عندما تغيب المعايير،تكسو المجتمع صبغة برجماتية تضيع فيها ألوان هوية منظومته الاجتماعية و القيمية ، وتصبح حتى الأحكام الشرعية قطعة قماش يفصلها فقهاء الصولجان على مقاس الوالي ،فيخفت صوت الحق و تضل الحكمة باب السلطان ، ويسود أهل الثقة وإن جهلوا ويغيب عن المشهد أهل الخبرة وإن كانوا علماء بارعون. صدع الإخوان المسلمون أدمغتنا بمشروع النهضة الذي سيجلب الخير لمصر بتخطيط علمي لمشروعات عملاقة وحلول ناجعة لمعضلات مصر الاقتصادية ، ولم يترك الرئيس مناسبة في دعايته الانتخابية إلا وتحدث فيها عن المشروع الكبير الذي سيقضي على البطالة وسيرفع مستوى الخدمات ويسد العجز في الموازنة العامة و سيوفر 200 مليار جنية سيولة دون أن يكلف خزانة الدولة أي أعباء إضافية ، إلا أن الأيام كشفت على لسان نائب المرشد العام للجماعة و رجلها القوي م. خيرت شاطر أن جماعة الإخوان المسلمين لا تمتلك "مشروعا للنهضة" وأن الإعلام أساء فهم القضية.
الحقيقة يا سادة أن مشروع النهضة المزعوم ما هو إلا كذبة كبيرة من أكاذيب الجماعة أو بالأحرى فنكوش كبير على طريقة فيلم " واحدة بواحدة " للزعيم عادل إمام والنجمة ميرفت أمين.فمشروعات الفنكوش حملات كشفية لجمع القمامة وتنظيف الشوارع و ودعاوى ساذجة لترشيد استهلاك الكهرباء تطالب عامة للشعب المصري بارتداء الملابس الداخلية القطنية والتجمع في غرفة واحدة لتوفير الكهرباء و للأمانة انخفض استهلاك الكهرباء وارتفعت معدلات النمو السكاني ووصلنا ل 91 مليون نسمة . كما تبخرت وعود ال 200 مليار جنية وظهرت الحقيقة للعيان بقرض من البنك الدولي بما يقارب ال 5 مليار دولار تسبب بمجرد الموافقة عليه في تراجع الجنيه المصري لأدنى مستوياته لأول مرة على مدار أكثر من 7 سنوات . الشعب وحده من يدفع الثمن بعد أن تحولت أحلام استقلال القرار السيادي والكلمة التي تصدر من الرأس إلى جبلاية القروض .. وغدا سيلاعبنا البنك الدولي ألعاب كثيرة أهمها "عجين الفلاحة "و" نوم العازب " بعد ان أمتلك العصا والجزرة.
الطريف أن د.محمد مرسي حينما كان نائبا في برلمان 2005 أعلن رفضه المسجل بالصوت والصورة تحت قبة البرلمان لقرض من نفس الجهة مبررا رفضه بأن فوائد البنك الدولي عين الربا إلا أنه حينما أصبح رئيسا تحولت فوائد البنك الدولي إلى حلال زلال ، ومن ربا فاحش إلى مصاريف إدارية!
الأخوان لديهم جيش من فقهاء الصولجان ويتامى السلطان لديهم قدرة فائقة على قلب الحقائق بفتاوى معلبة جاهزة في كل حدب وصوب، ناهيك عن مليشياتهم الالكترونية التي تهاجم وتجرح كل معارض بأسلوب فاضح.
قانون الطوارئ الذي أعده وزير العدل المستشار أحمد مكي وثبة جديدة تجاه إعادة استنساخ نظام مبارك و تعجيل بكلمة النهاية لزمن الأخوان، لا أعلم كيف من عانى ظلم وجور قانون الطوارئ في عهد مبارك أن يعيد إنتاجه مرة أخرى؟ .. كيف يمتلك القدرة على الدفع بالأسانيد والمبررات بنفس القوة سواء كان في معسكر المعارضة أو الموالاة؟ كيف تمتلك ذات الحماس في الدفاع عن الشيء ونقيضه عن الحرية و القمع، العدل والظلم ، حرية الرأي وتكميم الأفواه.
على د. محمد مرسي أن يعلم أنه لا ديمقراطية بغير معارضة قوية وأن الاستهانة بالمعارضين والتقليل من شأنهم وعدم الاستماع لمطالبهم حتى وإن كانوا عشرات تزيد أعدادهم وترفع من سقف مطالبهم ،وأن النظام الذي يخشى الكلمة كيان هش سرعان ما يتداعى مع أول صرخة سيطلقها المصريون الذين لم يعودوا كما كانوا وتخلصوا من عادة نومهم الثقيل ، فلن يستمر سباتهم 30 عاما. خلاصة الكلام من علامات النفاق: أن يحب المرء المدح بما ليس فيه ويكره الذم بما فيه ويبغض من يبصره بعيوبه. وقال أحد الحكماء:أربعه تؤدي إلى أربعه :- العقل للرئاسة , والرأي للسياسة , والعلم إلى التصدير ,والحلم إلى التوقير.