وجَّهَت محكمة القضاء الإدارى ضربة قوية إلى رئيس مجلس الشورى الدكتور أحمد فهمى بوقف تنفيذ قراره بإبعاد الزميل جمال عبد الرحيم من رئاسة تحرير «الجمهورية» -لنشره خبرا يتعلق بالمشير طنطاوى والفريق سامى عنان أغضب الرئاسة بعد أن أغضب الجيش- وتعيين السيد البابلى بدلا منه. وشددت المحكمة فى حيثيات حكمها على عدم قانونية قرار رئيس مجلس الشورى واعتبرته تدخلا سافرا فى عمل الصحافة.
وينضم هذا الحكم إلى قائمة الأحكام التى تفضح قرارات جماعة الإخوان بالسيطرة الغاشمة على مقدرات هذا البلد.. والسطو على ثورة الشعب ضاربين عرض الحائط بدولة القانون والعدالة.. فكل ما يهمهم مصالحهم فى التمكين.
إن الحكم هو انتصار للصحافة.
ولعل رئيس مجلس الشورى (مجلس ال7٪) وصهر الرئيس محمد مرسى يتعلم الدرس. لقد سطا الإخوان على صحافة الشعب واعتبروها ملكا لهم وعزبة خاصة يتصرفون فيها كيفما يشاؤون، وانتدبوا أحمد فهمى القادم من صيدلية الزقازيق ليمارس الملكية عليها بمشاركة فتحى شهاب القادم من المنوفية الذى تَخَيَّل أنه صحفى ومثقف لأنه كان يتاجر فى «الكراريس والأقلام».. وجاؤوا بممدوح الولى الذى كان ينفى دائما انتماءه إلى جماعة الإخوان ليتصرفوا فى المؤسسات الصحفية المملوكة للشعب على طريقتهم الخاصة.
وجاؤوا بأعضاء موالسين معهم فى لجنة أطلقوا عليها لجنة «المعايير» لاختيار رؤساء تحرير للصحف بعد أن وضعوا القائمة واستخدموا الأعضاء ككومبارس مقابل مكافآت «هزلية» ووعود بمناصب أو بالكتابة فى تلك الصحف.
ومع هذا لم يتحملوا حالة السيولة الصحفية -كما هى حالة السيولة فى معظم الشؤون الحياتية التى سيطرت على البلاد بعد الثورة.. وليتصرف أحمد فهمى على أنه صاحب العزبة يأتى بمن يشاء ويعزل من يشاء، إلى أن جاء حكم محكمة القضاء الإدارى ليفضحه ومن معه.. ولعله يتعلم.. وتتعلم جماعته.
ويجرى ذلك بالتوازى مع موقف الجماعة وحلفائها والمتعاونين معها المعادى من الحريات العامة وحرية الرأى والتعبير والصحافة فى كتابة الدستور.
لقد طالبت الثورة باستقلال الصحافة وإبعادها عن سلطة الحكومة.
وطالب الصحفيون باستقلالية الصحف المملوكة للشعب والتى كان يسيطر عليها الحكومة والحزب الوطنى ومباحث أمن الدولة قبل الثورة.
وطالب الصحفيون بإلغاء المجلس الأعلى للصحافة الذى تسيطر به السلطة على الصحف.. لكن لم يحدث أى شىء.
واستمر الوضع على ما كان قائما قبل الثورة، وتم استنساخ صفوت الشريف من جديد ممثَّلًا فى أحمد فهمى، وزاد عليه أنه صهر الرئيس ويسكن فى نفس العمارة التى كان يقيم فيها الرئيس فى الزقازيق.. فضلا عن أنه عديم الخبرة سواء فى السياسة أو الصحافة والإعلام اللهم إلا أنه كان مرشحا للإخوان فى انتخابات مجلس الشعب المزورة عام 2010 التى أصر الإخوان على خوضها مع وفد السيد البدوى لمؤازرة الحزب الوطنى الفاسد ضد مقاطعة جميع القوى الوطنية لهذه الانتخابات لفضح الحزب الوطنى ورجاله وفضح مبارك وابنه الذى كان يسعى لوراثة الحكم ولإسقاط شرعية نظام مبارك لكنهم عملوا على مساندة تلك الشرعية (يمكن مراجعة تصريحات المرشد محمد بديع وقيادات الإخوان فى ذلك الوقت وهى كلها كانت مع نظام مبارك).. رغم أنهم تنصلوا -كعادتهم- بعد ذلك فى الجولة الثانية لتلك الانتخابات.
ولا استقلت الصحافة ولا ألغى المجلس الأعلى للصحافة، بل يصرون على بقاء مجلس الشورى فى الدستور الجديد استمرارا لملكية العزبة التى يتصرفون فيها ويمنحون المناصب على الحبايب والأصهار والموالسين الجدد.
واستخدموا فى مخططهم نقيب الصحفيين فى مقابل حصوله على رئاسة مجلس إدارة الأهرام ومكافآتها بمئات الآلاف من الجنيهات.. والنتيجة أنهم يريدون صحافة على مقاسهم.. ودستورا يقيِّد حرية الصحافة!
الكتاتنى فى ألمانيا.. لعله يتعلم من الألمان أن تقدُّمهم قام على الحرية والشفافية.