ياااه.. ع الزمن.. كنا فين وبقينا فين قوللى: مصر ليه انطفى.. وطفانا جنبه.. يا خال؟!!عندما يكتب عبدالرحمن الأبنودى الصعيدى الأصيل ويجمع تناتيش الذكرى بموال.. لجمال!! تستعصى علىَّ الكلمات رغم أن قلبى مسكون بحب جمال وعقلى مشغول بأفكاره وحياتى هى جزء من حلمه بالعدل والاستقلال والكرامة. أنا لا أحتاج إلى ذكرى الميلاد أو الموت لأكتب عن جمال عبدالناصر، لأنى أستحضر- كل يوم- مواقفه القوية وصوته الجميل وطلته الحلوة ونظرة الحنية فى عيونه وقراراته الممزوجة بالكرامة وقلبه الذى يسع الفقراء والأرض والأوطان.. ولكن الذكرى تكثف الزمن خاصة صوت حين يكون الزمن «معكوس» رغم أن الثمن مدفوع! كنا فى ميادين مصر جموعاً لا آحاد.. رغم أن الهتاف واحد والهدف واحد لكن الكل كان واحد.. لا أحد يسأل أحداً عن اسمه ولا دينه ولا أصله ولا فصله.. يجمعنا ويعرفنا ويقسمنا رغيف العيش وشربة الماء ولما يشتد الكرب نتقاسم الكمامات والخل والبصل. نفترق ونتقابل 81 يوما.. بواب وصاحب بيت.. مريض وطبيب.. عامل ومهندس.. تلميذ ومدرس.. واحدة من الإسكندرية وواحد من أسوان.. رجل على يده صليب وسيدة على رأسها طرحة.. جموع لا آحاد.. نظفنا الميادين ولونا الأحجار وعدنا إلى بيوتنا مطمئنين مصدقين غير واعين أن هناك من يخطط ليخطف الحلم، ليخطف مصر. قال لى عزيز من أهلى «كل اللى عملتوه ده ح يروح للإخوان» ولم أصدق لأنى كنت أعتقد:وفى زمنه ما عشناش آحاد كنا جموع فى زمن ناصر
وتحققت نبوءة العزيز من أهلى رغم أنها كانت مبكرة.. وجاء زمن استفتاء ال «نعم» للجنة وال«لا» للنار.. وزمان الانقسامات العظيم والاتفاقات الخسيسة.. وانتخابات استغلال حاجة الفقراء بعد أن سرق الفساد طعامهم وجهل الجهلاء بعد أن أغلقت مجانية التعليم فى وجوههم. وسرى الكذب فى ربوع الشوارع وتصريحات الصحف وليالى التليفزيون وتغيرت الوعود والعهود والوجوه.. وبقينا فى زمن لا يعرف قيمة مصر. دلوقتى بس اللى فهمناه لا كان حرامى ولا كداب ولا نهبها مع اللى معاه آه يا خال.. يا من تسكن الإسماعيلية «جبرا» من أجل الوجع الذى لا يصيب سوى قلوب المحبين، وكأن القدر قد اختار لك الابتعاد عن زحام وقذارة وعناكيب القاهرة التى قهرتنا بعد أن عشنا فرحة الحلم واختارت لنا كابوس الكآبة. دلوقتى رجعوا الفقرا خلاص سكنوا جحورهم من تانى رحل معاك زمن الإخلاص وجه زمن غير إنسانى ماهوش زمن عبدالناصر بقينا فجأة فى زمن التصنيف والتخوين والفرقة.. زمن مسلم ولا مسيحى.. رجل ولا امرأة.. من بحرى ولا من النوبة.. سلفى ولا علمانى.. القرض ربا ولا حلال.. وعدنا من تانى إلى زمن أجيب لكم منين؟ زمن انتقال خطب الجمعة من منابر المساجد إلى منابر الجمعية العامة.. عرفت ليه يا خال وعرف المصريون معاك: صوت مصر ليه انطفى.. وطفانا جنبه.. يا خال؟!! ولكن أنت قلت مرة زمان أبدا بلادنا للنهار بتحب موال النهار