحف منذ فترة بنفس الموضوع عندما اقترح الأستاذ هيكل إنشاء مجلس أمناء للدولة والدستور ، ولا شك أن الكل يدرك أن تنفيذ هذا المقترح مرتهن بإرادة الرئيس وهو ما لن يفعله وذلك لأن النظام الحاكم يعتقد أنه قد أعطي للشعب كل ما يريد أن يعطيه من خلال تعديلات 2007، كما أن الدستور الحالي يلائم الوضع القائم بل هو ما سعي إليه لترتيب عملية انتقال السلطة وبالتالي فمن غير المنطقي أن يقبل بتغيير ما عمل له. بل يمكنني القول إن ما يحدث هو عين ما يريده الحكم، حيث ينشغل الجميع في مناظرات وترشيح أسماء ومطالبات بتغيير أو تعديل الدستور ويمضي الوقت دون أن يتغير شيء لنجد أن 2011 قد جاء وأن الدستور الحالي يضع آلية محددة لانتخاب الرئيس وبالتالي لا يكون أمام الجميع إلا اتباعها ونتيجتها معروفة سلفا. ومن المؤكد أن الجميع يعرف أن 2010 به انتخابات مجلس الشعب وأن الأمور إذا سارت علي ما هي عليه ستشهد هذه الانتخابات توسعا في التزوير بحيث يأتي مجلس نيابي لا صوت فيه يعلو علي صوت الحكومة وبالتالي تتوالي القوانين علي هوي الحكومة وبغض النظر عن المعارضة التي لن يكون لها صوت إلا في الفضائيات ، كما سيتم ترتيب ما يريدون لانتخابات الرئاسة تحت لافتات أفضل انتخابات وقمة الديمقراطية والشعب يقول كلمته وكل ذلك نعرف جميعا أنها تمثيلية. لذلك فإنني أقترح علي المهتمين بالشأن العام والخائفين من الفوضي والذين يخشون من المزيد من تدهور الأوضاع في مصر، أن يكون الاهتمام منصبا في الفترة الحالية علي كيفية ضمان انتخابات سليمة في 2010 والمطالبة بإجراءات تضمن عدم تزوير الانتخابات وهو ما لا يمكن أن يرفضه النظام الحاكم ولكي يتحول ذلك من الأقوال والشعارات إلي حقيقة لابد وأن تجتمع القوي الشعبية لتحديد كيف يتم ضمان عدم التلاعب في الانتخابات أو الإقصاء للناخبين وتقدم هذه المطالب والإجراءات المطلوب اتخاذها للرئيس باعتباره السلطة العليا في الدولة ومطالبته بضمان نزاهة الانتخابات وفق إجراءات محددة متعارف عليها في الدول الديمقراطية، وبالطبع فلكي تكون هناك انتخابات حرة لابد من حرية الاجتماعات للأحزاب والجماعات. أما لماذا هذا الاقتراح فلأن الفئات التي تتحرك علي الساحة العامة بينها من الاختلافات في الرؤي الكثير مما يصعب معه الاتفاق علي كيف يكون المستقبل ولأن هذه الفئات مضيق عليها في التواصل مع المواطنين فلا نعرف مدي تقبلا لشعب لأفكارها، وبالتالي بدلا من ضياع الوقت في الاختلاف «وهو ما يريده النظام الحاكم» وبدلا من محاولة إنشاء كيانات وتجمعات وجبهات ولكن ما أن يعلن عنها حتي تختفي ، لماذا لا يجتمع الجميع علي كيفية تحقيق انتخابات بلا تزوير مع العمل علي تعريف المواطنين بأهمية المشاركة في الانتخابات والدفاع عن حقهم في الاختيار. فإذا تحقق ذلك وجاء برلمان قوي يعبر عن الشعب يمكن للأغلبية أن تتقدم لتغيير أو تعديل الدستور وفقا لما جاء بالدستور والذي يعطي الحق في التعديل لمجلس الشعب أو رئيس الجمهورية وبالتالي نفتح الطريق أمام انتخابات رئاسية سليمة.