أردوغان حث وسائل الإعلام على معاقبة أو فصل من ينتقدون الحكومة ورفع دعاوي ضد صحفيين بالتشهير في الوقت الذي تتجه فيه الأنطار إلى حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر باعتباره التجربة الأهم للحكم على إمكانية قيام نموذج حكم إسلامي في الشرق الأوسط لا يتعارض مع مباديء الديمقراطية وقيم الحداثة، يتحدث كثير من المراقبين عن إمكانية الاستعانة بالنموذج التركي، وتجربة حزب الحرية والعدالة الإسلامي في الحكم، لكن تقريرا صدر عن لجنة حماية الصحفيين ربما يكون صادما لكثيرين يتمنون تطبيق هذا النموذج في أكبر بلد عربي.
اللجنة قالت إن حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان شنت واحدة من أكبر حملات القمع لحرية الصحافة في السنوات القليلة الماضية وسجنت صحفيين أكثر من إيران أو الصين أو إريتريا.
ويمثل هذا التقرير من لجنة حماية الصحفيين إضافة لانتقادات من الاتحاد الأوروبي وجماعات حقوق الإنسان للدولة المرشحة لعضوية الاتحاد بسبب الاحتجاز الجماعي لصحفيين ومعظمهم يظل محبوسا الى حين النظر في قضاياهم.
ونحو ثلثي الصحفيين المحتجزين يغطون أحداث المنطقة التي تسكنها أغلبية كردية في جنوب شرق تركيا حيث تحارب الحكومة تمردا انفصاليا.
وانتقدت لجنة حماية الصحفيين التي تتخذ من الولاياتالمتحدة مقرا لها، ما وصفته ب"الاستخفاف العلني من أردوغان بالصحفيين واستخدام أساليب الضغط للتشجيع على الرقابة الذاتية" وإقامة آلاف الدعاوى ضد الصحفيين واتهامهم بتهم منها "إهانة القومية التركية".
وقالت اللجنة في تقرير من 50 صفحة "حالة حرية الصحافة في تركيا بلغت نقطة التأزم." وأضافت "وجدت لجنة حماية الصحفيين قوانين قمعية جدا... قانون للإجراءات الجنائية في صالح الدولة بصورة كبيرة ونبرة قاسية مضادة للصحافة تظهر على أعلى مستويات الحكومة."
وانتخب أردوغان للمرة الأولى قبل 10 سنوات بأغلبية ساحقة وأشرف على فترة من الرخاء غير المسبوق مما جعله موضع إشادة بين الدول الغربي، لكن وكالة رويترز تقول إن تزايد الانتقادات للشكل الشمولي لحكمه قوضت قصة النجاح التركية.
وتلفت الوكالة إلى هناك المئات من الساسة والأكاديميين والصحفيين موجودون في السجون لاتهامات بالتآمر ضد الحكومة في حين أن أكثر من 300 من ضباط الجيش أدينوا الشهر الماضي بالتآمر على اردوغان قبل نحو عشر سنوات وصدرت عليهم أحكام بالسجن لفترات طويلة.
حكومة أردوغان تقول إن أغلب المحتجزين محبوسون لجرائم خطيرة مثل الانتماء الى منظمة إرهابية مسلحة وليس لها علاقة بالصحافة. ونقلت لجنة حماية الصحفيين عن وزير العدل سعد الله ارجين قوله "تركيا تبذل جهدا لتحقيق توازن دقيق بين منع الإشادة بالعنف والدعاية الإرهابية والحاجة للتوسع في حرية الصحافة."
غير أن لجنة حماية الصحفيين ذكرت أسماء 76 صحفيا محبوسين منذ الأول من أغسطس وقالت إن 61 على الأقل احتجزوا فيما يتعلق بأعمال نشروها أو جمع أخبار. وفي الحالات ال 15 الأخرى كانت الأدلة أقل وضوحا.
ولم تتم ادانة أكثر من ثلاثة أرباع الصحفيين المسجونين وينتظرون البت في قضاياهم.
ونحو ثلث الصحفيين المسجونين متهمون بالتورط في مؤامرات على الحكومة أو العضوية في جماعات سياسية محظورة مع ارتباط عدد منهم بمنظمة "أرجنكون" القومية السرية المتهمة بالتآمر للإطاحة بالحكومة.
كما أن نحو 70% من الصحفيين المحتجزين من الأكراد المتهمين بمساعدة الإرهاب من خلال تغطية آراء وأنشطة حزب العمال الكردستاني الذي يعتبره الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة وتركيا منظمة إرهابية.
وذكرت لجنة حماية الصحفيين أن أردوغان حث وسائل الإعلام على معاقبة أو فصل العاملين الذين يوجهون انتقادات للحكومة. كما رفع عددا من دعاوى التشهير.
تدرك أنها محط أنظار من جانب دول الشرق الأوسط التي اجتاحها الربيع العربي، ولهذا أدخلت في يوليو إصلاحات، تقول اللجنة إن من شأنها تحسين حرية الصحافة وخفض العقوبات على جرائم مثل "محاولة التأثير على سير المحاكمة" والحد من رقابة على الدوريات المتهمة بنشر دعاية.