لا أعرف ماذا تنتظر شخصيات مثل عمرو موسى وأيمن نور وبهاء الدين أبو شقة وعبد العليم داوود وفاروق جويدة ومحمد أنور السادات ومنار الشوربجى ووحيد عبد المجيد، حتى الآن من عضويتهم فى الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور. ماذا ينتظرون وقد بان واتضح أن هناك من كتب الدستور من خارج هذه الجمعية وأن أغلبية الأعضاء المختارين من قبل مجلس الشعب «المنحل» متوافقون ومتحولون ويسعون إلى إرضاء السلطان الجديد.
لقد فضحتْهم منال الطيبى التى قدمت استقالتها من الجمعية التأسيسية بعد أن حاولت كثيرا توصيل صوتها وتخيلت فى البداية أن تلك الجمعية تمثل أطياف المجتمع المصرى، وأن الدستور سيكون معبرا عن الشعب المصرى وسيكون نقلة حضارية لبناء مجتمع مدنى ديمقراطى سليم يحترم الجميع ويقرّ الحريات بشكل مطلق،. ويسعى إلى جمع الأطياف فى دولة مدنية تقوم على العدل والمساواة والقانون والمواطنة.. وكل ذلك يتلاءم مع تضحيات شعب خرج ضد الاستبداد والظلم والقهر الذى فرضه مبارك وعصابته الذى حكم البلاد لمدة 30 سنة.
لقد جاءت التسريبات عن المواد التى يصوغها أعضاء التأسيسية لتقدم لنا أسوأ الدساتير فى العالم، وأسوأ من دستور 71 الذى حكَمنا به السادات ومبارك، وذلك من قبل أن تؤكد منال الطيبى ذلك.
.. ولعل مراجعة أخرى للأسماء المشاركة فى الجمعية التأسيسية -ورغم أنهم ليس لهم فى الطور أو الطحين- نجد أن بعضهم كان ضد الثورة، وبعضهم كان يدافع عن مبارك ونظامه خلال ال18 يوما فى الثورة.. ولكنهم تحولوا وركبوا موجة الثورة ودخلوا الأحزاب الدينية ليبحثوا عن دور لهم فى المرحلة الجديدة.. ويا للمصيبة أصبحوا ممثلين لتلك الأحزاب فى الجمعية التأسيسية.. وبعضهم أُطلق عليه «شباب الثورة».
.. فإن المشاركة فى تلك الجمعية التأسيسية هو العار.
.. ولا يكفى أن يقدم الدكتور وحيد عبد المجيد مذكرة شديدة اللهجة تحمل عددا من الملاحظات إلى لجنة الصياغة بشأن المواد المتعلقة بحرية الرأى والتعبير.. وإنما لا بد من موقف يفضح تلك اللجنة التى تعيدنا إلى الوراء سنوات كثيرة.
وقد ناضل الكثير من الناشطين ودعاة الديمقراطية والحرية فى عصر مبارك، وقد حصلوا بالفعل على بعض المكاسب البسيطة كإلغاء الحبس فى قضايا النشر، وهو يتعلق بالجميع وليس تمييزا للصحفيين، كما يعتقد البعض عن جهل من أعضاء الجمعية التأسيسية وبعضهم يحمل درجة الدكتوراه وقيادى فى حزبه.. وله مشورة مهمة لدى النظام الجديد.. ويأتون الآن ليعيدوا هذه النصوص وفى الدستور ليبينوا جهلهم العظيم «بالدساتير» والقوانين.. فلا يوجد فى دستور أى دولة فى العالم نص على الحبس فى قضايا النشر وإنما هناك أمور عامة كإطلاق الحريات، أما تنظيمها فهو ما يتعلق بالقوانين بعد ذلك.
.. لكن قد وقعنا فى بعض الجهلة الذين استطاعوا أن يسطوا على منجزات شعبية ونضال عبر سنوات.. فلا بد من كشفهم وفضحهم.
.. وللأسف الشديد يجرى ذلك بمشاركة نقيب الصحفيين الذى يريد أن يحافظ على مكاسبه التى سطا عليها من جماعة فقيرة فى الكفاءة.. ومنحوه الملف الصحفى ليأتى بأتباعه على رأس المؤسسات الصحفية وفى المجلس الأعلى للصحافة الذى يمثل مؤسسة نظام مبارك ويهين منصبه النقابى ويقبل أن يكون وكيل المجلس.. وفى نفس الوقت رئيس مجلس إدارة «الأهرام» ليعيد إنتاج إبراهيم نافع، الذى صمت أحمد فهمى «صهر الرئيس» عن متابعة قضيته وأوراقه واتهامه بالفساد والإفساد بناء على تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات الذى ناقشه مجلس الشورى ولم يحله إلى جهات التحقيق!!
يا أيها الذين فى «التأسيسية».. خذوا موقفا وانسحبوا منها.. فلن يشفع لكم التاريخ فى مواقفكم.