غاب النبى - صلى الله عليه وسلم - عن خادمه «ثوبان»، وحينما عاد قال له «ثوبان»: اشتقت لك يا رسول الله، وبكى، فقال النبى -صلى الله عليه وسلم- «أهذا ما يبكيك؟». فقال ثوبان: لا يا رسول الله، لكن تذكرت مكانك فى الجنة ومكانى، فذكرت الوحشة! فقال له النبى -صلى الله عليه وسلم- «يا ثوبان المرء يحشر مع من أحب».
وجاء أعرابى إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال:
متى الساعة؟!
قال له النبى: «ما أعددت لها؟».
قال: إنى أحب الله ورسوله.
قال: أنت مع مَن أحببت.
وقال النبى أيضا: والذى نفسى بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا.. ولا تؤمنوا حتى تحابوا».
هذا هو جزاء الحب، الجنة!
لكننا نهمس حين نحب، ونصرخ حين نكره، رغم أن الحب فرض، والحب رسالة، بشرط أن نصدق فى الحب، وأن نُحسن اختيار مَن نحب!
لذلك أحب صدق أبى بكر الصديق، وعدل عمر بن الخطاب، وحياء عثمان بن عفان، وشجاعة علِى بن أبى طالب، وثقة حمزة بن عبد المطلب.
وأحب قلب خديجة بنت خويلد، وروعة عائشة بنت أبى بكر، وإنسانية فاطمة بنت محمد، وصيام حفصة بنت عمر، وحكمة أم سلمة، وإيثار سودة بنت زمعة، وبركة جويرية بنت الحارث، وزهد زينب بن جحش، وإخلاص سمية بن الخياط، وجهاد أم عمارة، وصبر الخنساء، وحسن تصرف أسماء بنت أبى بكر، وعلم السيدة نفيسة.
وأحب ذكاء خالد بن الوليد، وقوة القعقاع بن عمرو، وثبات بلال بن رباح، وأمانة أبو عبيدة بن الجراح، وإنفاق عبد الرحمن بن عوف، ومثابرة عبد الله بن عمر، وصبر عمار بن ياسر، وفداء خباب بن الأرت، ووضوح حذيفة بن اليمان، وإيمان عبد الله بن مسعود، ومعارضة أبو ذر الغفارى، وفروسية المقداد بن عمرو، ونور عباد بن بشر، وعلم عبد الله بن عباس.
وأحب قرب أسامة بن زيد من النبى، وقدرة سلمان الفارسى فى البحث عن الحقيقة، وعلم معاذ بن جبل بالحلال والحرام، وخلق جعفر بن أبى طالب، وحكمة أبو الدرداء، ومكانة الزبير بن العوام عند النبى، وبطولة سعد بن أبى وقاص.
وأحب طلحة بن عبيد الله الشهيد الذى يمشى على قدمين، واستشهاد سعد بن معاذ الذى اهتز عرش الرحمن لموته، وعبادة سالم مولى أبى حذيفة.
وأحب نصيحة الإمام أبو حنيفة النعمان: إياك أن تكلم العامة فى أصول الدين من الكلام، فإنهم قوم يقلدونك فيشتغلون بذلك.
وأحب حرص الإمام مالك بن أنس، على تحرى الدقة، وحبه العلم، وقوله: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه.
وأحب نُبل الإمام أحمد بن حنبل، وقوله حين سُئل: كم بيننا وبين عرش الرحمن؟