إذا حصل السكري على البراءة أو كان بريئا كما ادعى فهذا سؤال يحتاج لإجابة سوزان تميم أجل.. ولم لا؟! هذه علي أي حال فرضية تدعمها القاعدة القانونية ذائعة الصيت: «المتهم بريء حتي تثبت إدانته» وتمنح السؤال حتي لو كان نشازاً مشروعية إضافية في اللهاث بدأب في مطاردة الأجوبة. هذا لا يعني أبداً أن هشام طلعت مصطفي إذا حصل علي البراءة أو كان بريئاً في الأصل سيطل علي الحياة من جديد كسابق عهده «مرهوب الجانب» أو علي الأقل مغسول السمعة ب «ماء الورد». الرجل سيبقي شاء أم أبي حاضراً في قلب الدائرة مرهوناً بتماس مباشر حد الالتصاق بالقاتل المحتمل.. الرابطة هناك.. بعيداً أو قريباً.. لنعود مرة أخري للسؤال الذي يثيره قبول محكمة النقض طعن القطب السياسي البارز لتعاد محاكمته من جديد.. إمكانية حصوله علي البراءة واردة.. «ماذا لو حصل هشام طلعت علي البراءة أو كان بريئاً في الأصل.. فمن فعلها؟ من قتل.. المغدورة.. سوزان تميم؟! لم يكف هشام طلعت ولا دفاعه أو أسرته منذ أعلن عن تورطه في القضية عن ترديد عبارات من قبل «بريء - دي مؤامرة ده مش ممكن يعمل كده.. حرام.. ده رجل طيب ويعرف ربنا كويس..» وهو ما حاول دفاعه أمام محكمتي «أول درجة والنقض» تأكيده بالأدلة والدفوع القانونية اللازمة» حتي يكون هشام عند حسن الظن «رجل طيب وشريف ومش ممكن يعمل كده..»! ومعاً نفترض أنه وفعلاً «رجل طيب ومش ممكن يعمل كده» فمن فعلها؟ هذا السؤال يحتاج قبل الشروع في البحث عن إجابة شافية له إلي طرح أسئلة جديدة.. وهي من هذه النوعية.. «من هم أعداء هشام؟ كيف تم توريطه بهذه الطريقة المحكمة..؟» وهل لدي هشام نفسه ما يرفض الإفصاح عنه؟ وأيضاً من أعداء سوزان تميم؟ ومن كان يسعي بملء الإرادة والذكاء و«الغل» للتخلص منهما معاً؟ ولماذا تم اختيار السكري بالذات.. طعماً لهشام دون أي شخص آخر من أعوانه وهم كثر. ثمة سؤال آخر.. أعداء هشام هؤلاء مصريون أم عرب؟ وما مدي علاقتهم به؟ أو ما حجم الخلافات التي تعاظمت وصار من الحتمي حسمها بهذه الطريقة التي بدا أنها الأكثر «شفاء للغليل» لا تنس... نحن نطرح كل ذلك بافتراض أن هشام من الممكن أن يكون بريئاً.. هو افتراض لا أكثر.. لكن إذا صح ستكون في مواجهة سؤال واحد.. من قتل سوزان تميم؟ وهذا السؤال سيفجر دوامة من الأسئلة من قبيل. هل سيسعي هشام للانتقام؟ وكيف تكون المواجهة..؟ وما حجم الخسائر التي ستنجم عنها؟ حسناً لنسلم أولاً أن علاقة هشام طلعت مصطفي وسوزان تميم وصلت في التوقيت ذاته الذي تمت فيه الجريمة إلي درجة من التوتر والتأزم الذي تدهور بالعلاقة إلي نقطة «اللا عودة» وتورط هشام طلعت في جريمة مقتلها يفترض وجود من كان علي علم بمسار العلاقة.. وإحاطة كاملة بتطوراتها وما وصلت إليه.. كما أن تنفيذ الجريمة بهذا الشكل يقطع بأن المتربص بهشام وسوزان علي درجة فائقة من الكفاءة والذكاء بحيث يتحول من مجرد مراقب أو متابع إلي محرك لجميع الأطراف في المسارات التي يحددها نحو النهاية التي وضعها سلفاً كخاتمة مرضية جداً لغروره أو كبريائه أو أي منفعه ما. وعودة إلي بدايات القضية «في مساء يوم 28 يوليو عام 2008 تم اكتشاف مقتل سوزان تميم داخل شقتها في برج الرمال بدبي.. لم أقدم جديداً أليس كذلك؟ حسناً إليك هذه المفاجأة الغريبة: هل تعلم أن وكالات الأنباء بثت الخبر قبل وصول الشرطة أو علمها بوقوع الجريمة أصلاً..؟ ماذا يعني ذلك هذا لا يعني إلا أن شخصاً ما كان يتابع ويراقب بهمة عالية حتي ارتكب السكري جريمته ثم «طير» الخبر إلي وكالات الأنباء.. لكن لماذا اختار وكالات الأنباء أولاً.. هل لتفويت الفرصة علي التعتيم عليها.. هذا احتمال وارد.. لكن ها هي المفاجأة.. وهي بالمناسبة علي لسان مصدر أمني في شرطة دبي.. الرجل قال ذلك علي سبيل «الدردشة» ومن ثم لن أفصح عن هويته قال الضابط نصاً.. كنت تقريباً من أوائل من علموا بالخبر.. وطبعاً كان ذلك عن طريق وكالة أنباء.. سارعت بصحبة فريق من زملائي إلي مسرح الجريمة!!.. وبعد أن سرد ما شاهده أضاف: قمنا بعملنا بطريقة روتينية وفق أسس البحث الجنائي المعروفة.. وأثناء ذلك تلقينا اتصالاً من شخصية نافذة جداً أملت علينا في أي اتجاه سنسوق الأحداث.. لم يكن غريباً أن نعلن عن التوصل لهوية القاتل بعدها بخمس ساعات فقط. مهلاً سنضع ذلك في سلة واحدة مع الآتي: سوزان تميم كانت شخصية مثيرة للجدل «فاقت شهرتها كامرأة مثيرة للمشاكل شهرتها كمطربة..» علي فكرة ماتت وهي لا تزال مغمورة بلا رصيد فني يذكر» وعلاقات سوزان أو مشاكلها بدأت بزواجها الأول من لبناني يدعي «علي مزنر» ثم طلاقها منه وزواجها بعادل معتوق وهروبها منه فيما بعد ثم علاقتها بحارسها الخاص وهو العراقي «رياض العزاوي» ثم ما أشيع وتردد عن علاقتها بالأمير السعودي والملياردير «الوليد بن طلال» ثم هشام طلعت مصطفي ومحمد العبار.. بالإضافة إلي علاقتها بشخصيات نافذة في الإمارات وفي دبي تحديداً.. وجميع هذه العلاقات و«للمفارقة انتهت بمشاكل وخلافات لم تتنه إلا بعد وفاتها».. واللافت حقاً أن جميع الأشخاص الذين كانوا علي علاقة أو ارتبطوا بصلة ما مع سوزان كانوا أعداء أو علي الأقل بينهم خلافات وبين بعضهم البعض.. مثلاً هشام طلعت كان علي خلاف مع الوليد بن طلال وعلاقة هشام بالعبار لم تكن مستقرة.. كما أن هشام ومعتوق كانت بينهما سجالات لم تتنه في الحقيقة ورياض العزاوي دخل في خلافات مع عادل معتوق... باختصار شبكة معقدة من العداوات التي تمتد لجذور عاطفية ومادية وتجارية.. وجميعها عداوات كانت عابرة للبلدان.. لم تكن محلية في أي من أطوارها كانت مسارحها في لبنان ومصر ودبي والسعودية.. وظلت صراعاتهم دائرة قبل مقتل سوزان بأكثر من عام بشكل خفي وغير معلن.. نارًا متأججة تحت الرماد.. وكأنهم اتفقوا علي ذلك.. ظلت وتيرة الصراعات تتصاعد بشكل مخيف ومدمر بين هشام طلعت وأحد هذه الأطراف.. وكان لابد أن يتم حسم الأمور علي هذا النحو بدماء سوزان تميم التي أذلت بجمالها وجموحها الزائد عن الحد رجلاً لا يروي عطش كبريائه إلا الدم.. وهنا كان لابد من حياكة المؤامرة بهذا النهج المذهل.. وهو ما لن يكون ممكنًا سوي بوجود شخص ثالث كان علي علاقة بهشام والسكري.. وعلاقة وطيدة جدًا وبين الغريم.. وكانت مهمته نقل ما يدور بين سوزان وهشام إليه أولاً بأول.. وهو إذا صح سيمنح الغريم إحاطة كاملة بالسجالات الدائرة بينهما وبناء علي هذه المطبات كان الغريم قد استشرف ما يمكن أن تنتهي إليه علاقة العاشقين ومن ثم وضع مسبقًا خطة ما.. لكن الحظ كان كريمًا معه إلي الحد الذي وفر له الاطلاع علي ذروة الخلافات.. ونية هشام مثلاً في إرسال محسن السكري لتهديدها لتلفيق قضية لها كما زعم في التحقيقات عن طريق دس الكوكايين في البرواز الذي أهداه لها حتي نعود إليه طائعة لنجدتها.. لكن