بعد الصدمة التي تلقاها الشعب المصري جراء جريمة الحدود التي راح ضحيتها 16 شابا، اكتشفنا أننا أمام دولة كبيرة الحجم والقوة لكنها ضعيفة الارادة، دولة أشبه بشخص بدين فضل أن يأكل من زاد غيره ولا يتحرك، على أن يكون رشيقا يأكل من عمل يده. هذه الدولة العاجزة هي نتاج سنوات طويلة من الحكم الخياني والمعادي للانسانية الذي سيطر عليها بنخبه الحاكمة، وحرمها من أن تعيش شبابها. وفي أزمة الحدود اكتشف المصريون أن كثيرا من أهل الحكم في النظام الحالي وكذلك من النظام البائد لا تعنيهم الدولة بقدر ما يعنيهم سلطانهم والمزايا والمكتسبات التي جنوها طوال السنوات الماضية وكيف يحمونها. لكن هل سيسمح شعب قام بثورة متفردة في التاريخ الانساني أن تسرق ثورته؟ واذا كان الشعب المصري قبل أسابيع انتخب رئيسا بارادته الحرة لأول مرة في تاريخه، فهل يتحمل الرئيس المنتخب مسؤولياته ويستقوي بالشعب على أعداء الثورة؟
الواقع يقول أن هناك الكثير من أعداء الوطن والثورة يواجهون الرئيس محمد مرسي ويعملون على افشاله وهم يدركون ان افشال الرئيس المنتخب هو افشال لمصر واستمرار لكبوتها، لكن هل أداء الرئيس على مستوى المسؤولية؟. قد يكون الرئيس على مستوى المسؤولية لكن تعامله مع الأحداث قد يجعلها تخرج عن سيطرته المنقوصة أصلا وبعد أسابيع أخرى سيتحول الى عصام شرف جديد، يتم بعده عزله ودخول مصر في مرحلة جديدة من ضبابية الرؤية والمستقبل.
المتابع للرئيس مرسي منذ حملته الانتخابية التي دخلها بغير اختياره، يعلم انه قادر على الفعل، لكن فعله يقع تحت ضغوط قوية تجعله يتمعن في قراراته وتحركاته قبل أن يتخذها، وسببت له نقيصة البطء، ورغم أن الرئيس بدا قويا في خطاب التحرير وقرار عودة مجلس الشعب المنحل، الا أن أداءه الاصلاحي في العمل التنفيذي لا يتناسب مطلقا مع شعب ثائر يتطلع وبلهفة الى رؤية التغيير الذي ينشده، قرارت الرئيس حتى وان كانت مرضية نوعا ما وعلى العكس تماما مما كان يفعلها النظام البائد، الا أنها تتسم بالبطء، وما أدراك مالبطء، تلك الحالة التي خلعت أخر الفراعنة عن حكم مصر، اضافة الى أن ما يدور في أروقة الحكم يتسم أيضا بالتعتيم وعدم المصارحة وهي كانت سببا رئيسا لخلع حسني مبارك.
الرئيس مرسي يواجه حربا شرسة من اتجاهات عديدة على رأسها نخبة الخراب التي تزعم أنها ليبرالية أو تقدمية وهي في حقيقتها فاشية، وأصحاب المصالح من رجال أعمال وأمن واعلام يسعون للحفاظ على مكتسباتهم ويقاومون التغيير، وأخرون بسطاء يخضعون لتأثير النخبة 'العكاشية' التي بدأت تنمو يوما بعد يوم حتى بين من اعتقدنا يوما أنهم مناضلون.
المصريون صبرهم فاق الحدود، لذلك فإن الرئيس مطالب وبشكل فوري اتخاذ قرارت قوية وحازمة ورادعة لمن تتنوع صفاتهم بين العمالة والمصلحة والتهريج والذين يقودون الشارع حاليا ضده، واقلها اجراء حركة تغيرات كبيرة وواسعة في أجهزة الأمن والمخابرات ومبنى الاعلام الفاشل على نهر النيل، واعادة الأمور الى نصابها واعادة هيبة المنصب وقوة قراره حتى ولو لم يرض أولئك المرتجفين. http://www.facebook.com/ahmed.k3oud