لم يكن المُستعمِر اي ما كان زمنه و ايدولوجيته و هدفه يحرص على اشاعة اجواء الجهل و التخلف في الدول الواقعة تحت سيطرته و حجب العلوم و محاربة العلماء حاملي مشاعل الحرية و الفكر المستنير لم يكن ليفعل ذلك الا ليحقق ذلك له السيطرة ويبسط نفوذه على اصحاب الارض المسلوبة حريتهم المستباحة عِزة اوطانهم.. فكلما شاع الجهل في وطن الا و افرغ اهله طاقاتهم في هدمه لا بنائه ( حتى و لو لم يدركوا ذلك او يتعمدوه ) و اغرقتهم المنازعات و الانشقاقات عن التكامل و التوحد حول اهداف اجدى و اهم و اسمى ترفع من شأن هذا الوطن و مستقبل اجياله .. تأتي هذه المقدمة كمدخل لموضوع هام اود طرحه في هذا المقال و هو الاحداث التي اجتاحت عدد من دول العالم الاسلامي عقب الترويج للفيلم المسيئ للنبي الكريم (ص) و التي تكاد تتطابق مع رودود الافعال غير المتزنة التي تعقب اقدام اي جماعة او شخصية على الاتيان بفعل به لهانة او تطاول على الاسلام و رموزه .. يقيناً ليس المطلوب الرضا عن هذه التجاوزات الفجة او مقابلتها بصمت العجزه .. لكن المطاوب منهجية الرد و جدوى نتائجه .. و كذلك لابد لنا من لحظة تآمل لنتساءل .. لماذا دوماً نغضب و نثور و نفور ثم نخلد فجاءة للسكون و الهدوء و كأن شيئ لم يكن .. ليظفر المسيئين بالشهرة و الصيت و المال احيانا بفضل دعايتنا المجانية لهم ..
و لنقوم نحن بحصر الخسائر التي خلفتها مواجهاتنا لبعضنا البعض ( رجال امن & متظاهرين ) و علاج جرحى هذه المواجهات ودفن موتاها ان تطورت هذه المواجات لشكل اكثر دموية .. و عندما نتساءل و ماذا حدث بعد كل هذا؟ بعد قتالنا لبعض البعض و تخريب ممتلكاتنا بايدينا .. نجد النتيجة لا شيئ .. بل اني لأتخيل المسيئين لمقدساتنا و هو يضحكون علينا في كل مرة ملأ شفاههم و يتمتمون ما اسهل دفع هولاء الناس السذج البلهاء الى تدمير اوطانهم و بأدني جهد من جانبنا.. و كيف في كل مرة تشتعل فيها الاحداث نتيجى اساءة ما يظهر فجاءة مجموعات من مشعلي الفتن و من يزكون نيران الغضب في صدور الشباب الغر و البسطاء ( يمكنك سيدي القارئ ان تُعرفهم بشيوخ متعصبين ..او مدعين .. مزايدين .. قل عنهم ما تشاء ) ثم حين تزداد سخونة الاحداث و اشتعالها يختفي فجاءة هولاء الاشخاص حاملي لواء الفتن و مروجي نُذر التدمير.. بل لا تندهش حين تجد منهم من ينتقلون امام الكاميرات للظهور بمظهر الحكماء محاولي السيطرة على غضب الغاضبين مُبتغين تهدئتهم .. من هنا نعود لبداية المقال .. ان اجواء الجهل و التخلف حين تسود مجتمع تصبح الحرية لدى غالبيته تعني الفوضى اللا مسئولية .. و الغضب حتى ولو للحق لا يتم التعبير عنه الا بسلوك اجرامي اهوج .. بلا طائل منه او جدوي من ورائه ..
و لهذا وجدنا ان الليبيون مثلاً العاجزون الى الان عن بداية عهد جديد بعد رحيل القذافي و التجمع خلف قيادة واحدة لاعادة بناء بلادهم على اسس من العدالة و المساواة قد وجدت جماعة منهم طاقة التنفيس عن الغضب للاساءة للنبي الكريم (ص) في قتل السفير الامريكي لديهم في فعل اجرامي لم يرُد الاساءة بل اساء لأهل ليبيا و للمسلمين جمعيا .. فهل وصل بنا الحال الى استباحة دم المستئمنين؟!!!! و في مصر لم يختلف الحال في رد الفعل على هذه الاساءة من فوضى و تهريج و خروج على القانون و كل هذا و الاساءة للنبي الكريم (ص) لم تمحُها هذه الافعال الصبيانية غير المتزنة او المقبولة .. في حين عندما اراد اليهود اجبار العالم على الاعتراف بأمر هو محل شك و سجال تاريخي ( المحرقة النازية ) كانت خطواهم اهدأ لكنها اعمق اثراً و اكثر جدوى و تأثير .. اخترقوا شرايين اقتصاد العالم و ميادين علومه و ساحات قوته فاجبروا الجميع على اعطائهم ما يبغون .. عن حق ام لا لذلك حديث اخر .. المقارنه هنا في الغضب و منهجية التحرك للرد .. و بينما نحن يتلقى شبابنا و بسطائنا الشحن بامراض التعصب و الفتن ممن يطلقون على انفسهم مشايخ و الفضائيات عامرة بهم ممن اغلبهم ليسوا اهل للحديث في الدعوة او عن الدعوة .. يا ازهرنا الحبيب يا قلعة الاسلام و رمز العلم و السماحة و الوسطية .. الى متى ستظل على هذا الغياب ؟