كنت أعتزم هذا الأسبوع أن أكتب مقالا وأجيب علي السؤال: لماذا قدري أبوحسين- أمين الحزب الوطني السابق لمحافظة سوهاج- محافظا لحلوان الآن وهل تم اختيار أبوحسين لأن حلوان كلها صعايدة «تجار وحرفيون ومهنيون» معروف أنهم الورقة الرابحة والحاسمة في الانتخابات أي انتخابات وهو صعيدي من سوهاج ابن قبيلة معروفة وله حضوره وهيبته وشعبيته بين أهله الصعايدة، فيستطيع أن يؤثر فيهم ويجمعهم حوله لصالح مرشحي الحزب الوطني في الانتخابات التشريعية القريبة المقبلة ومن ثم يأخذهم بعيداً عن اتجاهات سياسية مناوئة وعن تأييد أي مرشحين مستقلين آخرين احترفوا اللعب بهذه الورقة والفوز بها في كل منافساتهم وجولاتهم ومبادراتهم السياسية والشعبية. كنت أعتزم ذلك فعلا وتحديدا تلك الحكايات والشائعات والمعلومات التي تدور حول العلاقة الخاصة بين قدري أبوحسين وأمين تنظيم الحزب الوطني ورجل الأعمال أحمد عز ومدي أهمية وتأثير هذه العلاقة في أن يصبح ابوحسين محافظا مقابل أن تتحقق طموحات عز الحزبية والانتخابية ويتخلص من خصومه السياسيين في حلوان ، كل ذلك كنت جاهزاً له ومتأهباً أن أكتبه وعن أسرار وحكايات أزعم أنها حصريا ستكون لي وحدي ، ولكن عتاب الأبنودي وغضبه مني كان بالمرصاد فأرجئ ماكنت أعتزم القيام به إلي مقال الأسبوع المقبل إن شاء الله. نعم لم يخطر ببالي قط أن يغضب مني الأبنودي أستاذي وصديقي - إن سمح - لمجرد أنني كتبت قبل أسبوعين مقالا أتحدث فيه عن الذين يكتبون ولا يكتبون عن الصعيد وكيف أن أبناءه من كبار الكتاب والصحفيين والمثقفين وبمجرد أن يهاجروا منه يستقرون بالقاهرة ينسونه ويفرون من الكتابة عن همومه وقضاياه ومشاكله وطموحات وأحلام أهلهم هناك. لقد فوجئت بالأبنودي يعاتبني بشدة وينهرني عبر الهاتف قائلا : إيه يا عم الشيخ كل المثقفين والكتاب الصعايدة هم في نظرك خونة وأندال وناكرو الجميل لأهلهم وقراهم ونجوعهم وصعيدهم ، أين ما كتبه أمل دنقل ويحيي الطاهر والأبنودي من هذه النظرة الظالمة الجاحدة ، لأ أنت خلطت أبوقرش علي أبوقرشين يا عم الشيخ ولم تميز ولابد أن تصلح ما أفسده شيطانك ونظرتك . - ولكن يا خال أنت تعلم وتعرف أنني لم أخلط وأقصد مين بالضبط. - لكن مالكنش ، تقصد ماتقصدش ، كان لابد أن تفرق ، وكان لابد أن تشير حتي ولو بكلمة واحدة تقول وباستثناء، ولا أنت مالكش في الاستثناءات «ضحكت». - يعني يا خال أروح شمال أروح يمين إنت زعلان ، وأني لا أفكر في السفر إلي الإسماعيلية وزيارتك والاطمئنان عليك وعلي صحتك والاستماع إلي رأيك ومشورتك في فكرة مسرح جماعة الهجرة للجنوب للعرائس عرض السيرة الهلالية مسرح جماعة الهجرة للجنوب للعرائس وفيما قطعناه من مشوار كبير أوشك علي الانتهاء في إعداده وافتتاحه بعرض السير وتراث القصص الشعبي للصعيد بالعرائس وأن السيرة الهلالية ستكون هي العرض الأول وأعتقد أن هذه فكرة وسابقة فنية لم يشهدها مسرح العرائس في مصر من قبل وتستحق أن تسمح لي بالزيارة والاعتذار. - صلح غلطتك يا عم الشيخ وبعدين نتكلم ونتقابل وقال: يللا ياببس مع السلامة وانتهت المكالمة. في الحقيقة وإذا كان الاعتذار للأبنودي وأمل دنقل ويحيي الطاهر واجبا للسهو وإغفال أنهم هم الذين كان الصعيد حاضرا دائما وأبدا في إبداعاتهم الأدبية والشعرية خاصة الخال الذي إذا قرأت له «آخر الليل» سوف تستوقفك كتاباته عن قريته البلابيصا وبرطمان العسل الأسود وقنا عذاب الماء والصعيد السعيد، وكلها كتابات تعج بالهموم والآلام والذكريات ولما كان يعيشه المجتمع الصعيدي من تماسك وترابط بين المسلمين والمسيحيين كبدن واحد وكيف تغير حاله وزادت همومه ومشاكله وتعقيداته، فإن ذلك لا يعني أن نسقط حقنا في مطاردة بعض هؤلاء المثقفين من الذين يزايدون و يتاجرون بالصعيد ويزعمون أنهم حملة همومه وقضاياه والمتحدثين الرسميين باسمه والصعيد منهم براء .. وللحديث بقية إن شاء الله.