بعد كثير من الجدل حول التوافق والاختلاف داخل اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، ظهرت أولى بوادر الصراع بين التيار الإسلامى والمدنى داخل اللجنة، إذ حسم التيار الإسلامى، فى الجلسة العامة التى عقدت، مساء أول من أمس، الخلاف داخل اللجنة حول تشكيل لجنة الصياغة المصغرة بأغلبية مطلقة فى مواجهة التيار المدنى. المستشار حسام الغريانى، رئيس اللجنة، كان قد اقترح فى جلسة الأسبوع الماضى، تشكيل لجنة صياغة مصغرة لمراجعة مسودة الدستور، بعد الانتقادات التى وجهت إلى المسودة الحالية، بأنها تعانى ركاكة فى الصياغة وضعفًا فى اللغة، طارحا تشكيل اللجنة بغالبية من داخل «التأسيسية»، بناء على اقتراح من هيئة مكتبها، على أن يكون تشكيلها من 6 أعضاء، وهم الدكتور حسين حامد حسان، أستاذ القانون الدستورى، من خارج التأسيسية، ومن داخل اللجنة، والدكتور عاطف البنا، والمستشار منصف سليمان، والدكتور حسن الشافعى، الدكتور محمد محسوب، والمستشار الغريانى ذاته.
الغريانى سرد أسباب اختيار أعضاء اللجنة، مشيرا إلى أن الدكتور حسين حامد حسان، واحد من أبرز أساتذة القانون الدستورى، والدكتور عاطف البنا، أستاذ قانون عام ويعد أكبر أعضاء اللجنة تخصصا فى القانون، والمستشار منصف سليمان، عمل مستشارا بمجلس الدولة وهم أكثر أعضاء الأسرة القضائية علما بنصوص القانون، والدكتور حسن الشافعى لتبحره فى اللغة العربية، والدكتور محمد محسوب لأنه أكثر أعضاء لجنة الصياغة دراية بكل البدائل التى كانت مطروحة فى صياغة المواد.
لكن طرح الغريانى قد واجه اعتراضات واسعة، خصوصا من عمرو موسى، رئيس حزب المؤتمر، الذى أكد أن اللجنة تمثل تيارا واحدا داخل اللجنة، وطالب بإدخال عدد من أعضاء اللجنة، فى مقدمتهم الدكتور جابر نصار، والدكتور وحيد عبد المجيد.
وفى السجال الذى دار بين الغريانى وموسى، قال الأول إن الدكتور حسين حامد حسان، واحد من أبرز أساتذة القانون الدستورى وقد خطت يده 4 دساتير، فرد موسى: «أعلم أن هناك من كتب دساتير باكستان وأفغانستان وغيرهما»، فى إشارة منه إلى ميول الدكتور حسين حامد الإسلامية، مضيفا «لا بد من ضم أعضاء إلى لجنة الصياغة، كتبوا دساتير من تجارب أخرى لتثرى الدستور المصرى».
وطالب الدكتور أحمد خليفة، عضو اللجنة، بتشكيل اللجنة كلها من خارج التأسيسية، بينما قال الشاعر فاروق جويدة إن مسودة الدستور فى حاجة إلى روح جديدة من خارج «التأسيسية»، ويجب تشكيلها من خارجها، لأن لجنة الصياغة بذلت كل جهدها فى المسودة الحالية واللجنة الجديدة لن تضيف جديدا لها، بينما طرح عددا من الأسماء للانضمام إلى لجنة الصياغة، من بينهم الدكتور ثروت بدوى، والدكتورة عائشة راتب، والدكتور إبراهيم درويش، والدكتور حسام عيسى، والدكتور محمد سليم العوا، والدكتور يحيى الجمل.
وطالب الدكتور جابر نصار بتشكيل اللجنة من خارج «التأسيسية» لتحقيق نوع من التوافق بين جميع المشتغلين بوضع الدستور، وطرح عددًا من الأسماء، منهم الدكتور أحمد كمال أبو المجد، والدكتور يحيى الجمل، والدكتور مصطفى أبو زيد فهمى، والدكتور فتحى فكرى، والدكتور محمد عبد اللطيف، وجميعهم من أساتذة القانون الدستورى، بالإضافة إلى عضوين من أساتذة اللغة العربية ومثلهم من أساتذة التذوق الأدبى.
ورغم ميول غالبية الأعضاء الذين تحدثوا فى الجلسة، وهم من المحسوبين على التيار المدنى، الذين مالوا إلى تشكيل اللجنة من خارج «التأسيسية»، فإن نتيجة التصويت خرجت لصالح التشكيل الذى عرضه المستشار حسام الغريانى بعد تصويت التيار الإسلامى له.
على جانب آخر وردا على تجاهل اللجنة التأسيسية لمطالبهم فى الدستور الجديد، نظم ما يزيد على 200 فرد من مستشارى هيئة قضايا الدولة، وقفة احتجاجية لليوم الثانى على التوالى، أمس، أمام مجلس الشورى.
المستشارون المتظاهرون شددوا على ضرورة تحويل هيئة قضايا الدولة إلى نيابة مدنية، لافتين إلى أنه «من غير اللائق أن يستمر ما يزيد على 2600 مستشار فى الدفاع عن الحكومة أمام جهات التقاضى سواء كانت ظالمة أو مظلومة»، مطالبين لجنة الصياغة التى يدعمها المستشار حسام الغريانى ومن معه، بالتوقف عن الضغط على لجنة نظام الحكم لرفض المقترحات الخاصة بتحويل هيئة قضايا الدولة إلى نيابة مدنية.