الصحيفة البريطانية: محاولات من الإسلاميين داخل اللجنة لتمييع أو الانسحاب من الاتفاقيات الدولية لحماية النساء بدعوى مخالفتها للشريعة البعض في لجنة كتابة الدستور يسعون لإلغاء الأحد الأدنى لزواج الفتيات ويعارضون حظر الإتجار في البشر لأنه يمنع الآباء من تزويج فتياتهم القصر
عريس عجوز يجر بيده فتاة صغيرة ترتدي ثوب زفاف، تحمل دميتها في شكل دب. "حسنا"، يتنهد العجوز وهو يقول، "سآخذك إلى حديقة الملاهي فقط بعد أن نتم زواجنا".. صدرت صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية واسعة الانتشار، بهذا الحوار المأخوذ من أحد الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها أحد الصحف المصرية، وانتشرت على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، لتبرز مشاعر السخط والقلق في أوساط نشطاء حقوق الإنسان في مصر، تجاه محاولات التيارات الإسلامية التي تهيمن على عملية كتابة الدستور الجديد، تقليص حقوق النساء والأطفال. وأشارت الصحيفة إلى أن من بين المشاركين في كتابة الدستور، رجل الدين السلفي المتشدد محمد سعد الأزهري، وهو إلى جانب آخرين في لجنة كتابة الدستور، يريد إلغاء القوانين التي تحدد سن ال18 كحد أدنى للزواج للفتيات. وقالت الصحيفة إن الأزهري الذي يدين الاتهامات بأنه يؤيد زواج الأطفال، يريد أيضا أن يلغي بندا مقترحا يحظر الاتجار في النساء، قائلا إنه يخشى من أن يستغل في ملاحقة الآباء الذين يزوجون بناتهم القصر. بينما النص الذي تناقشه اللجنة الآن يحظر الرق وتجارة الجنس.
وما يثير فزع النشطاء الحقوقيين -والحديث للصحيفة- أن الإسلاميين الذين يهيمنون على لجنة كتابة الدستور جعلوا من الواضح أنهم يؤيدون تمييع أو حتى الانسحاب من التزامات بالاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الأطفال ومنع التمييز ضد النساء. وهم يتذرعون بأن هذه التدابير الموجودة في الاتفاقيات تخالف الشريعة الإسلامية. وتلفت الصحيفة إلى أن فحوى المناقشات، مصحوبة بالأخبار التي تخرج من اجتماعات لجنة كتابة الدستور، تسببت بحالة من القلق الجنوني في الصحافة والمحطات التليفزيونية، حيث يخشى الليبراليون أنهم باتوا في حصار متزايد والمدافعون عن حقوق النساء يحاولون رد الهجوم عبر البرامج الحوارية المسائية. هؤلاء يخشون -وفق التايمز- من انتكاسة وشيكة للمكاسب التي تحققت للنساء في السنوات الأخيرة في ظل حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي أدت جهوده لتلميع صورة نظامه المستبد في عيون الغرب إلى تحسين حقوق النساء فيما يتعلق بالطلاق وحالات احتجاز الأطفال. وتوضح أن مايعرف ب "قوانين سوزان" نسبة إلى السيدة الأولى السابقة، التي ساندت هذه التشريعات، أعطت للنساء إمكانية الحصول على طلاق سريع، بدلا من سنوات طويلة من المماطلات القضائية تكون المرأة خلالها لا مطلقة ولا متزوجة، في حين أن لزوجها الحق في الزواج بثانية. وقالت الصحيفة إن صعود الأحزاب الإسلامية منذ سقوط مبارك، كان مصحوبا بمطالبات بمراجعة قوانين الأسرة، والإسلاميون وغيرهم يقولون إن "قوانين سوزان" كانت مخالفة للشريعة الإسلامية. وفي حين أنه لا جماعة الإخوان المسلمين ولا الرئيس مرسي ولا السلفيين المتشددين خرجوا بخطط محددة لإحداث تغييرات في قوانين الأسرة، إلا أن الخطاب الذي يستخدمونه شديد المحافظة وعدائي جدا لتعزيز حقوق النساء. الصحيفة أشارت كذلك إلى انسحاب منال الطيبي عضو اللجنة الأسبوع الماضي، لأن الأعضاء الإسلاميين رفضوا اقتراحها بأن النص على أن الدولة ملتزمة بمنع "العنف ضد النساء" حيث قالوا إن ذلك سيقيد الرخصة التي تعطيها الشريعة للرجل باستخدام العنف المحدود لتأديب الزوجة أو الطفل، وكذلك عارضوا اقتراحا يمنع ختان الإناث. وتلفت التايمز إلى أن الختان كان غير قانوني في مصر لسنوات طويلة، لكن الرئيس مرسي نفسه أثناء حملته الانتخابية إن الختان شأن خاص متروك للأسرة.