مخطط هشام لم ينته إلي ما زعمه السكري فقد تسلل شخص بشكل أو بآخر دون أن ترصده الكاميرات التي رصدت السكري ونفذ الجريمة وترك أداتها في مسرح الأحداث إلي جوار الجثة المضرجة في دمائها والتي كانت لتوها قد فتحت الباب للسكري الذي ادعي لها أنه مندوب شركة العقارات. هل يبدو ذلك مقبولاً.. وإلي أي حد.. سواء كانت الإجابة بنعم أو لا.. دعك من ذلك.. هناك شهادة لمحام كان يعمل لصالح عادل معتوق وهو يدعي عصام الطباخ.. قال إن معتوق كلفه بمتابعة القضية لكنه تنحي لأنه حسب ما صرح للعربية نت ليس مستعدًا أن يساهم في إدانة من وصفهم بالأبرياء.. وأضاف أن لديه خبرة عمرها 20 عامًا في القضايا الجنائية.. وهذه الخبرة تقطع له بأن السكري ليس هو مرتكب الواقعة لأنه كضابط أمن دولة سابق لا يمكن أن يرتكب 17 خطأ فادحًا كلها تؤدي إلي كشفه.. ولو كان هو منفذ الجريمة لم يترك دليلاً واحدًا ضده وتابع: معاينة النيابة وحدها تحتاج إلي 7 ساعات ثم عملية رفع البصمات وجمع الأدلة.. وتحريات مكثفة لكن المفاجئ والغريب أن الجريمة تم اكتشاف مرتكبها بعد 5 ساعات فقط من وقوعها. الطباخ قال أيضاً: هناك شخص ثالث ارتكب الجريمة لحساب شخص ما هو الذي حاك هذه المؤامرة وكان يتابع الأحداث لحظة بلحظة وهو الذي أبلغ الشرطة ودل رجال البحث علي اسم السكري. انتهي كلام الرجل.. لكن ما يثيره كلامه لم ينته.. ويكفي فقط حديثه عن ال 17 دليلاً التي تركها السكري فلو افترضنا أنه ساذج وغبي.. في 16 سببًا وقع فيها دون مبرر فالدليل رقم 17 وهو أداة الجريمة التي عثر عليها في مسرح الجريمة تؤكد أنه ليس هو فليس معقولاً أن يترك أداة الجريمة بجوار الجثة!. هذا كلام نجد له صدي في حديث سابق أدلي به اللواء منير السكري - والد محسن - عقب حبس نجله.. قال الرجل وهو لواء شرطة سابق ولديه خبرة عريضة في مثل هذه القضايا.. ابني بريء، لسبب بسيط وهو أن القتيلة تم نحرها وليس ذبحها والنحر طريقة معروفة لدي الشوام فقط. لكن هذا كله لن يحول دون طرح هذا السؤال.. فإذا كان السكري بريئًا فلم ورط هشام وقال إنه حرضه علي قتلها مع العلم إنه إذا اكتفي بالإنكار دون ذكر اسم هشام سيربح مساندة هشام له. هل يجوز أن نروي هذه القصة فمن الممكن أن نعثر علي إجابة؟ القصة تقول: عقب وصول خطاب الإنتربول الإماراتي للسلطات المصرية تم القبض علي السكري والذي مثل أمام جهات تحقيق شرطية في البداية.. وأمامها اعترف بتحريض هشام له.. اسم هشام طلعت وحده كان كافيًا تمامًا لإبلاغ وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي نفسه بهذه المعلومات فطلب العادلي فور علمه بإحضار السكري لمكتبه حتي يتأكد هو شخصيًا وهناك أدلي السكري بنفس الاعترافات فتم إخطار النائب العام وبعدها صدر قرار حظر النشر في القضية. في هذه الأثناء كانت فترة حظر النشر كما تذهب مصادر فرصة مواتية لإعادة ترتيب عناصر القصة من جديد والتي كانت مدبرة حقًا لهشام طلعت.. فتم التأكد من تطهير شخصية نافذة جدًا ورد ذكرها علي لسان السكري وهي التي تولت من وراء حجاب تحريك جميع الأحداث.. من خلال ضابط أمن دولة آخر كان يراقب السكري ويرصد تحركاته وهو أحد الذين تم التعتيم عليهم في هذه القضية حتي لا يطال الاتهام شخصيات لا قبل لأحد بمواجهتها أصلاً بإلقاء السلام. والمرجح أن كل ذلك تم تحت ضغط سياسي واقتصادي من شخصيات بارزة وحساسة في بلادها وهو ما أثاره دفاع المتهم أمام المحكمة بقوله بوجود مؤامرة خليجية للإجهاز علي هشام طلعت للقضاء علي نجاحاته ومعاركه الاقتصادية التي كان يخرج منها مظفرًا في حين يخسر غرماؤه بينما يستمر هشام في النجاح يواصلون هم الفشل وكلما زاد فشلهم وتعاظمت خسائرهم كلما ازدادوا إصرارًا علي الانتقام. لكن الدفاع لم يتطرق لنقطة كون الخسائر العاطفية وقودًا لا يستهان به في إذكاء بنيران المعركة المحتدمة بين هذه الأطراف. لكن لا يمكن قبول أن تظل دائرة الشبهات تحوم في هذا المربع وحده فالأمر يتطلب توسيع الدائرة إلي أقصي مدي وفي النهاية من الجائز جدًا أن تتشابك أطراف لم يكن يخطر ببال أن تكون قد اجتمعت علي ذلك كما أنه من الجائز أيضًا أن يكون القاتل شخصًا آخر تمامًا من خارج هذه الدوائر جميعًا. بعيدًا عما سبق.. لاتزال لدينا في كل الأحوال أسئلة مستعصية تخفي وراءها كما هائلاً من الأسرار.. هذا واحد من الأسئلة لماذا كانت سوزان بهذا السخاء في البوح بأسرارها لدي كل معارفها تقريبًا «والدها ووالدتها وشقيقها ومحاميتها وابن خالتها ومساعده وزوجها السابق عادل معتوق وغيرهم». وجميعهم كانت لديهم نفس التفاصيل وعلموا بها في أوقات متقاربه وجميعهم ليس لديهم دليل واحد علي صحة كلامه باستثناءات لا تستحق الذكر ولا تؤكد الرواية بقدر ما تثير الشكوك وعلامات الاستفهام. وكي نحتفظ بطزاجة السؤال الذي بدأنا به وكونه فعلاً يستحق البحث عن إجابة.. سنعرض أقوال اثنين من الشهود أدليا بأقوالهما في نيابة دبي.. حول الخطاب والمظروف الذي عثر عليه في مسرح الجريمة منسوبًا لشركة «بونر» للعقارات بدبي. الشاهدان يعملان بالشركة أحدهما سائق ويدعي «كاسنيلو» فلبيني الجنسية والآخر يعمل مديرًا إداريًا بالشركة اسمه أحمد الخفاجي وهو بريطاني من أصل عراقي. للعلم فقط.. من الطبيعي جدًا استدعاء خفاجي بوصفه مديرًا إداريًا بالشركة لسؤاله عن الخطاب لكن ما الداعي لسؤال السائق بالشركة «كاسنيلو» عن الخطاب..؟ ما علينا.. جاءت أقوالهما متطابقة تمامًا وقالا إن الرسالة رسالة السكري الموجهة للسوزان ليست صادرة من الشركة لأنها مكتوبة بلغة إنجليزية ركيكة جدًا كما أنه يوجد خط صغير في نهاية الصفحة أي تحت الإيميل والموقع الإلكتروني وليس هو النموذج الموجود علي خطابات الشركة الرئيسية، إضافة إلي أن الشركة تراسل عملاءها عن طريق رسائل علي الهاتف المحمول أو رسائل إلكترونية عبر «النت»، وقال الشاهدان أيضًا إن الشركة أصلاً لا تمنح عملاءها أي مزايا، أما المظروف فقالا إنه يختلف تمامًا عن مظروف الشركة ولفتا إلي أشياء غير ملحوظة في المظروف المعروض عليهما وتؤكد اختلافه عن المظروف الأصلي للشركة. طبيعي جدًا أن يدلي المدير الإداري بهذه الأقوال لأنه المسئول إداريًا عن أي شيء يتعلق بالشركة وعليه كان منطقيًا أن يدلي بهذه الأقوال.أما الغريب فهو تطابق ذلك مع أقوال السائق فما أدراه بمثل هذه الأمور ليدلي بهذه الأقوال التي تبدو بالنسبة له «فنية». لنعيد السؤال مرة أخري.. إذا كان هشام بريئًا أو حصل علي البراءة فمن فعلها.. يبدو الأمر ملغزاً حقًا لسبب بسيط وهو أن كثيرين لم تشغلهم الإجابة عنه.. اللهم إلا مزاعم وادعاءات لتبرئة ساحة هشام.. أما الحقيقة فلتؤجل حتي ينطق القاضي بصوته الرصين حكمه في آخر جلسة من جلسات إعادة محاكمة هشام طلعت مصطفي والسكري في قضية سوزان تميم.